" الحياة مثل فن الاوريجامي..
الأجمل فيها أن تصنع مركبا ورقيا وتنتظر الحب عند مشهد غروب"
قصة داخل قصة داخل قصة ..هذا هو الوصف الأسهل بدون تعقيد لهذه القصة الغريبة ..تتحدث القصة وتتحدث رموزها ويتحدث الجنين الذي يرقد باسما في رحمها ..
رادوبيس تحاور إيزيس :
رادوبيس هي عاهرة فرعونية قديمة كانت تقدم لها القرابين من وزراء وكبار التجار وكانت تعيش في قصر كبير كأنها ملكة متوجة كما هي متوجة بالفعل في عرش قلوب الرجال جميعا دار بينها وبين ايزيس هذا الحوار الخيالي في عقل الكاتب :
رادوبيس : إيزيس اشعر الأن بشعورك حين يقدسك الجميع ويقدمون لك القرابين تحت قدميك بذل وهوان احساس رائع وصعب ايضا اشعر بشعور متناقض حيال هذا
ايزيس: لا تقارني نفسك بي ..أنا ربة القمر والأمومة وانتي لست الا عاهرة يشتهي الرجال ما بين فخذيها وصدرها البض الرجراج..
رادوبيس : أنا لست حلم في قلوبهم..أنا واقع شهي ولمحة من جنتهم التي تعدينهم بها في نهاية الطريق..انا الواقع وانتي احتمال
ايزيس: كلهم يريدون الوصول الي عالمي
رادوبيس: وكلهم بالفعل علي بابي
ايزيس : جميعهم يتذللون كي أحتويهم
رادوبيس : وجميعهم يتذلل كي أحضنهم واضمهم الي صدري ويبكون كالأطفال من جمالي
ايزيس: انا ربة من الأرباب
رادوبيس : وانا اصل بهم الي نشوة كالربوبية
ايزيس: لا تقارني جمالك بعظمتي
رادوبيس : لن تكتمل قصة حب الا بالتحامنا معا ..انا الجسد وانتي الروح
الزمان: الخامسة عصرا
المكان : كوستا
الحدث : لم يحدد بعد
ذهب عمر الي قدر جديد هكذا استطيع ان اصف ما غير حياته في لحظة ..وما أكثر اللحظات التي تغير حياة البشر والتي تنثرها الملائكة كانها ازهار في فرح موكب شمس ..
وقف ينظر بعينين لامعتين الي المكان يبحث عن "هند" التي تنتظره والتي لا يعرفها الا من خلال حوار واحد اتفقوا بعدها علي مقابلة ليقدم لها عمل مسرحي تحدثوا حوله لتقوم بتمثيله في مسرح الجامعة..
وفجأة وجد ضالته تلوح بيديها مبتسمة كالأطفال صاعقة كالقدر عميقة كالرغبة مجنونة كما النشوة..
وقف مرتبكا اول الأمر وقال لنفسه : "أهذه هند التي خلقت لهذا العصر اما هي من غياهب الماضي وعصر المعلقات ؟؟؟"
قبل ان نوغل في الحديث دعوني احدثكم عن عمر ..
عمر شاب في عقده الثالث قصير القامة نسبيا ذو شعر ناعم طويل معتدل القسمات عريض الجبهة ..عاش في قصة حب لفترة طويلة وكان يؤمن بفكرة ان الإنسان اذا فقد حبه الأول فقد فقد "إيزيس" بداخل المرأة وتبدأ رحلة بحثه عن رادوبيس فقط ..أي انه يؤمن ان الحب الأول هو الروح والجسد بينما ما بعده هو مجرد نزوة او رغبة زواج ..
يؤمن بأن الله خلق الرجال نوعين :
نوع من الرجال يتزوجون
ونوع يعيشون للكتابة عن تجربة حب
وكان يعرف جيدا انه خلق ليعيش عالم النوع الثاني ..لم يعرف ان القدر والمصير قد لا يحدده تصنيف وان البشر لا يمكن حصرهم في نوعين فقط فالحياة مليئة بالمفاجأت كما يقال..
هند "بصوت ناعم رقيق" : أهلا استاذ عمر انا عرفتك علطول شكلك لسه بتشبه عليا
عمر " متورد الوجنتين" : لا طبعا انا عارف حضرتك بس كنت محتار شوية..احم..قصدي يعني مشوفتش صورة ليكي قبل كده
هند " مبتسمة" : ايه حضرتك دي؟ انت بتكبرني في السن جدا
عمر "قال لنفسه" : انا احدث فيكي رهبة ايزيس ومضطر اقول حضرتك
هند : بتقول حاجة ؟
عمر "متلعثما من فرط جمالها" : لا ابدا انا بقول نطلب حاجة ونبدأ نتكلم في تفاصيل العمل علطول..
هند : اوك زي ما تحب..انا متأكدة انه هيكون عمل متميز
لم يعرف عمر ماذا أصابه في تلك اللحظة هل تعرفون احساس من ينام علي السحاب ؟؟ لا لا هل تعرفون احساس السفر عبر الزمن او عبر الأنوثة ؟؟
هل تعرفون احساس ان تكون رضيع زهرة وتضمك الزهرة بعاطفة أمومة ؟
لم يفق من خمر عيونها الا وهو يقلب الأوراق التي يقدمها لها ويقسم انه في هذا الوقت قد سمع صدي صوت وكأنه يأتي من رحالة فقدوا الطريق علي جبال ماسية خلف رموشها !!
هند : انت ليه متوتر قوي ؟
عمر "محاولا اخفاء شعوره" : أبدا انا بس خايف العمل ما يعجبكيش ولا حاجة
هند : مش ممكن طبعا
عمر " يخاف ان تكون قد شعرت به" : ايه اللي مش ممكن ؟
هند : انه ما يعجبنيش..لاني قريت لك اعمال كتيرة جدا
عمر "يتنفس الصعداء" : اااه متشكر جدا..طيب اقري كده اول صفحتين دي ملخص الفكرة..هي مسرحية قصيرة حوالي 20 دقيقة ..وعشان ما تحتاريش فيها هي فيها اكتر من اسقاط
هند : جميل جدا ..اسمحلي اقراها بصوت عالي ويبقي احنا بنراجعها مع بعض برضه
عمر : اتفضلي
ملخص مسرحية قصيرة من القاء "هند سالم" من تأليف عمر :
يفتح ستار المسرح علي مسرح..ليس غريبا ان تفتح عالم علي عالم أجمل منه..ولكن احيانا عندما افتح عالم روحي علي عالمي لا تكون مفاجأة سعيدة فروحي تمطرني بأسئلة شديدة السمية :
الروح : لماذا تكتب ؟
انا: كي أجد سببا لتكبري
الروح : ولماذا تتكبر ؟؟
انا : كي اكتب بسلاسة
الروح: هل اعيش داخل مجنون ؟
انا : ربما نصف مجنون ونصف عاقل ولكن عاشق كليا
الروح : هل تفقد الأمل احيانا في حياتك ؟
انا: سؤال جميل ولكن دعني اقول لك هذه النصيحة التي اسير عليها في حياتي :
قبل ان تفقد الأمل إسأل نفسك هل إمتلكنه حقا ؟؟
قبل ان تقول "ضللت الطريق" إسأل نفسك هل إهتديت اليه حقا ؟؟
قبل ان تقول تحجرت مشاعري إسأل نفسك هل شعرت حقا ؟
الروح : هل تخاف من ان يطبق عليك الوداع عدالته ؟
انا: لا يوجد وداع عادل..فكلمة وداع تناقض الرحمة ولكن العالم قاسي
الروح: انا اتحدث عن العدالة وليس الرحمة
انا : حسنا ستبدأ المسرحية واحكم بنفسك اين العدالة في هذه القصة ؟؟
الروح : دعنا نري
يغلق ستار المسرح ويفتح من جديد ويبدا الفصل الثاني :
عرض وجمهور وشاب وفتاة يقفون امام لوحة رملية يرسمون اشكال علي الرمال كان المسرح ممتلئ عن أخره تصفيق حاد يرج القاعة ونظرة حادة من صاحب المسرح الذي يجلس متنكرا وسط الجمهور لمتابعة العرض المنتظر..
"صاحب المسرح" رجل سمين غليظ الملامح غائر العنين بنظارة ضخمة تغطي جزء كبير من وجهه بثياب فخمة وسيجار لا ينطفئ أبدا كما قلبه الملئ بالحقد علي "دينا" و "صادق" الذين يقومون بالعرض علي المسرح..
صاحب المسرح لا يريد لهذه العلاقة ان تتم بأي شكل من الاشكال وعندما سأل احد اصدقائه عن سبب كرهه لهذه العلاقة قال في جحود وعناد : "لا أريد المزيد من الصدق لهذا العالم وهؤلاء أصدق مما يجب"
صاحب المسرح شخصية غريبة نشب اظافره الحادة في حرير الحب الذي يغطي به دينا وصادق قلبهما..
فترة طويلة من الخصام والتجافي بين دينا وصادق بسبب الدسائس والمكائد من صاحب المسرح وتقليب القلوب علي عدة احوال ..
لم يجد صادق فرصة اجمل من هذه كي يحاول ان يتقرب من دينا مرة اخري وهم في ذروة النجاح امام الجمهور ويحاول من فترة ان يقنعها ان المكائد هي السبب وان كل ما قيل غير صحيح ولكنها كانت تبعد عنه لانها مجروحة بقدر حبها له ..
لم تنظر اليه وهم يقومون بالتحية الأولي للجمهور وضحك صاحب المسرح وقهقه بصوت عال وهو يري ان الخطة تسير علي ما يرام وسيفترقون كغيرهم بلا عدل ولا سبب مقنع حتي وما اكثر ما تري في هذه الدنيا من لحظات ودع بلا سبب مقنع او عادل ..
الخروج عن النص او الخروج عن الرسم كان سمة المشهد الأن كانت لهم رسومات معينة لابد من نقشها علي الرمال ولكن بدأ صادق بالخروج عنها تماما وبدأ برسم قلب وبجواره علامات تعجب وكانه يسأله ماذا حدث لحبنا الخالد ؟
كانت دينا تري في حبهم الجريمة الكاملة وهو وصف محبب لها اي انه شئ عبقري وكامل ولغز غير قابل للحل وكانت تقول له دائما :"حبنا جريمة كاملة مكتملة الاركان ولا اجاثا كريستي ممكن تحطله نهاية"
ولكن صاحب المسرح كان يطلع علي ما يشعرون به وكان يقول لنفسه " لا اعترف بالجريمة الكاملة ..فاذا كانت كاملة فكيف عرفتموها اذا ..؟؟؟انها اذا كانت كاملة فلن يعرفها الا صاحبها فقط"
بدأت دينا في محاولة العودة للرسم المنصوص عليه ورسمت قطرات المطر..
ولكن صادق مازال مصرا علي ان يخرج عن النص ورسم خنجر كبير سام علي انه سلاح جريمتهم الكاملة وحوله المزيد من علامات التعجب وكانه يسألها ماذا حدث لجريمتنا ماذا حدث للحب ؟؟
حاولت دينا صده في البداية ولكن تلاقي عيون العشاق وبداية نظرات العتاب هي من اصعب مراحل الحب وكأنهم يتذكرون ماض كامل في لحظة ويخافون سقوط حياتهم في دوامة مستقبل جائع للعاطفة والحب والرغبة..
بدات هي الأخري في الخروج عن النص ورسمت خنجر مكسور..وكأنها تقول له "انت لا تحبني يا صادق"
رسم صادق شخص مجنون وبجواره شخص سمين بنظارة..يخبرها ان هذا جنون ان المشكلة الكبري في صاحب المسرح ..
رسمت بسرعة علي الرمال خنجرا اكبر في جسد صاحب المسرح تخبره ان الحب اقوي منه
رسم كرة أرضية يجلس عليها صاحب المسرح ..يحاول ان يخبرها انه اقوي من خناجر الحب لأنه بلا قلب..
وقف الجمهور متعجبا ويصفق بحرارة علي صدق هذا العرض الرائع والاسئلة والاجابات حتي وان فهموا منها القليل ولكنهم يحاولون ان يفهمون الاسقاط ويعرفون ان العرض الأن اصبح حوار كامل بين عاشقين خصوصا ان صاحب المسرح يصيح ان ما يحدث هو خروج عن روح العرض وخروج عن اي نص ..
ترسم دينا بسرعة علي الرمال ميناء يحترق وكانها تقول له هل نعود ونحرق هذا الوداع ونحرق خلفنا السفن
رسم بسرعة سفينة تحمل صاحب المسرح وتحمله بعيدا مقيدا في الأغلال وتسقط نظارته في البحر
ضحكت دينا ورسمت بسرعة مجرم خجول وكانها تقول ان الجريمة الكاملة في حبهم تري اكتمالها الأن بعد ان كادت ان تنكشف ..
ابتسم لها وطبع قبلة علي جبين هذا المجرم الوسيم الخجول علي الرمال
اهتز المسرح بالتصفيق الحاد وصياح "براااااااااااااافو" وظن دينا وصادق انها النهاية السعيدة ولكن صاحب المسرح هرول بجنون وهو يرج كرشه السمين الضخم الي خشبة المسرح ولكم الملقن علي المسرح وذهب الي قرب الرمل وصفق بيديه لحراسه وامسكوا بصادق وسط صراخ من دينا وكانها تفقد الان حبيبها للأبد وطلب من الحراس خرطوم مياه ..
حاولت دينا الدفاع عن اخر رسمة علي الرمال دون جدوي فقد اغرق العرض وتشوهت الرسمة من شدة المياه المنطلقة من يد صاحب المسرح وقذفه الجمهور بالطماطم بعد ان كان يصفق بل حاول البعض الصعود علي المسرح لضرب صاحبه ولكن الحرس العملاق كانوا يمنعون الجميع
خرج الجمهور غاضبا حزينا من نهاية العرض الرائع ..
وافترق دينا وصادق للأبد ..لم تعد تراه ولم يعد يراها..
وما أسوأ ان يكون صاحب المسرح بيديه الغليظة يبني علي الرمال قصرا صغيرا من القلوب ويغمس فيه سيجاره البغيض ..ويكتب كلمة النهاية..
وفقد صادق ايزيس التي كان يراها متجسدة في داخل دينا ولم يبقي امامه الا نساء بهيئة رادوبيس ليس اهانة لهن ولكنه لم يعد يري في المرأة الا جانب الرغبة وليس جانب الحب والرهبة..
كوستا :
هند : روعة يا عمر بجد ..انا هاقراها كاملة لكن الفكرة عجبتني جدا برافو عليك تسلم ايدك انا فهمت انت تقصد مين بصاحب المسرح
عمر "ينظر الي عينيها" : كل واحد ممكن يفهمه بطريقة هو يقدر يحمل اكتر من معني لكن تفتكري ايزيس ممكن ترجع..؟؟حتي لو ظن البعض ان رادوبيس هي الباقية
هند "في خجل وهي تفهم ما يلمح له" : هي غايبة من كام سنة ؟
عمر "فجأة وهو ينظر الي الارض" : معلش يا هند ممكن تسيبيني لوحدي دلوقتي
هند "في قلق" : ايه انا قلت حاجة زعلتك ؟
عمر : لا صدقيني مش الفكرة بس محتاج اقعد لوحدي شوية يمكن بس افتكرت موقف كده وهنتقابل تاني بكرة نشوف هنبدأ ازاي علي المسرح والتنفيذ الفعلي
هند "تشعر بحبه" : بس انا شايفة ان المسرحية كده ممكن يتعدل فيها حاجات كتير وخصوصا النهاية
عمر : انا مش عارف ازاي ده حصل ..ده بيحصل فعلا
هند : هو ايه اللي بيحصل ؟
عمر : فعلا المسرحية كلها ممكن تتعدل ..
هند "تبتسم له في اعجاب" : وهتسميها ايه بقي ؟
عمر " مشيرا لها ان تجلس بعد ان كانت راحلة" : هاسميها "ايزيس تقابل رادوبيس في كوستا" ..
ابتسمت هند وتشابكت الايادي فجأة بلا مقدمات واستعرت نظرات العيون ..حالة التحام وجداني كامل وكأن محاولة انكار عمر لوجود الحب الثاني قد تلاشت وصار يؤمن به فجأة ..
ومات صاحب المسرح في رمشة عين وانتصرت ارادة العشق من جديد..
ونقش علي قلبه.."مرحبا بايزيس من جديد في عالمي الذي هجرته ربة القمر"..
No comments:
Post a Comment