أحيانا أشعر بأنني "دون كيشوت" احارب من اجل "دولسينيا" ..أحارب كل شئ ..أحارب حتي طواحين الهواء وقطيع الأغنام ..ولكن هل سأخرج من معركتي منتصرا ؟ هل خرج أحدكم من قبل منتصرا من معركة أوهامه إلا باليقين ؟ وهل وجد احدكم اليقين المطلق من قبل ؟
أنا أعيش منذ زمن طويل في "كهف أفلاطون" جربت رحلتي في عالم الحقيقة ولكني عدت مرة أخري لكهفي وأغلالي ..عرفت الحب في خارج الكهف وسرعان ما عدت خائفا مذعورا لكهفي الجميل ..كهف الوهم ..نعم لقد لمست بأحضان قلبي الحقيقة ولكني سرعان ما لفظتها ..وعرفت ان الحقيقة الوحيدة في هذا العالم هي الحب..
انا "خيميائي" الحب الذي لم يجد حجر الفلاسفة الا في عينيها..ولكن من هي ؟ دعوني احكي لكم حكايتها التي حدثت بمحض الصدفة ..فالصدفة احيانا قد تعيد خلق حياتك وقد تعيد تشكيل روحك..فالصدفة قوة..الصدفة تشرب دائما من كأس القدر.
في احد أيام الصيف وبينما اتناول "النسكافيه" الخاص بي وأقرأ احدي الروايات التي احبها لإيميل زولا ..طرق الباب بعنف فجأة :
الرجل: السلام عليكم
أنا: وعليكم السلام انت مين ؟
الرجل: الصور دي من طرف الحاج حليم
انا: حليم مين..استني..يا اخ..انت يا ....
وخرج الرجل مسرعا ولم اعرف أي صور تركها ومن هو الحاج حليم أصلا ؟؟
فتحت الظرف مسرعا ووجدت أربعة صور لإمرأة تخطف العقول والقلوب ..لم أكن اعرف ان هذا الجمال موجود بالفعل في عالمنا وان إمرأة واحدة قد يؤسس جمالها مدرسة فلسفية جديدة متكاملة يتعلم منها البشر.
رغم اني لم اعرفها ومازلت مرتابا من قصة هذه الصور التي قد تورطني في مشاكل انا في غني عنها الا اني ظللت انظر الي تلك الصور بشوق وترقب وغموض وتوجس احيانا..ورغم اختلاط مشاعري الا ان الحب كان قد بدأ سيطرته..ليس حب حتي من اول نظرة انه من اول صورة !!
طرق الباب مرة اخري بسرعة ودخلت هي..نعم هي ..مفجرة كوني الصغير ومسلسلة عصوري وايامي وتطوري من قلب الي حب.
قالت: خبيني عندك أرجوك
قلت: انتي؟
نظرت الي باستغراب وقالت: انت تعرفني؟
قلت متلعثما: لا ..لا ..بس..
قالت: الصور صح ؟؟
قلت : ايوه الصور..ايه حكايتها بالظبط ؟
أعددت لها فنجانا من الشاي وروت لي حكايتها بالتفصيل وقالت :
انا اسمي دينا سامي..وحكايتي طويلة جدا مع الحاج حليم اللي بعتلك الصور دي مع "الصبي" بتاعه ..الحاج حليم كان صاحب والدي جدا وبعد ما والدي توفي ظهرت شخصيته المتوحشة وحاول يسيطر علي بكل الأشكال وكأنه هيشتري قلبي بفلوسه ولما فشلت كل محاولاته للتقرب مني وعرف اني بحب واحد تاني فكر انه يخلص مني وبعت صورتي مع الصبي بتاعه هنا
قلت: يقتلك؟؟ ده مجنون ده ؟ لكن ليه بعتها لي انا ؟؟
قالت : هو مكانش المفروض يبعتها ليك انت لكن للعمارة اللي جنبك ..لكن الصبي بتاعه "حامد" بعتها غلط لانه برضه بيميل ليا شوية
قلت : هو كمان ؟؟ نهارك ازرق
قالت: صدقني مش ذنبي
قلت لنفسي "فعلا ليس ذنبك انه ذنب عينيك العسليتين وكأنك خارجة من قول نزار : يا إمرأة دوخت الدنيا " !
قالت : دلوقتي احنا لازم نهرب بسرعة
قلت: ليه؟؟
قالت: لان القاتل اللي في العمارة اللي جنبنا هيعرف من الصبي اكيد الصور فين ..ممكن بعد الضرب والتعذيب الصبي يعترف ويقوله علي مكان الصور ..وطبعا المجرم ده عايز الصور لأنه عايز فلوس من حليم
طرق الباب مرة أخري في عنف متصاعد ووجدت الصبي مضرجا بالدماء كما توقعت دينا وكأنه كان تحت وطأة ضرب وتعذيب عنيف :
الصبي: هي دي الشقة
القاتل: فين الظرف يا اخينا ..؟؟
أنا: ظرف ايه؟؟
القاتل: اااه شكلك كده فتحته وهتسوق في العوج ..اقفل الباب
أنا "في قلق" : هتعمل ايه؟؟
القاتل: هتجيب الظرف بالذوق ولا لأ ؟؟
تخرج دينا فجأة من الغرفة الأخري وتقول مدافعة عني : سيبوه ..هو مالوش دعوة بالحكاية دي كلها
وفجأة يقول القاتل : دينا ؟؟؟؟؟؟ انتي ايه اللي جابك هنا ؟؟
دينا: سعيد؟؟؟؟ هو انت اللي وصوك بالمهمة دي ؟؟؟
سعيد متلعثما : أنا...انا....
انا: يا صلاة النبي ..ده هيقول انا..انا .. هو انت كمان ؟؟
دينا: انت يا سعيد؟؟ انت اللي المعلم بعتلك الصور عشان تقتلني؟؟؟ بقيت قاتل يا سعيد ؟؟
سعيد: ولو قتلت الدنيا كلها يا دينا مقدرش اقرب منك ..انا بحبك يا دينا..بحبك من زمن وما تخيلتش ان المعلم باعتلي صورك انتي انا فاكر انه باعتلي صور زبون تاني؟؟
انا في هستيريا : يا حلاوتكم ..حلاوتك يا دودوووووو
دينا: زبون؟؟وجالك قلب تنطقها يا سعيد ؟ بقيت بتعامل البشر زي السفاحين؟؟
وفجأة :
المعلم حليم : متجمعين عند النبي
الجميع في دهشة : الحاج حليم ؟؟؟؟؟؟؟
يخرج مسدسه بثقل واضح وتردد ولكن سعيد يعاجله بلكمة سريعة فتنطلق الرصاصة في الهواء وتبدأ المعركة داخل شقتي دون ان اكون انا نفسي طرف فيها ..كل ذنبي اني استلمت الصور ووقعت في حب إمراة أحبها العالم أجمع علي ما أظن !!
أنا : اهربي بسرعة يا دينا ..اهربي
أمسكت بيدي بسرعة المعلم حليم وحاولت تكتيفه وفجاة امسك سعيد القاتل المسدي وضرب رصاصتين اخترقتا قلب المعلم وهو بين يداي ..سقطت الجثة في شقتي..لأول مرة في حياتي أري هذا المشهد وقفت مترنحا مشدوها وانا انظر الي الدماء حول السجادة وفوقها ..هرب الجميع وبقيت وحدي أمام الجثة ..وخرج الجيران جيمعا بعد صوت الطلقات امام باب شقتي وهم يقولون : لا حول ولا قوة الا بالله..عملت ايه ؟؟ايه اللي حصل ؟؟
عندما ذهبت لقسم الشرطة لاول مرة ايضا كنت أفكر بشئ واحد وهو "دينا" تري اين هي الان بعد هروبها من شقتي ؟؟ لقد تخلصت من المعلم حليم ولكن هل هي الأن مع سعيد القاتل او مع الصبي الأحمق ام مع حبيبها السابق سبب كل هذه المشاكل وسبب اشتعال غيرة المعلم حليم ؟
الظابط : مش ناوي تقول برضه مين اللي قتل المعلم حليم؟؟ خد بالك الموضوع مش سهل ده المعلم راجل واصل وليه تقله والقضية كبيرة
أنا: اقولك الحقيقة يا باشا ؟
الظابط: ياريت يا اخي وخلصني بقي
أنا: الموضوع كله في جملة واحدة ان "كله بيحب دينا"
الظابط: نعم يا اخويا؟؟ دينا مين؟؟ انت هتستهبل؟؟
أنا: واللهي يا باشا ممكن متصدقنيش بس كل الحكاية عيون دينا
الظابط: اااه ده زي عيون بهية كده يا روح امك ؟؟ خدووووه من هنا ع الحجز
عندما جلست في الحجز ..فكرت في انه "كهف افلاطون" عدت اليه مرة اخري بعد ان عرفت نعمة الحقيقة المطلقة..بعد ان لامست روحي في خارج عالمي..عدت الأن للكهف وفي الخارج دينا طليقة وحرة كالطيور وأنا ألامس الخيالات علي الجدران ..نعم يا افلاطون لقد تركت أنا الحقيقة في الخارج وعدت لأوهامي ..الحب هو الحقيقة..نعم يا افلاطون انه الحب.
وفي احدي الشقق بالمعادي :
تامر: حلوة القصة دي وكوميدية كمان وفيها حتة فلسفة بس يعني مش شايف ان شخصية دينا دي خيالية شوية ؟؟
قلت: من ناحية ايه ؟
تامر: يعني كل الشخصيات في القصة بتحبها؟؟ هو في شخصية كده فعلا ؟؟ كله بيقع في حبها بسرعة كده ؟
قلت: يجوز..ممكن تكون موجودة علي الاقل في خيالي ..اعملك قهوة معايا ؟؟
وعندما دخلت المطبخ سقطت دمعة من عيني ..انه يراها شخصية خيالية..انه لا يعرف انه الأن معي في الكهف ..وان الحقيقة في الخارج..قد تكون القصة ساخرة ..قد تكون حزينة..ولكن هذه الشخصية ليست خيالية..أبدا لم تكن خيالية. "الجميع يحبها" وتلك هي الحقيقة..
"قد تكون بعض الكلمات علي الاوراق ساخرة وهي تنزف دماء كاتبها" ..!
عجبا للكلمات..
No comments:
Post a Comment