""سوف ألقاك حياة
في زمن ميت الأنفاس ممسوخ الرفات
سوف ألاقاك عبيرا بين يأس الناس
عذب الأمنيات
دائما أنت بقلبي
رغم أن الأرض ماتت
رغم أن الحلم.. مات
ربما ألقاك يوما في دموع الكلمات!!""
فاروق جويدة
الأنانية في الحب لعنة حتي ولو علي بعد أمتار من بئر أمنيات..
لماذا تتحقق أمنيك؟
ولماذا تتحقق أمنيتها
اذا كانت أمانيكم لا تحقق ذات الحب ؟
هذه الجملة قالها الجد سالم الذي يبلغ من العمر ثمانين سنة لحفيده الأصغر عمر الشاب العشريني الذي طالما جلس مع جده ليسمع منه عذب ذكرياته وعذابها ويقرأ دفتر مذكراته الذي عاش حبيس الادراج لسنوات طويلة كما السجين لا يؤنسه سوي صوت المفتاح الذي يفتح الادراج وكأنه يقول للأوراق بلهجة عامية "كفارة"..
سأل عمر وهو يقلب أوراق الدفتر بلهفة وحماس : امتي كتبت الكلام ده يا جدو ؟
سالم يأخذ الدفتر ويلقي نظرة فاحصة : وريني كده
عمر : دي ..السطور دي بالذات..ايه قصتها ؟؟
سالم : يا ..يا عمر دي حكاية عمرها يجي خمسين سنة
عمر : وهي الحكايات ليها عمر يا جدو..طول عمرك بتقولي حكايات الحب ملهاش حاضر ولا ماضي ملهاش عمر ولا بتعترف بالزمن طول عمرها في عنينا حاضرة وفي قلوبنا نور لمستقبل جديد
سالم : أجمل من نقش الحنة علي كف البنات
عمر : وأجمل من نقش الحنة علي كف البنات
سالم : احكيلك يا سيدي وامري لله ما انا مش هاخلص منك
عمر: بالتفصيل يا جدي عشان خاطري..احكيلي كل الحكاية
سالم : اه انت كده نسيت انا قولتلك ايه كمان عن حواديت الحب
عمر : قولتلي ان ممكن سطر منها ما يتوصفش بكلام مليون سنة..بس احكيلي علي قد ما يقدرك قلبك ..احكيلي اللي ينفع يتوصف وسيب اللي يتحس ونس بيه قلبك ..
سالم : حاضر يا سيدي..انا هاجيبلك الدفتر من جوة واقرالك بالظبط كتبت ايه يومها بالتفصيل
عمر : اتفضل يا جدو
سالم : اسمع يا سي عمر القصة دي كتبتها في نفس اليوم اللي كتبت فيه السطور اللي سالتني عنها :
لم يكن اليوم كمثل باقي الأيام..الشمس تشرق من نفس المكان وتغرب في نفس مكانها المعتاد ولكن الشروق والغروب في قلب العاشق تتغير مواضعهما حسب نية الهجر والفراق..
هربت كما هرب "تيمون الأثيني" في مسرحية شكسبير من العالم وظلمه وغرائب فعله وقسوة أحكامه..هربت هروب المنفي بإختياره والمعزول بحكم قلبه من مرارة الهجر الذي ما لمس نبض إلا شانه..
تسألني الأن ولماذا حدث الهجر وتمددت مقاصل القطيعة ؟..إسأل كل من هجر وكل من فارق ولن تجد تفسيرا ولا سببا ..
انه يوم الفراق الذي لن تجد له معقول ولا دليل عقلي ولا منقول..
انه يوم الفراق الطويل الغريب الذي وصفه الشاعر أبو تمام وقال :
يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا لم تُبقِ لي جلداً ولا معقولا
يوم الفراق اليوم الذي احتار فيه الشعراء وبكت علي نحيبه الأوتار والأغنيات وتصاعدت مع شهقته شهقات البشر لسبع سموات طباقا وذرفت من أجله الدموع واحترقت فيه اجساد الشموع
ومازال الكل يسأل ولماذا حدث الفراق ؟ أهو القدر فقط ؟ أم هو حب لم يكتمل عوده من بعد جذره الضارب في كياننا ؟
هل الفراق حب لم يكتمل ؟ أم حب مات من فرط إكتماله ؟
هل الفراق يتشابه مع الحب في انه يأتي في لحظة ؟ أم ان الحب لحظة بينما الفراق أشجان عمر ؟
هل يصبح البشر مثل السيجارة في ايادي كيوبيد ؟ يشعل اجسادنا حتي النهاية بالحب ويطفأنا في المطفأة بالفراق ليكسر فينا البقايا ؟؟
ولو كان الحب لعبة كما يقول البعض ..فهل الطفل الذي يلعب بنا هو الهجر والفراق ؟؟ يكسرنا في لحظة تهور وصرخة مرح ؟
هل الموت أرفق بنا من الفراق..؟ لأن الموت نهاية طريق بينما الفراق رحلة غربة للبحث عن نهاية سعيدة
وهل الفراق كما "جهاز كشف الحب" فإن كان حبك كاذبا أخذك الفراق الي مقاصله البغيضة ؟
هل الحب دموع بينما الفراق نحيب ؟ وكم هي صعبة لحظات النحيب فالعين تبكي الدمع بينما الأرواح هي من تنتحب..
هل الفراق رحلة في فلسفة نفوسنا لأنها تجعل من القدر شفافا وعذبا فمهما كان عذابه بعد الفراق سيكون هينا ..
هل الدموع تسجد للفراق ؟ فان لم يجد الفراق دموعك صادقة احتلك واسقط راية الحياة فيك ؟
الله يعرف اننا ضعفاء ..فهل خلق الفراق ليؤكد لنا ذلك ام اننا خلقنا الفراق بأيدينا ؟
في هذا اليوم ذهبت الي الاسكندرية وجلست طويلا بجوار "بئر مسعود" ..هذا المكان الغريب الذي يحكي ويحكي عنه الكثير من القصص والاساطير ثم وضعت السماعة في اذني لاسمع اغنية
Yesterday
الكثير من المطربين غنوا هذه الاغنية ولكن افضلهم بالطبع وعلي الاطلاق
the beatles
توقفت قليلا اعيد نفس المقطع من الاغنية الذي يقول
suddenly, I'm not half the man I used to be
There's a shadow hanging over me.
Oh, yesterday came suddenly.
Why she had to go I don't know she wouldn't say
جلست كما عادة العشاق بعد الفراق في جلسة اعادة ترتيب الكون..وهي الجلسة التي يعرفها كل من عاش قصة حب اعقبها وحش الهجر بطعنات محكمة وصارخة..
جلسة ترتيب مواضع النجوم وقوة تدافع الامواج واثار الاقدام علي الطرقات ..تشعر انك المتحكم الاول في الكون بعد خالقه وهذا ليس من فرط قوتك في هذا الوقت بل من فرط ضعفك ومحاولة اثبات
شئ لنفسك لا تبوح به لأحد..
وكأنك تقول لنفسك مازلت أحيا ..انا هنا ايها العالم مازلت أعيش واتحكم وأقرر..سأفرق الامواج عن بحرها وافرق القمر عن ضيائه وافرق الشمس عن نورها ..اصابتني لعنة الفراق نعم ولكنني الأن أقوي..أنني الفراق بنفسه ..حاضر بصفته وشخصه..
وكان الفراق كان كما رأينا في الحكايات الخيالية "عضة مصاص دماء" ربما اصابتني العضة في رقبتي ولكنها حولتني الي نفس الشئ..نفس المسخ ونفس الوحش..احذر ايها الكون فانا اليوم الفراق نفسه او تجسيدا للفراق في صورة انسان او احد "الزومبي" الذي يسير حول مقابر الحب ..فاحذروا مني..واحذر مني ايها العالم الغريب..
في هذا الوقت رأيت رجلا لا أعرفه ولكني أحسست فيه بألفة ..رجل عجوز بجلباب أبيض تتمزق بعض أطرافه بفعل عوامل تعرية الفقر والحرمان ولكن تري في وجهه الحكمة او الخوف ايهما أقرب..
اقترب مني الرجل كي يبدأ احدي أحاديث الغرباء وقال : مالك يا ابني ؟ شايل هم الدنيا ليه فوق راسك ؟
قلت : هي الدنيا اللي حطت همها مش انا اللي شلته
قال : ومجربتش بير مسعود ؟
قلت : شوف يا حاج انا جيت المكان ده عشان استجم شوية وانسي الهم ولكن مبصدقش حكاية البير ده ؟ ولا بصدق في السحر ؟
قال : ده مش سحر ..دي امنيات بتتحقق
قلت : طيب مين اللي يحقق الاماني غير ربنا او ساحر
قال: ممكن الوهم وممكن ارادتنا
قلت : وازاي الوهم بيحقق امنيات ؟
قال : زي مريض بيوهمه الدكتور انه خف ويصدق وممكن كمان يصيبه المرض لو خاف منه خوف مرضي
قلت : لكن ازاي البير هيوهمني انه هيرجعلي حياتي ؟ ياريته كان وهم ياريته
قال : جرب ومش هتخسر حاجة بس صدق نفسك وصدق الامنية اللي بتقولها
حينها امسكت قطعة نقدية ثم التفت الي الرجل فلم أجده ولكني حاولت وقلت لما لا ..لندعها تجربة مثل باقي التجارب سواء اصبت او فشلت يكفيني شرف المحاولة او يكفيني شرف الفشل..
القيت العملة في البئر وتمنيت امنية واحدة ان يجمعنا الزمن مرة أخري..
لا أعرف ان اصبت أم أخطئت ولكني تمنيت كما قال لي الرجل الذي اختفي في لحظة وذهبت الي غرفتي في هذا اليوم لمقابلة صديق وقال لي : كنت فين ؟
قلت : كنت عند بير مسعود
قال : انت مش قولت مبتصدقش الحاجات دي ؟
قلت: ولكن الواحد بيشوف كتير اساطير وخرافات بس كان نفسي اكون جزء منها
قال : واتمنيت ايه ياتري ؟
قلت : هاقولك بعدين
ومرت الأيام وذهبت الي بئر مسعود مرة اخري ..ولكن ويحي ماذا أري..أهي بنفسها ؟ بجنونها وحسنها وطلتها المسحورة المعتادة عند ملك الجان ؟
أهي الأساطير تتحقق من وجع الفراق وكربه ؟
ماذا تفعلين أيتها الجميلة ؟ أتلقين بالعملة في البئر كما ألقيتي بقلبي في بئر الحب كأمنية تلاشت ؟
هل انا مجرد عملة القي بها الزمان في بئر امنياته الجاحدة ؟ أم ألقيتي انتي بها ؟
تري ماذا تتمني هي الأن..سأذهب اليها..لا لا ..لقد حقق البئر أمنيتي ولكن سأنظر فقط من بعيد..
انها تهمس للعملة ..انها تصدق بالأساطير والأوهام..فلماذا لم تصدقني اذا وتصدق اسطورة قلبي وخرافاته ؟
شكرا أيها البئر الوحيد مثلي ..يا من تحقق أمنيات الخائفين دون ان يدركوا قاع خوفك ووحدتك
شكرا ايها البئر يا من تتلقي ضرباتهم بعملاتهم المعدنية كأسواط الجلاد ولا تتألم بل تغفر..
تعلمت منك الغفران أيها البئر ..
هم يوجعونك وانت تسامح وتحقق امانيهم..
يأتونك خائفين وتردهم سعداء بنشوتهم ..
ولكن قل لي بالله عليك..كم تمنوا وتمنوا أمنيات حولك ولكن حينما رأيت حبيبتي..ألم تتمني أنت اليوم ؟
ألم تتمني لو كنت بشريا ودب الله فيك الحياة لتباركها بنظرة من لمعة تلك العين القاتلة الصامتة كما مرض فتاك ؟
ألم تتمني ان تصبح بشريا ولو مت أمام رموشها بنوبة عشقية حادة ؟
والأن صارحني أيها البئر ..قل لي بكل صراحتك المعهودة..هل ستحقق لها الأماني أم أنك اليوم حققت أمنيتك برؤية خلاصة أماني الناس أمام عينيك ؟؟
أه ..يا ويلي..أحترم عذابك ولكن قل لي بالله عليك..هل لك قلب يتعذب أم تتمني من الله أن يهبك قلب ولو حتي احترق قلبك في دقائق أمام لفح الهواء المحيط ببركان جمالها وبركاته ؟؟
خرجت من أمام البئر بعد ان ألقت بأمنيتها في بطن البئر المسكين العاشق مثلي..تجري كما المجنونة..عاهدتها مجنونة وغريبة الاطوار ومتغيرة ومتقلبة كما الموج ولكن ماذا يفعل البحر في تقلب موجاته اذا كنت انا البحر نفسه واعشق تقلبها كصفحات فوق قلبي وذاتي
عاهدتها تتحرك سريعا تختفي سريعا ولكن اليوم رأيتها في اغرب حالة لها وهي تجري بجنون ولكن هل ستترك لي علامة ؟ هل ستسقط حذائها مثل القصص ام تصدمها سيارة وانقذها كما الأفلام ام لا شئ قدري سيحدث في تلك اللحظة وستكمل الجري ؟
اختفت تماما من المشهد ..واختفيت انا ايضا وانزلت عليه الستار لمحاولة التفكير في غدي وكيف سأراها لاحقا ..
بعد شهور طويلة ذهبت أبحث عن عنوانها ولم يستدل عليه لانهم تركوا المكان منذ فترة..كانت اخر مرة ذهبت فيه الي البئر وكأنها تقول له "اتمني ان يعثر هو علي فأنا سأذهب بعيدا جدا"
فرقتنا السنين والأيام ولم اعرف أي لعنة صبها علي البئر بعد ان جعلني أصدقه واصدق انه سيجمعني بها واراها مرة اخري
ومنذ هذا اليوم وتغيرت حالتي وحققت احلامي الحلم تلو الاخر وذهبت الي بئر مسعود وكأني أسأله واعرف الاجابة مسبقا "هل جائت اليك وتمنت ان احقق كل ما احلم به ؟"
أهذا هو ما تمنت هي ؟؟ ولكن أين هي الأن من يدلني علي مكانها ؟
رأيت الرجل العجوز مرة أخري وقال لي : حلمك لم يتحقق..لأنك تمنيت بأقل مما يجب ؟
قلت : الحلم هو الحلم.. هذا البئر كاذب
قال: انت تعلم انه لم يكذب لقد تمنيت ان تراها ورأيتها وهي تمنت ان تحقق احلامك وحققتها دون حلمك الخاص بها لأنك زهدت فيه
قلت: وكيف زهدت في حلمي
قال : لقد تمنيت فقط ان تراها ولم تقل "اتمني ان تجمعني معها الي الابد..اتمني لو احتضننا الحب والموت أخرجنا من كتب الفراق والهجر"
وهي قالت " اتمني ان يحقق حلمه"
ولم تقل "اتمني ان أصبح كل احلامه وأمانيه"
قلت : وهل غضب الحلم منا ؟
قال : غضب البئر محقق الأمنيات انما الأحلام لا تغضب وانما قد تتواري في مكان بعيد في قلبك لا تدركه الي ان تحين لحظة انفجار حلم جديدة ..
الأحلام لا تموت أبدا ولكن احيانا تموت ارادتنا وسعينا في البحث عنها..
قلت : ولكني تمنيت بصدق
قال : الأمنيات لا تحتاج صدقك بل تحتاج صراخك ورغبتك..
كما يعلمك بئر الامنيات ان تسقط العملة لأسفل كي يخرج الحلم لأعلي..
تنازل وانحني امام الحلم حتي اذا ما وجد الحلم فيك ضعف ورغبة خرجت من انكسارك حقق فيك ما نقص واصلح فيك ما كسر..
انكم تهمسون للعملة ولا تهمسون لقلوبكم وايمانكم بحلمكم !!
تهمسون للبئر ولا تهمسون للكون ولا تتحدثون لغته الحالمة..
لا تخافوا من الامنيات ولكن انحنوا امامها احتراما واجلالا ..
اجعلوا من قلوبكم بوابة مسحورة للحلم لا تفتح الا اذا رددت كلمة السر وهي البكاء والألم والرغبة الصادقة الجامحة في تحقيق الحلم..
اجعل الحلم كما عشيقتك فكر فيه كل دقيقة وقل لنفسك المثل بطريقة اخري "البعيد عن الحلم بعيد عن العين"
زين السماء بالامنيات فحتي اذا لم تستطع تحقيق بعضها فيكفي استقبال السماء لروح حلم مقتول كما "استقبال الفاتحين" او "استقبال العاشقين" !!
قلت : من انت ايها الرجل..؟ انت ايماني ام انت روح هذا البئر وتجسيد له في هيئة بشري ؟
قل لي من انت
قال : انا فرصتك الثانية
قلت : وما العلاقة بين الفرصة والحلم ؟
قال : الحلم فرصة علي وشك الولادة
قلت : وماذا ان لم تتكرر الفرصة
قال : الفرصة حالة تكرار دائم كما هذا الكون وكما نبض قلوبكم وجنون اشتياقكم
ولكن موت الفرصة هو حالة العمي التي تصيب قلوبكم عن تكرارها بجملة يائسة تقولون فيها "ضاعت الفرصة"
والفرص لا تضيع فالحلم كما قلت لك جنين الفرصة وحتي الاحلام الضائعة تحاول ان تبحث فيكم عن تكرار الفرص وتحاول البحث عن أمها المفقودة الفرصة..
قلت : سأحاول مرة اخري مع هذا البئر ..ساحاول ان اشعل شموع روحي لصلاة حلم وأمل..
وحلمت شهور وشهور حتي رد علي البئر في ليلة ممطرة عاصفة بطرحة بيضاء..
فزعت وقصف البئر في قلبي الرعب حينما رأيت طرحة زفاف بيضاء تطير في وجهي..
لا أعرف هل هي طرحة زفافها ام طرحة حلم جديد يزف الي قلبي ؟
اي اشارة يعطيها لي الكون ؟ في تلك القصة الي ماذا ترمز تلك الطرحة البيضاء الحزينة ؟
ولماذا هي طرحة هشة تحترق في يدي تحت المطر وبين العواصف والامواج العاتية ؟
عمر : وياتري الطرحة دي طلعت ايه يا جدو ؟
سالم : الطرحة دي كانت اشبه بحالات التجلي زي تجلي السيدة مريم
عمر : يعني ممسكتهاش بايدك فعلا ؟
سالم : حسيت انها بين ايدي لكن اما وقف المطر مشوفتش حاجة منها ولا أثر
عمر : ومشوفتهاش تاني ؟
سالم : وكأني في كل زيارة لبير سالم كنت بشوف وشها هناك وهي بتجري وبتهرب
عمر : لكن مين الراجل اللي كان بيكلمك عند البير ؟
سالم : لحد دلوقتي معرفش ولكن كنت بشوفه كتير ممكن يكون تجسيد لحلم جوايا او تجسيد للبير نفسه
الصدق يا عمر بيجسد الأمنيات
عمر : وراحت فين هي دلوقتي ؟
سالم : للون الأبيض يا عمر احنا الاتنين في اللون الابيض من زمان
عمر : لون ابيض ؟
سالم : زي اي اتنين بيفترقوا..
هتروح هي للوح الطرحة الابيض وعليها دمعة فراق
ويروح العاشق للون كفن حزنه الابيض وعليه نفس الدمعة
احنا الاتنين في حالة جنون اللون الابيض
وبعد سنوات من وفاة الجد سالم ظل عمر يزور نفس المكان ..ويلقي العملات في بير مسعود ويقول لأصدقائه : "شامم ريحة الحب في البير ده ..ريحة قديمة واصيلة من ايام جدو.."
ويظل البير مسرحا للعملات الصريعة والقلوب العاشقة ..
ولا زالت الطرحة البيضاء في لحظات تجلي لبعض القلوب الصادقة المحبة..