سامي السباعي او من يلقبونه في الجريدة ب "السيد س" , قصير القامة ذو انف معقوف وبشرة خمرية وجبهة عريضة ولكنه مقبول الي حد ما ..زوجته السيدة "سها الرداد" سيدة أعمال لم تتزوج زوجها عن حب وان كانت تتدعي هذا دائما امام ضيوفها في سهرات ارستقراطية مملة لا تسمع فيها سوي قهقهات وطرقعات ألف كأس.
سها الرداد كانت دائما تؤمن بأنها ستكون لمحمود الشريف ولكن محمود سافر الي الخارج خوفا علي هذه العلاقة وخصوصا انه لن يستطيع ولو بعد الف عام ان يصل لمستوي اسرة الرداد ففضل ان ينسحب في هدوء تاركا ورائه قلبا كسير وعلاقة زواج رتيبة تقليدية من بعده وهي علاقة سامي و سها, رغم ان سامي كان يعشق سها من قبل حتي ان يعشقها محمود في ايام الجامعة إلا ان قلب سها الكسير لم يتلذذ الا بكسر قلب عاشق اخر وهو سامي ,كانت مثال للزوجة المتسلطة كاسرة القلوب وكان جمالها الذي هو اشبه بقنبلة هيدروجينية فاطرة لنبضات القلوب كفيل بأن يعذب سامي أكثر واكثر.
ردود سامي السباعي في جريدته علي العاشقين والعاشقات لم تكن الا مواساة لنفسه ,فأحيانا مواساة قلب جريح قد تواسي في نفس الوقت قلبك الجريح , فالعاشق كالطبيب يجد أحيانا في تضميد الجراح راحة له ولغيره.
وفي منزل سها الرداد "لن استطيع ان اكذب عليكم واقول في منزل سامي السباعي لان سها صاحبة المنزل وصاحبة العصمة وصاحبة كل شئ :
سها : ايه اللي انت كاتبه ده النهاردة يا سامي يا حضرة المتيم الولهان؟
سامي: ماله بس يا سها يا حبيبتي
سها: مش عارف ماله؟ عمال تقولها اوعي تدوري علي الحب وهو اللي هيجيلك ..ذنبها ايه بنت زي دي تقعد تشتغلها بكلام زي ده وهي لسه مراهقة ..امال انت ليه لعبت براس بابا واتجوزتني عشان فلوسنا يا سامي؟ فين بقي الحب في الموضوع ده؟
سامي: سها انا عمري ما اتجوزتك عشان فلوسك انتي عارف كويس اني بحبك من سنين ومصرة تنكري ده عشان لسه محتفظة جواكي بمشاعر لمحمود
سها "صارخة في وجهه بحدة" : محمود محمود..قرفتني بمحمود يا اخي ..تعرف ايه انت عن محمود..تيجي ايه انت جنب محمود..
سامي في غضب نادر: كفاية بقي يا سها ذل واهانة..انا حبيتك زي ما هو حبك بل اكتر منه ..انتي اللي مش بتدي قلبك فرصة يشوف النور من جديد..شوفي انا بعمل ايه علشانك طول فترة جوازنا وانتي حتي مش راضية ومش قابلة فكرة ان يكون ليا طفل يملي علينا البيت ..مش عايزة اي حاجة تكون مني ..ليه بتكرهيني يا سها رغم اني مقتول في حبك؟ ليييه؟؟؟
تخرج سها وتغلق الباب في غضب عارم ويجلس سامي كالعادة كسيرا حزينا امام جبروت تلك المرأة التي لم تعشقه يوما ومازال يعتنق الأمل وفي ظنه ان سها ستحبه في يوما ما او علي الاقل تدرك مشاعره نحوها.
في بريد جريدة "الحب" :
عزيزي السيد س /
لا أعرف لماذا لم أجد الحب في حياتي حتي الان..الحب الحقيقي الذي يتحدث عنه اصدقائي وأقرأ عنه في كل كتاب ..انا عمري 19 سنة ولكني لم اشعر ابدا بمشاعر اتجاه رجل ما, هل المشكلة في أنا ام ان الحب يأتي بالصدفة؟ انا في انتظار ردك يا سيدي..هل الحب صدفة ام اختيار ؟
المرسلة /مروة.ط
عزيزتي مروة.ط :
نعم أنا اشعر بك..ربما تكونين في مرحلة "المجاعة الروحية" وهو ابلغ تشبيه للحب تحدث به جبران خليل جبران..اشعر بمجاعتك الروحية وشوق روحك ولهفتك الي الغرام..سأحكي لك قصة قديمة عن رجل قالوا له "مقدار ما تذهب في الأرض سيكون لك" فطمع الرجل وظل يجوب الارض كلها ويحيط بها لتكون ملكه حتي مات ولم يحصل علي شئ..
هذه القصة بالنسبة لي يا صديقتي وكانها تتحدث عن الحب , انك ان بلغتي عرض الكون وطوله لن تحصلي علي الحب اختيارا..نعم الحب صدفة جميلة صادقة.
الحب يا مروة ليست لحظة البحث عن الملائكة ولكن استسلامك لهم..نعم يا عزيزتي الحب لحظة استسلام كاملة يتبعها السلام الروحي الأبدي.
هناك أبيات من الشعر تعجبني عن صدفة الحب للشاعر عدنان الصائغ يقول فيها عن الصدفة :
مصادفةً (سأقولُ: لكِ أنَّ الحياة....َ
صدفةٌ كبيرةٌ
صدفةٌ غبيةٌ
صدفةٌ رائعةٌ
صدفةٌ لا معقولةٌ
إياكِ أنْ تفكري بها بعقلٍ يا مجنونتي!)
ربما سنلتقي..
في مصعدٍ مزدحمٍ أو فارغٍ إلاّ من وجيبِ أنفاسنا المتلاطمةِ
وأنتِ تصعدين باصَ الحبِّ
وأنا أنزلُ..
وأنت تفتشين عن رقمِّ كرسيكِ
في قاعةِ المسرحِ المظلمةِ
وهناك اغنية رقيقة لمطرب شهير وهو "فيل كولينز يقول فيها عن نفس الموضوع:
you can't hurry love..you'll just have to wait
نعم يا مروة كما قلتي في كلماتك الرقيقة انها صدفة ولا تظني ابدا ان الحب سيكون لحظة اختيار فكما رأيتي في الأبيات الشعرية سأقول لك "إياك ان تفكري بها بعقل يا مجنونتي" ان سمحتي لي ان اقول لك يا مجنونتي وارجو ان تسمحي لي فكل قلب حنون عاشق للحب مثلك مجنون ولكنه الجنون المحبب للحياة.
في احدي الشقق في منطقة شعبية :
رشا النداغة : اشرب اشرب محدش واخد منها حاجة
سامي : بس لسه مقولتليش ليه سموكي نداغة ؟
رشا: لا ده موضوع كبير وبحكم شغلتي بقي سموني كده
سامي: بس انتي عليكي عود يا رشا انما ايه..والنسوان نوعين قرص في الخدود او لعب في العود
رشا تضحك بنبرة رقيعة : هي هي هي ده انت صايع قديم بقي
سامي: يعني تقدري تقولي كده صايع بس واخدها منازل ههههههه
رشا: تحب ارقصلك الأول؟ بس ده هيكلفك عشرين يورو زيادة
سامي: يا واد انت يا عالمي يا بتاع اليورو ههههه ارقصي ارقصي
بعد مرور شهر :
سها: استني عندك يا سامي شنط هدومك قدام الباب والبيت ده مش هتعتبه تاني
سامي: ايه الكلام ده يا سها ؟
سها: مش عارف ايه الكلام ده يا حقير؟؟ مش عارف اللي انت عملته في بنات الناس؟
سامي: عملت ايه يا سها ؟ انا مش فاهم حاجة
سها: رشا اللي حضرتك قضيت معاها الليلة وسكرتوا من فترة كانت عندي هنا وقالتلي علي كل حاجة وقالتلي انك سكرت يومها وقولت كل تفاصيل حياتك ليها وقولتلها كنت بتعمل ايه في البنات اللي بتبعتلك سرها علي البريد وبيدوروا علي الحب وبتستغل انهم مراهقات وبتمثل عليهم يا جبان لحد ما تاخد غرضك منهم..طلعت واطي عمري ما تخيلتك تعمل كده ابدا
سامي: لكن يا سها دي كذابة
سها: وهتكذب ليه..كل البنات اللي بعتتلك ومنهم مروة كنت بتابعهم بعد كده وفعلا كانوا بيبعتوا رسالة تانية وتالتة يحكوا بعدها انهم اتخدعوا وتقلب انت نبرتك وتتكلم عن الخداع وتواسيهم..طبعا ميعرفوش انك انت "السيد س" نفسه.
انت مريض يا سامي انسان قذر ومريض .
سامي: كذب كذب انا عمري ما خدعت حد..انا بحبك يا سها وعمري ما حبيت غيرك
سها: تقدر تقول انك انتقمت وخدت غرضك كويس من بنات الناس ..علي الاقل يا اخي كنت باحترمك طلعت ندل ووقح. اتفضل اطلع برة. بررررة بقولك
من الغريب ان سامي في تلك اللحظة كان سيقدم لسها مقدمة قصيدة كتبها لها خصيصا تعبر عن حياتهم معا وحبه لها وهروبها من حبه الكبير وهي قصيدة اشبه بحوار بينه وبينها وكانت الورقة التي في يده مكتوب فيها :
" هي: ومين قال ان انا من الحور؟
ده انا ليلي بجناح مكسور
فراشة ألوانها اوجاعها
ودممعة عينها مش بلور
وسر لزهرة محنية
بتسكر بالندي وبتدور
وشهقة حزن منسية
بتخلق من وجوعها قصور
ومين قال ان انا من الحور؟
هو: ومين جايب في سيرة الحور؟
انا قولت انك الجنة
بحني انيني في مداكي
واعود للدنيا واستني
واحضر شهدي برموشك
وادعي الحب واتمني.
نعم نعم سيظن القارئ الان انها قصة الانتقام التقليدية من إمرأة كسرت قلبه فظن انه قادر بطريقته الخاصة ان يكسر كل قلوب النساء في شخص سها ..ولكني أحببت ان اغير النهاية قليلا سامحوني ان خالفت توقعاتكم ..!فمن الممل ان تكون كاتب متوقع فاجمل النهايات هي التي لا تتوقعها الا نهاية الحب .
وفي احدي الكافيهات في منطقة السيدة زينب :
رشا النداغة : لا يا اختي انا لسه مخدتش المعلوم كله
مروة: ما انا اديتك الالف جنيه اللي اتفقنا عليها. عايزة ايه تاني؟
رشا: انا في ايدي السر كله
مروة: ده انتي هتستغليني بقي
رشا: والله كلك نظر يا ست مروة
مروة: هو انتي عملتي حاجة؟ دي كلها حكاية مفبركة وهو ولا قابلك حتي في شقة ولا نيلة ده انا اللي مألفة حتي كل ده وانتي يادوب نفذتي ؟؟ انتي ليه محسساني انك نمتي معاه يا رشا؟
وفي منزل مروة :
تمسك مروة صورة سامي السباعي وهي تقول ضاحكة بهستيريا مريبة : "اخيرا بقيت ليا..اخيرا تخطيط السنين نجح وبقيت لمروة حبيبتك اللي هتحافظ عليك يا سامي يا حبيبي..ايوه انا مروة وانا ساندي وانا سالي وانا اللي بعتلك بأسماء دول كلهم وبعت بعديها انهم اتخدعوا من راجل مجهول ورديت علينا كلنا واحنا اصلا واحد..سامحني يا سامي اضطريت اعمل كده عشان مراتك تدخل عليها اللعبة كاملة..اضطريت يا سامي لأنك ما ينفعش تكون غير ليا انا ..سامي ومروة وكارت فرح صغير ..اكيد في يوم هيجمعنا يا حبب عمري كله يا سيد س.."
سيظن البعض الان انها قصة مروة المريضة نفسيا التي تريد ان تستحوذ علي قلب من تهواه سرا وتراسله في الجريدة ..ربما ولما لا ولكن مازالت النهاية لم تقترب حتي !
في احدي الاماكن الراقية بالقاهرة وداخل قصر كبير :
سامي : اخيرا خلصت قصتي اللي هاختم بيها المجموعة الجديدة..اسمها "مذكرات السيد س"
نهلة: طيب ممكن اقراها الاول ؟
سامي : لا خليها مفاجاة احسن
قال سامي لنفسه في حزن بعد ان اغلق مكتبه : "ما اجمل ان تكون شخصيات هذه القصة جزء من حياتي الزوجية المملة ..زوجة هادئة وقورة تحبني واطفال سعداء وأموال لا تنتهي ..اين الاثارة؟ اين التنافس ومشاعر الكره والحب والغيرة ؟ اسرة مسالمة عادية جدا بل عادية اكثر من اللازم..لا اهرب من روتين حياتي الزوجية الا بشخصيات القصص الخيالية"
ربما تظنون الأن انها قصة سامي الذي يرفض حياته الطبيعية المملة ويحتاج ان يعوضها بشخصياته الخيالية اي يهرب من لغة الواقع الي ملجأ الخيال ولكن صبرا ..
في احدي حفلات التوقيع في الزمالك :
صحفية: استاذة سها شوفنا شخصية سامي اكتر من مرة وفي كل مرة مفاجأة لكن اي شخصية فيهم هي حقيقة سامي؟ سامي في الاول شوفناه بيخدع مراته وفي مرة تانية شوفناه هو المخدوع من رشا ومروة وفي التالتة طلع انه بيتمني يكون شخصيات القصة دي ..اي سامي من دول هو النهاية؟
سها: في الحقيقة مافيش نهاية لشخصية سامي ..سامي هو الرجل الشرقي عموما ..ممكن يلبس دور الضحية وممكن دور الجلاد ودور المتمرد علي حياته ..سامي جوة كل راجل شرقي لكن بدرجات متفاوتة..
وفي اخر الصفوف شاب قصير يخلع نظارته السوداء ويضحك بسخرية من وراء الصحفيين ويقول لنفسه : قد ايه الستات قوية..بتخدعني وتكسر قلبي وبعدين تطلعني في قصة ان انا اللي معقد وجلاد او ضحية او متمرد..اه لو يعرفوا كلهم الحقيقة !! لكن فين هي الحقيقة..الحقيقة هي الشئ اللي بتلونه النساء كيفما تشاء .
تنظر سها الي شاشة "الموبايل" لصورة سامي وتقول لنفسها: ليه عملت كده فيا يا سامي؟؟ ليه؟؟
نهايات ونهايات ولكن أين الحقيقة في كل هذا؟؟ رجل كاسر للقلوب أم إمراة كاذبة..ستختار انت الحقيقة كفما تريد ان تراها ..فلو كنت رجل ستقول سها هي المخادعة ولو كنت إمرأة مكسورة القلب ستقولين ان سامي هو كل رجل شرقي ..وكما قالوا كل يغني علي ليلاه..وتظل الحقيقة كالجني داخل المصباح ..دائما وأبدا..بلا يد تحنو عليها ولا تخرجها من مصباحها ..!
No comments:
Post a Comment