كان صبيا يلهو ويراقص الزهور وهو يطعم طير قتله البرد وانهكه السفر ..
قال " عصفور برئ ملئ جناحيه وضعيف ملئ قلبي"
قال له رجل مر من امامه " لا تثق كل الثقة الم تسمع بالثقة العمياء ؟ "
قال "من انت ؟ وكيف تكون الثقة عمياء؟ "
قال له الرجل " اما من انا فأنا ضالة حكمتك ومنتهي املك وغاية طريقك واما عن الثقة فاجلس لنتحدث"
قال له الصبي" لا اجلس مع من لا اعرفهم"
قال له " واين هي ثقتك الأن" !
كان صبيا يلعب مثل الاطفال ولكن اعمق..كان يظن بانه عائد من زمن ما وينكر الناس قوله وان لم يقله..
كانت به نضارة الاطفال وانكسارة الكبار وترانيم الزمن ..
رأي الرجل فسر في وجه الرباط وكان باسما..باسما حزينا في نفس الوقت..
قال له الطفل متلهفا " كنت انتظرك..لا لا بل اتوقع مجيئك اليوم..لا لا بل استلهمك في لوحاتي انظر"
قال له الرجل "شمس وقمر ونجوم ..اي بشارة هذه ! هل كنت تتوقع نبي ؟ "
قال له الطفل " الحكم أنبياء في داخل كل منا ورسل سلام "
قال " وهل تثق بي كما وثقت في العصفورة؟"
قال الطفل " وهل ثقتي عمياء ؟ "
قال له الرجل " الثقة كما النظر الي الشمس تستأمنها علي عينك وهي لا ترعي امانتك او كصحبة النار لا تري الا ضوئها ولا تري هي الا موضع جسدك او كمراعاتك لتلك العصفورة"
قال الطفل" وما ذنب تلك العصفورة وما اقترفته من ذنب ؟ "
قال "وجدت انت فيها ملجأ لحنان قلبك ووجدتك هي مجرد واحة في طريق سفر"
قال الطفل " ربما تقسو عليها قليلا بحكمك عليها "
قال الرجل " لقد جئت اليك مبلغا لرسالة وحاملا لكلمات هي مسك طريقك وأمينة عليك فان اعتنقتها اعتنقتك وان اعتقتها لم يعتقك همسها "
قال الطفل" انتظرتك سنوات فقل لي أي نبراس ساسير اليه واي قنديل سيسير عليه قلبي "
وقف الرجل ونظر اليه وقال "ايها الصبي لا تجعل ثقتك هي مفتاحك بل اجعل الشك يحمي ظهر الثقة فان سقط ما يحميه وجدت لك حارسا امينا..
وان اتاك الحب يوما فلا تفتديه بقلبك بل افتديه بروحك فان اصابك لم يصب قلبا نابضا بل روحا حرة مرفرفة ..
وافتدي روحك بعينيك فان اصابك الحب بنظرته فلا تنظر الي شمس او قمر وتهرب من نظرته ولا تسألهما هل الحب بلام قمرية او شمسية بل انطقها فقط "حب" !
وابني للناس قصورا في قلبك قدر المستطاع ..فالناس قدر كرمهم وتواضعهم ..ولا تصبح للناس متنفسا فقط بل متنفسا لالامهم..
واجعل قلبك مفتوحا لعناء الناس وأحلامهم وافرش عتبة قلبك بوريد الامنيات والامل..
ولا تضيع ابدا عشق قد اتاك يا بني فان من يضيع العشق يعشق الضياع..
ولا تسير ابدا علي طريق الامل بل سخر نفسك لبنائه طول عمرك فبناء الأمل اصعب من السير عليه ..
ولا تمتطي الحلم فرسا وجوادا بل اجعل من روحك فرسا للوصول الي سدرة الحلم وغاية الحياة ..
وانتهي حيث يريدك الأخرون وابتدأ من حيث شئت ..اختر لنفسك البداية وضعهم يضعون النهاية ان كانت سعيدة علي طريقتهم فحتي مؤلف العمل يحتاج المخرج المبدع..
ولا تجعل من الحب عقدة لسانك بل تذوقه كالسكر واشتهيه كساعة السمر وارتمي في احضانه كما اليتيم..
الحب أباك وأمك فأطع الحب تطيعك الدنيا وتذلل لك الصعب ..ولا طاعة لمعشوق ان فكر في هجر العاشق ..
واعلم ان الدنيا هي انعكاس لك كما صورتك المرتعشة علي نهر عذب فان كانت صورتك جميلة لم يضرك ولم يهز صورتك بعض الحجر علي النهر..
الدنيا قرينك الذي لم تراه ورسالتها كيف تكبر في عين الناس ولذلك خلقنا الله صغارا ثم نكبر طوال حياتنا فهي درس في ان نكبر لا ان نتكبر..
واعلم ان الله خلقنا قصصا اسماها القدر وخلقنا سنوات اسماها العمر وخلقنا روحا أسميناها العشق ..
فخذ الحب هبة ورهبة..شكا وإيمانا..ترددا ويقينا..فالحب يعشق حالة فصامك لانه من طبعه..
واعلم ان الجمال غاية ووسيلة..وسيلة لحكمة وغاية للكمال.."
قال الصبي "اراك بالشعر الابيض ولكن في وجهة نضرة الشباب كم عمرك ايها الرجل ؟ "
قال الرجل " عمري الدهر وازدادوا عشقا "
قال الصبي " هل سأجلس عمري انتظر العشق ام اسعي لأجله"
قال الرجل " لا احد يسعي للحب فالحب معركة مؤجلة للبقاء لا تحارب فيها قبل ان تأتيك وتدق طبولها "
قال الصبي " وكيف اعلم ان اتاني الحب "
قال الرجل " ان كنت صبيا تهرم وان كنت عجوزا تعود صبيا وان كنت يائسا ياتيك الامل وان كنت ضائعا تجد الطريق ..ان ارتحل فيك تحضر له المتاع فهور رحلة تسافر فيك ولا تسافر فيها ..فالحب ساعة تسير عكس الزمن فسر معها عكسه الزمن فان سرت مع الزمن سرت عكس الحب"
قال الصبي " تذوقت حديثك ايها العجوز وفهمت الغاية منه فهل تداوي معي جراح العصفورة"
قال الرجل" إسألها هل تستطيع هي ان تداوي جراحي"
فسألها الصبي
فطارت..
ونسيت العصفورة الألم..!
2 comments:
ابدااااااااااع بلا حدود
قصة جامدة جامدة
Post a Comment