منذ فترة تحدث الاعلامي عمرو اديب علي الكتاب الشهير
the 48 laws of power
وهو الكتاب الشبيه في معظم تعاليمه بكتاب "الأمير" لمكيافيللي او بعض توجيهات نيتشة أحيانا .
ولا أحد يجد سببا مقنعا للاعجاب بهذه النوعية من الكتب الا فقط "ادعاء القوة" ولكن القوة تثبت ولا تتدعي فقط !
انتشرت هذه النوعية من الكتب التي تهدم كل القيم للوصول الي مبتغاك حتي وان كان الثمن هو الأخر وهذه الكتب لا تتعارض فقط مع التعاليم الاسلامية او المسيحية ولكنها تتعارض في كثير من الاحيان مع طبيعة النفس البشرية التي لا تولد مفطورة علي الشر كما في اراء بعض الفلاسفة ويعارضهم المئات في هذا .
ربما تريد الوصول لهدفك او تحقق حلمك ولكن الثمن لهذا لابد ان لا يكون ضميرك او قيمك او مبادئك التي نشأت عليها لماذا اصل للقوة مدمرا في طريقي كل ما يمنحني صفة الانسانية ثم اقف علي خط النهاية تعيسا ولكن مرددا "انا قوي" وبهذا تكون كسبت نفسك وخسرت الجميع في طريقك .
الحلم مشروع ولكن لا نبنيه علي انقاض الضمير ..القوة مشروعة ولكن قوة الارادة وليست قوة البطش..والوصول للقمة مشروع ولكن يكون بحبلك الذي ترميه فوق الجبل وتصعد وليس باسقاط الاخرين واخذ حبالهم !
المنظر اللامع:
ان بهذه النوعية من الكتب التي اصبحت كتابتها سهلة جدا في هذا العصر والتي لا تحتاج لجهد يذكر خصوصا ان ابسط شئ في الدنيا ان تجلس وتكتب بعض التعاليم الشريرة خصوصا وانك لا تستخدم اي ابداع او ناحية ابداعية في الكتاب فكما يقال ان ادوار الشر تعطيك مساحة اكثر بينما الادوار الكوميدية او السهلة اصعب .
اعجاب الاشخاص بهذه النوعية من الكتب يعطيهم المنظر اللامع وخصوصا ان تمسك بها بقوة مدافعا عنها يعطينا انطباعا خاطئا دائما ان هذا الشخص قوي جدا رغم ان تمسك الاشخاص بهذه النوعية من الكتب هو ما اسميه "الخلاص" ..الخلاص من ضعفهم وجدوا ما يستطيعون ان يقنعوا الاخرين به بانهم اقوياء لانهم لم يستطيعوا بكافة الطرق التقليدية .
مثال بسيط اذا اردت اثارة انتباه الجميع في حفلة لا يكون بالقاء قصيدة رائعة مثلا ولكن احيانا بمشاجرة عنيفة واذا اردت اثارة انتباه منطقة باكملها بشدة ربما باطلاق رصاصة !
اي ان الموضوع بسيط جدا غالبا في الفيلم "القاتل" هو من يثيرك ويسترعي انتباهك حتي لو ادي ممثل اخر دوره باتقان .
حتي في مباراة كرة قدم رائعة ومليئة بالاداء المبهر اكثر شئ سيسترعي انتباهك هو الشخص الذي سيجري فجأة عاريا في وسط الملعب او محاولا الوصول للاعب ما علي ارض الملعب وتابع بشغف محاولة الامساك به !
انها "الفرقعة" او "الاثارة" سيدي ..ان تكون لامعا ومثيرا للانتباه .
وهو ما يفهمه جيدا نوعية الاشخاص التي تعجب بهذه الكتب التي تتحدث دائما عن تعاليم ضد اي شئ للوصول للاشئ .
الكتاب يناقض نفسه :
كثير جدا من هذه الكتب تناقض نفسها داخل سطورها حتي في كتاب الامير تجد العديد من التناقضات في مبدا واخر عكسه ومن بعض مبادئ هذا الكتاب يقول :
اجعل الاخرين يقومون بالعمل لك ثم احصل علي النتيجة في النهاية
ويقول ايضا مناقضا نفسه :
اجعل الاخرين دائما معتمدين عليك وفو عن طريق افعالك !!!
ويقول الكتاب في بعض مبادئه الوضيعة :
اعرف كيف تقرب اعدائك ولا تثق في اصدقائك .
ولا تلتزم ولا ترتبط باي احد او تعقد معه التزاما !! اي لا ترتبط ولا تلتزم مع اي شخص الا نفسك فقط .
وفي قانون اخر رقم 21 مثلا يقول : ابدو مغفلا امام الناس او تذاكي عليهم .
وقانون اخر يقول ابدو كالصديق واعمل كالجاسوس !!
هذه النوعية من الكتب التي لا تملك اي جانب ابداعي او حكمة قد تأخذها مثلا هي من اسهل ما يكون بل احيانا لا اظن ان الكاتب قد اخذ اكثر من ساع في كتابة ال 48 قانون من تعاليم الشر التي يظنها القوة في وجهة نظره !
لو اتيت باكثر من خمسين فرد وقلت لهم اكتبوا الان خمسين جملة من تعاليم الشر او "كيف تصبح شريرا" وقلت لهم اكتبوا بعدها "كيف تصبح مثاليا" سيكون الاسهل دائما "كيف تصبح شريرا" !
القوة الحقيقية :
لا تاخذ ولا تستلهم القوة من هذه النوعية من الكتب الرخيصة بل احصل عليها من كتب كثيرة جدا ومن الاكثير مبيعا ايضا مثل :
Power Why Some People Have It and Others Don't
كتاب يحاول ان يعطيك القوة وفي نفس الوقت بطرق ليست شيطانية والكثير من الكتب موجود من هذه النوعية التي تمتلئ فعلا بالحكمة والقصص والابداع وليست مقتصرة علي بلاهة تعاليم الشر السهلة .
ومن ما يقوله الكتاب عن الخصائص البشرية التي تعطيك وتمنحك القوة في عملك او للوصول لهدفك هي :
Ambition
Energy
Focus
Self-Knowledge
Confidence
Empathy with Others
Capacity to Tolerate Conflict
INTELLIGENCE
ويتحدث الكتاب ايضا بطريقة محترمة عن اهمية زيادة علاقتك مع الناس للوصول لهدفك وليس استغلالهم في فصل كامل يقول :
Building Efficient and Effective Social Networks
ويتحدث عن العلاقة مع الناس :
MAKE OTHERS FEEL BETTER ABOUT THEMSELVES
وان القوة هي جزء من القيادة وليست كلها :
power is part of leadership and is necessary to get things done
ويقول ان الناس احيانا تعيق نفسها من الوصول الي القوة :
People desire to feel
good about themselves and their abilities. Obviously, any experience of failure puts their
self-esteem at risk
There is an immense research literature about this phenomenon
—called “self-handicapping
ويقول ان القوة ايضا تاتي من الحصول علي شئ من اللاشئ او محاولة خلق الموارد بنفسك او الامكانيات للوصول لحلمك وليس الاعتماد علي مدي توافرها :
Making Something out of Nothing: Creating
Resources
كما لم ينسي الكتاب ايضا اي جانب مثل الكتاب الاخر فتحدث عن "ثمن القوة" او عيوب القوة احيانا وما قد تمنحه لك ليس كله دائما الافضل :
فقال في احد الفصول :
The Price of Power:
وذكر منها علي سبيل المثال :
COST 2: THE LOSS OF AUTONOMY
COST 3: THE TIME AND EFFORT REQUIRED
وتحدث ان حتي بعد الوصول للقمة ليس دائما الحفاظ عليها سهل والقوة لا تمنحك قدرة الاحتفاظ علي قمتك دائما :
EVEN AFTER achieving a powerful, top-level position, staying on top is scarcely
guaranteed
ومن الكتب الرائعة ايضا والشهيرة التي تتحدث عن مبادئ واقعية وليست مجرد مبادئ للشر هو العادات السبع الاكثر فعالية وعندما تقرأ الكتاب لن تجد مبدئا منهم شريرا او داعيا لاي حيل شيطانية فالكتاب
يحثك ان تكون مبادرا وسباقا وغيرها من المبادئ المحترمة وايضا الكتاب الشهير جدا في عالم تطوير الشركات والارتقاء بالموظفين :
Good to Great
وهي مجموعة نصائح لكي تعرف نقاط القوة في شركة ولماذا لا تملكها الشركة الاخري .
والكثير جدا من هذه النوعية المحترمة من الكتب موجودة في الاسواق بل ان فرع من العلم كاملا وهو مثلا "التنمية البشرية" لا يستعين ابدا بكتب من نوعية الامير لمكيافيللي او كتاب قوانين القوة لانه يريد الارتقاء بالبشر وليس الارتقاء بشيطان صغير !
تخيل معي محاضرة مثلا للمحاضر ابراهيم الفقي وهو يتحدث عن كتاب مكيافيللي وينصح الناس باتباع تعاليهم !! مستحيل طبعا لانه يحاول ان يصنع اشخاص ناجحين وليسوا حاقدين مرضي .
هل هؤلاء من يذكرهم التاريخ ؟ :
الغريبة ان الاعلامي عمرو اديب عندما سرد موضوع الكتاب الذي كان يناقشه او كتاب "القوة" كان يقول ان هؤلاء الاقوياء من يذكرهم التاريخ !!
لابد انه تناسي ان التاريخ يذكر صلاح الدين وجيفارا ومحمد عليه الصلاة والسلام وسيدنا عيسي وغاندي ومصطفي كامل وغيرهم من الذين ارادوا اعلاء كلمة الحق والعدالة .
اي ان التاريه لا يذكر فقط موسوليني وهتلر الذين قامت حياتهم علي مبادئ رخيصة من نوعية هذه الكتب وان ذكرهم التاريخ فهو ايضا يذكر نهايتهم المأساوية دائما واخر مثال لنا هي نهاية القذافي المكيافيللي وحسني مبارك وزين العابدين وغيره من تلاميذ هذه الكتب ..
هل هم وصلوا للقوة ؟؟ حسنا اخبرني اين هم الأن ؟؟مزبلة التاريخ .
بينما يذكر التاريخ مثلا الرسول محمد الذي يتحدث عنه الغرب في احد الكتب انه اعظم شخصية في العالم وهو بالطبع جاء لارساء مبادئ وقيم عكس كتاب مثل "قوانين القوة" تماما وعلي النقيض تماما منها وهو خالد الأن في التاريخ والي الأبد .
ويذكر التاريخ عمر بن الخطاب الذي تقريبا حياته باكملها وكل قوانينه للقوة هي العكس التام لهذا الكتاب
ويذكر التاريخ جورج واشنطن الذي قرات كتاب عن حياته والقوانين والمبادئ التي كان يسير عليها ولماذا هو محبوب حتي الان واغلبها مبادئ مثل التواضع والاقتراب من الاخرين وحل مشاكلهم وغيرها من صفات الشخصيات القيادية وليست الشخصيات القوادة التي يصنعها كتاب مثل "قوانين القوة ال 48"
واقول فعلا من السهل ان تصنع قوادا وتمنحه العاهرات ولكن من الصعب جدا ان تصنع قائدا محنكا وتمنحه مفاتيح العلاقة مع الناس وكيف يجعلهم يحبونه ويخشونه في نفس الوقت .
اذا فهذه النوعية من الكتب التي لا تتحدث الا عن تعاليم الشر هي فقط لكي تحاول ان ترسم بها قوتك الوهمية امام بعض الضعفاء ولكن لا تمنحك القوة فعلا من داخلك الا ان كان داخلك روح حيوانية شهوانية فقط .