طبعا شوفنا في الجزء الأول بعض امثلة عن قضية المتاجرة بالدين عبر التاريخ لكن الأدب كمان كان ليه دور ملموس في طرح قضية المتاجرة بالدين ..أعمال أدبية وكمان فنية هوليودية طرحت القضية دي وحاولت تبرزها للمجتمع يعني المتاجرة دي في كل الاديان ممكن تكون موجودة من بعض المتشددين ومن أبرز الأمثلة من الأعمال الأدبية علي قضية التجاردة بالدين هي :
1- "الأيام" للرائع طه حسين اللي ابرز فيها جوانب كتير من حياته من صغره ومن لحظة ما كان بيروح الكتاب يتعلم القرأن لحد ما كبر وراح فرنسا ..طبعا مجموعة الأيام هي من اشهر اعمال العبقري طه حسين وفي بعض اجزاء الرواية كان بيوضح لينا ازاي الشيخ اللي كان بيعلمه وهو صغير كان متزمت وغير قابل للنقاش وكمان كان مجرد متاجر بالدين من اجل المال فقط حتي لو علي حساب اهل الولد اللي بيتعلم لانه كان بيثقل كاهلهم بالمصاريف اللي هو عارف انها اكبر من طاقتهم ..ونشوف بعض اجزاء الرواية كان بيقول ايه طه حسين علي بعض الشيوخ دول وبيوصفهم بأيه :
"فأما هذا الشيخ فقد كان شديد الحقد علي زملائه وأقرانه شديد المكر بهم والكيد لهم يلقاهم مبتسما فلا يكاد يفارقهم حتي يقول فيهم اشنع القول ويسعي بهم أقبح السعي ،وأما هذا الشيخ الاخر فقد كان رقيق الدين يظهر التقوي اذا كان في الأزهر او بين اقرانه فاذا خلا الي نفسه والي شياطينه أغرق في اثم عظيم"
ولما كان طه حسين مطلع اكثر من الشيوخ واعلم منهم وحب ينقلهم العلم اللي اتعلمه اتهموه انه مضلل بدون مناقشة حتي وده بيظهر في جزء من الرواية بيقول فيها :
"تسامع هؤلاء الناس جميعا بمقالات الصبي وانكاره لكثير مما يعرفون واستهزائه بكرامات الأولياء وتحريمه التوسل بهم وبالأنبياء وقال بعضهم لبعض : ان هذا الصبي ضال مضل قد ذهب الي القاهرة فسمع مقالات الشيخ محمد عبده الضارة وأراءه الفاسدة المفسدة ثم عاد بها الي المدينة ليضلل الناس"
ومن سخرية طه حسين من بعض الشيوخ واجتماعهم في فندق اسمه "سافوي" لمباركة انشاء مدرسة دعوية بتعاليم مريبة ومباركة من الخديوي قال فيهم شعر خلا شيوخ الازهر تسقطه في الامتحان والشعر الساخر ده عن الشيوخ بيقول :
رعي الله المشايخ إذ توافوا
الي سافواي في يوم الخميس
وإذ شهدوا كؤوس الخمر صرفا
تدور بها السقاة علي الجلوس
رئيس المسلمين عداك ذما
ألا لله درك من رئيس
ومن سخرية طه حسين عل بعض المفسرين بمزاجهم وعدم فهم كامل لمعني الايات القرانية قال :
"سأل الصبي فقيها ذات يوم وقال له : ما معني قول الله تعالي "وخلقناكم أطوارا ؟" فأجاب هادئا مطمئنا : خلقناكم كالثيران لا تعقلون شيئا ..
وسأله ذات يوم عن قول الله تعالي "ومن الناس من يعبد الله علي حرف فإن اصابه خير إطمأن به" فقال : علي حرف دكة او حرف مصطبة فان اصابه خير فهو مطمئن في مكانه وان اصابه شر انكفأ علي وجهه"
طبعا الحتة دي من الرواية بنلاحظ فيها النقد اللاذع لتفسير بعض الشيوخ حسب اهوائه او حسب علمه اللي بيدعي ان هو يعلمه .
2- توفيق الحكيم او عصفور من الشرق حسب اسم روايته الرائعة الكاتب المسرحي الفذ ..سخر برضه من بعض المتاجرين بالدين وظهر ده في مسرحية "بنك القلق" اما كان شيخ بيشتكيله من حال البلد وفي نفس الوقت بيتكلم عن حلاوة وجمال الرقاصة وبيقول في احدي المقاطع :
الزبون 3: نعم هذا الإلحاد المتفشي في البلد انا كل يوم استيقظ في الفجر اتوضأ واصلي واستغفر الله لهذا المجتمع الملحد الذي نعيش فيه ..تصور يا سيدي الاذاعة مثلا بين كل اغنية واغنية اغنية والتليفزيون تجد كل مذيعة ومذيعة وكل مطربة وراقصة مثل "لهطة القشدة" والعياذ بالله ما هذه المغريات يا اخي ؟
3- جبران خليل جبرن في رائعته الخالدة "الأجنحة المتكسرة" قال ايضا عن بعض المتاجرين :
"هكذا تستسلم الامم الشرقية الي ذوي النفوس المعوجة والاخلاق الفاسدة فتتراجع الي الوراء ثم تهبط الي الحضيض فيمر الدهر ويسحقها باقدامه مثلما تسحق مطارق الحديد انية الفخار"
4- علي احمد باكثير في "اخناتون ونفرتيتي" اتكلم برضه عن الكهنة المتاجرين والمنتفعين لمصلحتهم وقال علي لسان اخناتون وهو بيتكلم عن الكهنة :
"كلا بل أهواؤكم ومطامعكم فرقت بينكم
ليس همكم ربا تعبدون ولا قوما تهدون
ولكنه جاه تطلبون وامولا تجمعون
تعدون الناس ببغضائكم وعداواتكم
وتجدون ما بينهم من ارحام وصلات
بأسماء اربابكم هذه والغنم لكم
والغرم عليهم"
واتكلم علي احمد باكثير برضه عن نفس الموضوع وصراع الكهنة في مسرحيته "اوديب"
5- بهاء طاهر الكاتب الشهير كتب في مجموعته القصصية "انا الملك جئت" قصة بعنوان "محاكمة الكاهن كاي-نن" وكانت محاكمة ظالمة علي يد بعض الكهنة المنتفعين لمصلحتهم وقال علي لسان كاي-نن مهاجما للمنتفعين الجملة دي :
"انا واثق يا سمنخ ان إلهي الذي ينشر الضياء يضم الناس كلهم اليه بين اشعة النور..انا واثق انه لا يريد ان يتقربوا اليه بالدماء ولا بقطع رقاب البشر ولا بتعذيبهم ف الأرض..أنتم اعفيتم أخن-اتون من القتل واعتقلتموه في قصر لانه فرعون ولان كل فرعون لابد ان يظل الها مهما فعل..ولكنكم تنكلون بكهنة اتون علنا وتمزقون اطرافهم وتقتلونهم امام الشعب وتقدمونهم قرابين لألهتكم أذلك يا سمنخ هو كل مجد تلك الألهة ؟ أن تري الدماء والأشلاء والقتل ؟ لماذا أيها الكاهن الذي يعرف ؟؟ "
6-يوسف ادريس في مجموعته القصصية "بيت من لحم" كان فيها قصة اسمها "أكان لابد يا لي لي أن تضيئي النور ؟
وفي القصة دي يظهر الصراع النفسي بين اهواء الشيخ ونزواته وبين قناع الدين اللي لابسه في محاولة اغراء فتاة كانت تريد تعلم الصلاة ويقع الشيخ في الفتنة بسهولة.
7- يوسف السباعي بعبقريته الادبية كمان كتب عن المتاجرين بالدين في مجموعته "يا امة ضحكت" وقال في احدي المقاطع من قصة في المجموعة :
"ويقال ان الرجل في سابق عصره كان من طلبة الأزهر المتحمسين ومن قواد الثورة وانه قد اصابته لوثة فأضحي يجاهد بالطريقة التي تحلو له ،ماذا يضيره في ذلك وطريقته في الجهاد لا تكاد تختلف كثيرا عن سواه في هذا البلد ؟ وهو في نطاق مداركه يعتقد انه يجاهد وهم في نطاق مداركهم يعتقدون انهم يجاهدون "
وفي رواية "نائب عزرائيل" قال في احدي المقاطع :
" أيها الأحمق أظننت ان الصلاة وحدها كافية لادخالك الجنة ؟ ان خير ما في الصلاة انها تحض علي فعل الخير وتنهي عن الفحشاء والمنكر فخير لك ان تغادر مضجعك لتغيث الملهوف وتعطي المحتاج وتواسي الحزين والمفجوع وتفك ضيق المكروب والملتاع الدنيا تعج بهءلاء فاخرج اليهم وافعل ما استطعت لهم "
8-نجيب محفوظ كان ليه دور كبير في محاربة المتاجرين بالدين والمدعين في عدة اعمال يمكن شوفنا شخصية رجل الدين في "الحرافيش" اما كان شيخ الحارة بيمشي ورا الفتوة دايما حتي لو ظالم ويقعد يدعيله ويقوله علي اهل الحارة المتذمرين "دول كفرة"
وكمان في "الحب فوق هضبة الهرم" كان الشاب صاحب مشكلة الزواج ملقاش حل ولا عند الصحفي ولا عند رجل الدين وكلهم معندهومش حلول لمشكلته ولا يملكون الا الكلام.
وفي "رحلة ابن فطومة" سأل سؤال في الرواية دي في غاية الاهمية وقال فيها :
"ايهما أسوأ يا مولاي من يدعي الألوهية عن جهل أم من يطوع القرأن لخدمة اغراضه الشخصية؟"
وفي جملة تانية مؤثرة من نفس الرواية قال نجيب محفوظ علي لسان "الامام " احدي خصيات الرواية :
"انظر يا قنديل وطنك دار الاسلام فماذا تجد به ؟؟ حاكم مستبد يحكم بهواه فأين الأساس الاخلاقي ؟
ورجال دين يطوعون الدين لخدمته فأين الاساس الاخلاقي؟
وشعب لا يفكر الا في لقمته فأين الاساس الاخلاقي؟"
9- من اروع الاعمال اللي اتكلمت عن قضية التجارة بالدين هي "الحسين ثائرا" للكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي وفي عدة مواضع من المسرحية سخر الكاتب علي لسان الشخصيات من الشيوخ اللي بيتاجروا بالدين وقال فيهم :
"اذا اتي ذكر الجواري فقد الشيخ وقاره"
وايضا عشان نشوف ازاي حد ممكن يحاول يستخدم كلام الله او الرسول لخدمة اغراضه نشوف الحوار ده في المسرحية بين ابن مروان والحسين :
ابن مروان: فلتقتله اقتله بقول الله تعالي..
ابحث عن اية..
اقتله بقول رسول الله..
فيمن خرج علي الاجماع.
الحسين: أتقتلني يا بن الزرقاء بقولة جدي فيمن نافق ؟
اتزيف في كلمات رسول الله أمامي يا احمق؟؟
أتقتلني يا شر الخلق؟
أتؤول في كلمات الله لتجعلها سوط عذاب
تشرعه فوق امرئ صدق ؟
دي كانت عدة أمثلة عن قضية المتاجرة بالدين وتزمت بعض الشيوخ لتحقيق مصالحهم حتي لو حساب تفسير ايات المهم مصلحته هو وبس..ونلتقي في الجزء الثالث.
No comments:
Post a Comment