زينــة وعــرش المــلك..قصة قصيرة

خرج الملك في نزهته اليومية المعتادة بين المروج ليستمتع بالحدائق المعشوشبة وأزهار السوسن ليري القمر ليلا ويسأله كما هي عادته : "هل غيرتك الحياة ؟؟"

خرج في ملابسه البسيطة التي لا تظهر ملكيته ولا سطوته فهو يخرج ليطمئن علي أحوال الرعية في كل ليلة..وبعد ان ترك الحديقة وخرج الي وسط البلدة وجد إمرأة باكية تجلس بجوار شجرة فحاول أن يهدئ من روعها وقال : "ماذا يبكيك يا إمرأة ؟ "

إلتفتت تنظر الي محدثها بعينيها العسليتين فقهره المشهد وتراجع الي الخلف فجأة .فأحيانا الجمال يقهر كما الحقيقة..لم تري عيناه مثل هذا الجمال الصاعق من قبل قال لنفسه "فبأي الاء ربكما تكذبان" عندما رأي معجزة تلك العيون الغارقة في المسرات والمثيرة للعبرات..

قال "في عجز وضعف امام جمالها بصوت مرتجف" : ما..ما..ماذا يبكيك ؟؟

قالت : ربما الحياة وربما رحلة بحثي..

قال: وعن ماذا تبحثين ؟

قالت : عن الحياة او الحب ايهما اقرب..

قال "في سعادة" : نفس رحلتي ..نفس احساسي

قالت "وهي تكفكف دمعها وشعورها انها وجدت ونيس" :  وهل تجد الحياة في الحب ام الحب ضيفا في الحياة ؟

قال : الحياة إمرأة حبلي متوترة يمسك بيديها اليمني الحب ويمسك باليسري الأمل فيخرج هذا الطفل المدهش الجديد انت الجديدة حياتك الجديدة..

قالت : حدثني عن الحب ..

قال "وهو ينظر اليها بلهفة غريبة" :

 الحياة جنسية والحب وطن..
الحب حرية مطلقة في قفص من حرير..
وهو ليس المعجزة بل يظل دائما مرحلة الاعتراف بها ..مرحلة لا تنتهي من الاعترافات..
الحب ليس هو حقيقة الوفاء بل هو وفاء دائم للحقيقة..حقيقته المطلقة وأبديته السرمدية..
الحب انفصام كيان الي نصف عاشق ونصف يعشق أكثر..
الحب ليس ان تعيش كالملاك بل ان ياخذك الملاك كل ليلة وكل هلوسة مسائية الي عالمه السعيد..
الحب ثلث من كل شئ..ثلث الجمال..وثلث السعادة..وثلث الكمال..ليخرج منهم قلبا صحيحا ..
الحب واحة قمرية تسابق فيها القمر للحظة الوصول لشمس وجودك..
الحب كما استنساخ الروح فروحك مجسدة في كل شئ وفي كل زهرة..
الحب بشارة اليقين واثارة للأنين وكنزك الثمين ..
الحب عذوبة الكلام ونيرفانا الغرام ووجد لا ينام..
الحب "إلياذة" قلب و "سونيتات" أمل..

قالت : من كلامك اظنك عشقت من قبل ..

قال : بل اتنازل للحب عن العرش الأن..

قالت "في تعجب" : أي عرش..؟؟

قال "وهو يكشف عن وجهه" : عرش الملك..

صاحت في دهشة" :  ويحي..الملك !! ظننتك عابر سبيل..اعذرني

قال :  نعم انا عابر سبيل هداني السبيل الي ان اعبر شاطئ جمال علي جفونك..

قالت :  وهل تفقد عرشك من اجلي ؟

قال : بل أفقد نفسي من اجل عرشك الخالد..

قالت "وهي تبتسم" : أشفق عليك من الحب

قال : القلب العاشق لا يحتاج الشفقة من كل القلوب ولكنه يحتاج الرحمة من قلب واحد..

قالت : وهل صعقك الحب فجأة حين رأيتني؟ في لحظة واحدة ؟؟

قال : الحب يأتي في لحظة من العمر ليهديك العمر في لحظة ..

قالت"في خجل" : إنها قوة المرأة اذا

قال :   الرجال ينحنون كعباد الشمس ثلاثة مرات..مرة للحب ومرة للجمال..وكلهم ينحنون للمرأة شمس الحياة..

قالت"وهي تبتسم"  : وكيف تنحني الملوك ؟

قال : بثورة جمال تقتلع اليابس والاخضر..بكلمات عذراء وثغر معسول وفجر يذوب في كأس عينيك المقدس..

قالت : سألتك من قبل عن الحياة والأن كلماتك جعلتني وكأنني امتلك الحلم والحياة معا..

قال: وهذا كل شئ تمتلكينه ؟فقط الحلم والحياة ؟

قالت : الحب ليس الحلم بإمتلاك كل شئ..بل ان يحصل كل شئ في كياني علي حلمه الخاص..

قال: وكأن صوتك غناء رقيق زيديني من كلماتك العذبة ..

قالت: وكذلك يا ملكي الحبيب هو الحب ..الحب أغنية حرية  نحن لحنها وقلوبنا كلماتها ومشاعرنا هي خطواتها الراقصة..

قال: حالة بعث روحي كاملة ..كل لحظة يزيد جنوني وانتظر الجنة اسمعي انه صوت الجنة ينادينا..

قالت : العشاق لا ينتظرون الجنة انهم يصنعونها..
والحالمون لا ينتظرون الحقيقة انهم يصنعونها..
والمخادعون لا ينتظرون كلمات الوعد لأنهم سيخدعون دائما..انها الحياة يا مولاي..


قال: غيرتيني في لحظة واحدة وما أجمل التغيير بالحب يا سري الجميل..

قالت: التغيير كلمة الحب السحرية..

قال: هي الكلمة السحرية كي أغيرك..أو اتغير من اجلك..أو أعشق الاختلاف بيننا ولا أغيره..في كل الحالات سأعشقك..

قالت : أه يا عمري أشعر أن غزلان الوادي تنادي نبضي كي نرقص علي أجساد القصائد..ما أجمل الغرام ولو أتي فجاة وبدون مقدمات..

قال : ارتعشي من هذيان الحب كي تنثري مطر القصيدة المتوحد في شهد حسنك..

قالت : لن يفرقنا الموت ؟

قال: ولن تفرقنا الحياة



في قصر أحد الملوك :

الملك : ما هذا الهذيان الذي قصصته لي.؟؟ وهل تنازل هذا الملك الأحمق عن العرش من أجل إمرأة تجلس تحت شجرة ؟؟ أي جنون هذا ؟؟

الوزير: انه الحب يا سيدي انه الحب..لقد تنازل عن العرش من أجلها رغم رفض شعبه لهذا واتي ملك ضعيف وتكبد شعبه الهزائم في الحروب وقالوا انه وزوجته ماتوا في احدي الحروب ودفنوا معا..

الملك: هل هذا الرجل موجود فعلا ؟

الوزير: لا أعرف يا سيدي ولكنهم قصوا علينا قصته واعجبتهم كلماته لحبيبته

الملك: ادخلوا زينة

الحارس: ادخلوا السجينة زينة..

زينة: إرحمني يا مولاي أقبل قدميك أتوسل اليك ارحمني من العذاب

الملك: اتركونا وحدنا

خرج الحارس والوزير وبقي الملك وزينة :

الملك : هل جننتي لتعلني لي حبك علي الملأ

زينة: انه الحب يا مولاي الملاك الحارس للقلوب لقد احببتك ولا ذنب لي ولا لقلبي الشقي..

الملك : وهل ظننتي انك يتنجين بفعلتك ايتها البلهاء ؟؟

زينة: ظننت عرش الحب أقوي من عرش الملوك

الملك: في القصص فقط ايتها الحمقاء السجينة..اين الحب الغبي امام المال والسلطان والعرش؟؟ اين هو ؟؟

زينة: هو اقوي منهم جميعا

الملك: ايها الحاااااارس خذ هذه البلهاء من هنا..خذها الي السجن مرة اخري

اتت حروب تلو حروب وزينة مازالت سجينة الملك وذنبها انها اعلنت الحب رغم انها جارية عنده فسجنها لانها اعلنت ذلك امام الملك كي تكون عبرة لغيرها من الجواري بعدم التجرأ علي الملك..

وكانت هزيمة الملك في احدي المعارك وتم جرحه باحدي السهام وهو يهرب وسقط امام عرشه وهربت زينة من السجن في فوضي الاحداث والحرب الضروس التي دارت رحاها في المملكة ووجدت الملك ينزف امام كرسي العرش

زينة : ما بك ايها الملك الحبيب ؟

الملك: لقد جرحت في المعركة يا زينة..حقك ان لم تنقذيني لقد اهنتك كثيرا واعترف لك بخطأي لقد احببت المال اكثر من اي شئ يا زينة ..المال والعرش

زينة: ساوقف نزيفك ولو بعمري يا حبيبي..فلتحترق العروش امام عرش الحب..

خلعت جزء من ملابسها وداوت بها جراحه وهرعت مسرعة تنادي طبيب القصر ولم تجده بعد المعركة فظلت ساهرة بجواره ترعاه حتي أسلم الروح امام عينيها وظلت تبكي بحرارة امام كرسي العرش..ولكن دموعها في هذه المرة ليست دموع ضعف انها دموع تثبت ان عرش الحب ابقي من عرش الملك..نعم اقوي من كل عرش في الحياة



يونيو 2007 في احد الكافيهات :

سارة: جميلة جدا القصة يا خالد بجد تحفة..

خالد: بجد عجبتك ؟

سارة: جدا انا بعشق قصص الحب عموما ودي جميلة قوي

خالد: طيب يلا نحاسب ونقوم عشان احنا لسه هنعمل الزيارة اللي قولتيلي عليها

سارة: بس انا زعلانة منك بجد

خالد: ليه خير؟؟

سارة: فين الخاتم اللي قولتلي عليه امبارح ؟؟هو كلام وخلاص يعني؟؟



صراع حياة دائم بين الواقعية والرومانسية ولن ينتهي..سيظل هناك من يعيشون بالحب وسيظل هناك من يحبون كجزء من روتين الحياة..
وستبقي الواقعية المقيتة تبني عرشها امام عرش مجاذيب الغرام..

خالد "يكمل" : واحدة تزعل من حبيبها عشان الخاتم؟؟ اه ..يعني نرمي القصة دي لان معادش ليها لازمة ..يلا بينا ..!!