قلبي جدار جرافيتي للملائكة

"الإنسانية نهر من النور يسير من أودية الأزل إلى بحر الأبد"
جبران خليل جبران


"ذلك الطّفل الذي كنتُ, أتاني
مرّةً
وجهًا غريبًا.
لم يقل شيئًا. مشينا
وكِلانا يرمقُ الآخرَ في صمتٍ. خُطانا
نَهَرٌ يجري غريبًا."

الشاعر / أدونيس





ومن نهر إنسانيتي وحياتي..وضعت الدمع حبرا وأرتويت منه بسن قلبي لا قلمي..
وخرجت أرنو الي مصب الوجد النازح من السماء كقوس قزح داكن حزين..
وقلت : هذه حياتي..فأقرأوا منها كل مرحلة..
حياتي كما قصيدة شعر حر..ستجد الموسيقي فيها هي العنصر الأصيل..
العنصر السعيد رقصا والحزين شجنا ..

حياتي لحن عبقري كما "سوناتا القمر" لبيتهوفن..
ونشيج إستثنائي كما تكون صرخة الخنساء..
وجعلت منها إحتمالا لأصل بحبي الي اليقين وبجنوني الي قبس من المحال..!

فأنظروا الي نهر إنسانيتي كيف يسير..والي اين مصبه واين منبعه ..



عند الولادة :

حين ولدتني أمي لم أصرخ مثل الأطفال..
بل سألت..
أماه..
قالت صارخة : "معجزة ..رضيعي يتحدث" !!
قلت : خلق العالم يا اماه في بضعة أيام..
فهل لي أن أسأل..
في كم يوم تحديدا خلق الحب ؟؟
مات الطبيب بصدمة عشقية حادة..
وارتخت ملامحي كهلا حكيما !





مرحلة الطفولة :

عنكبوت صغير علي صدري..
وأحلم بيمامة صغيرة أسميها حبيبتي وأرسمها في أوراقي..
عنكبوت؟ ويمامة؟ وأنا وحدي؟
هل وحدتي هي الغار لتكتمل الصورة ؟
أي غار حب هذا ؟
هل استلمت رسالة الحب الأبدية ؟
سأقول كما إيليا.."لست أدري" !





مرحلة الجامعة :

تفتح أقلاما وأوراق وهمسات عشاق،
وتسابق القصائد الفضية خفق قلبي،
ظننتهم كلهم يكتبون الأن القصائد في عينيها،
لكنهم يكتبون بعض الأرقام..
هو في نظرهم "أستاذ" وفي نظري كيوبيد يشرح لي خطوتي المقبلة..
تسألني هي عن القلم..
أه حسنا..
سأترك لكي القلم وأهرب عند انتصاف الليل..
سندريلا تترك الحذاء..
سأترك لكي القلم..
ولكن إبحثي عني بمقاس القصائد والموت السعيد..!




الأن :

كاليجولا يبحث داخلي عن القمر ليحكم العالم..
هو حاكم مجنون..
ولكنه يتشارك مع نيرون نصف قلبي ..
قلبي زهرة نصفها يحكمه الشر ونصفه يحكمه الملائكة..
وفي وسط الصراع ظهرت ثورتك..
ولكن المصيبة..
لا اعلم إلي أي طرف ستنتمين ..
هي كلها مدينتي..
ولكني فقدت حكم المدينة..وتركت شعلتها المقدسة في عينيك ما بين شعلة وانطفاء..
ما بين عطش وارتواء..ما بين قوة وانحناء..





في المستقبل :


سأتحنط فرعونيا أمام منزلك..
جدارا من نور لن تمري منه الا ونهلت من نورك وجعلته أصلب وأقوي..
لن يرسم علي جداري الأطفال ويلعبون..لأنه غير مرئي..
فقط يراه الملائكة وديانا وعشتار..
وديانا عذراء كما روحي..
ويصبح الجدار النوراني مسرح "جرافيتي" للملائكة..
يمارسون عليه فنونهم ويرسمون فينوس بكل دقة..
ستغارين يوما من الجدار الكامل النوراني..
وتصبحين نقشا عليه ذات يوم..
يا شقيقة أحلامي النصف منسية..ستعودين ذات يوم..





مرحلة العجز :


لن يلقي بي الي دار المسنين..
عجوز جدا ..ولكنهم سيرون حالتي..
لا حل لي الا بوضعي في "دار العاشقين"..
سترهقهم السبل ..وتفندهم نبضاتي الصاخبة..
أموت أموت..
مدوني بجهاز عشق اصطناعي وصدمة كهرباء من رعد عينيها علي صدري..
لن أصبح عجوزا..
لأن العاشق عجوز يوم مولده أيها الغرباء..
وحكيم قبل أن يقرأ حرفا..
وأصيل قبل أن يجد له جذورا وهوية..
ومنتمي قبل ان يصنع له البشر جواز سفر..
وله فصيلة دم مختلفة يعرفها قبل ان يحقنوه
العاشق لا يموت..ولكنه يفقد ذاته ..!





جنة أم جحيم :

أين أنا..
أهذه الجنة أم الجحيم ؟
اه نعم سمعت ما تقولون..
إنها لوحة حب اغريقية..
أصبحت مجرد رسم وبضعة ألوان بجوار إمرأة تحمل ناي وأخري تحمل أوتار..
علي مسلة..علي هرم...لالا أظنني علي حضارة حب كاملة..
أو أنا حضارة حب جديدة..
موت العاشق..حضارة..ونبت جيل عذاب جديد..





والأن حقا أسألكم كما سألت نازك الملائكة وقالت :

أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ?
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ?
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ?



يا نازك الجميلة..كيف نغلب الألم مادمنا قد اخترنا العشق..؟