Friday, March 29, 2013

أمنيات في بئر مسعود..قصة قصيرة








""سوف ألقاك حياة
في زمن ميت الأنفاس ممسوخ الرفات
سوف ألاقاك عبيرا بين يأس الناس
عذب الأمنيات
دائما أنت بقلبي
رغم أن الأرض ماتت
رغم أن الحلم.. مات
ربما ألقاك يوما في دموع الكلمات!!""



فاروق جويدة





الأنانية في الحب لعنة حتي ولو علي بعد أمتار من بئر أمنيات..
لماذا تتحقق أمنيك؟
ولماذا تتحقق أمنيتها
اذا كانت أمانيكم لا تحقق ذات الحب ؟

هذه الجملة قالها الجد سالم الذي يبلغ من العمر ثمانين سنة لحفيده الأصغر عمر الشاب العشريني الذي طالما جلس مع جده ليسمع منه عذب ذكرياته وعذابها ويقرأ دفتر مذكراته الذي عاش حبيس الادراج لسنوات طويلة كما السجين لا يؤنسه سوي صوت المفتاح الذي يفتح الادراج وكأنه يقول للأوراق بلهجة عامية "كفارة"..

سأل عمر وهو يقلب أوراق الدفتر بلهفة وحماس : امتي كتبت الكلام ده يا جدو ؟

سالم يأخذ الدفتر ويلقي نظرة فاحصة : وريني كده

عمر : دي ..السطور دي بالذات..ايه قصتها ؟؟

سالم : يا ..يا عمر دي حكاية عمرها يجي خمسين سنة

عمر : وهي الحكايات ليها عمر يا جدو..طول عمرك بتقولي حكايات الحب ملهاش حاضر ولا ماضي ملهاش عمر ولا بتعترف بالزمن طول عمرها في عنينا حاضرة وفي قلوبنا نور لمستقبل جديد

سالم : أجمل من نقش الحنة علي كف البنات

عمر : وأجمل من نقش الحنة علي كف البنات

سالم : احكيلك يا سيدي وامري لله ما انا مش هاخلص منك

عمر: بالتفصيل يا جدي عشان خاطري..احكيلي كل الحكاية

سالم : اه انت كده نسيت انا قولتلك ايه كمان عن حواديت الحب

عمر : قولتلي ان ممكن سطر منها ما يتوصفش بكلام مليون سنة..بس احكيلي علي قد ما يقدرك قلبك ..احكيلي اللي ينفع يتوصف وسيب اللي يتحس ونس بيه قلبك ..

سالم : حاضر يا سيدي..انا هاجيبلك الدفتر من جوة واقرالك بالظبط كتبت ايه يومها بالتفصيل

عمر : اتفضل يا جدو

سالم : اسمع يا سي عمر القصة دي كتبتها في نفس اليوم اللي كتبت فيه السطور اللي سالتني عنها :


لم يكن اليوم كمثل باقي الأيام..الشمس تشرق من نفس المكان وتغرب في نفس مكانها المعتاد ولكن الشروق والغروب في قلب العاشق تتغير مواضعهما حسب نية الهجر والفراق..
هربت كما هرب "تيمون الأثيني" في مسرحية شكسبير من العالم وظلمه وغرائب فعله وقسوة أحكامه..هربت هروب المنفي بإختياره والمعزول بحكم قلبه من مرارة الهجر الذي ما لمس نبض إلا شانه..
تسألني الأن ولماذا حدث الهجر وتمددت مقاصل القطيعة ؟..إسأل كل من هجر وكل من فارق ولن تجد تفسيرا ولا سببا ..
انه يوم الفراق الذي لن تجد له معقول ولا دليل عقلي ولا منقول..
انه يوم الفراق الطويل الغريب الذي وصفه الشاعر أبو تمام وقال :
يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا    لم تُبقِ لي جلداً ولا معقولا


يوم الفراق اليوم الذي احتار فيه الشعراء وبكت علي نحيبه الأوتار والأغنيات وتصاعدت مع شهقته شهقات البشر لسبع سموات طباقا وذرفت من أجله الدموع واحترقت فيه اجساد الشموع

ومازال الكل يسأل ولماذا حدث الفراق ؟ أهو القدر فقط ؟ أم هو حب لم يكتمل عوده من بعد جذره الضارب في كياننا ؟
هل الفراق حب لم يكتمل ؟ أم حب مات من فرط إكتماله ؟
هل الفراق يتشابه مع الحب في انه يأتي في لحظة ؟ أم ان الحب لحظة بينما الفراق أشجان عمر ؟
هل يصبح البشر مثل السيجارة في ايادي كيوبيد ؟ يشعل اجسادنا حتي النهاية بالحب ويطفأنا في المطفأة بالفراق ليكسر فينا البقايا ؟؟
ولو كان الحب لعبة كما يقول البعض ..فهل الطفل الذي يلعب بنا هو الهجر والفراق ؟؟ يكسرنا في لحظة تهور وصرخة مرح ؟
هل الموت أرفق بنا من الفراق..؟ لأن الموت نهاية طريق بينما الفراق رحلة غربة للبحث عن نهاية سعيدة
وهل الفراق كما "جهاز كشف الحب" فإن كان حبك كاذبا أخذك الفراق الي مقاصله البغيضة ؟
هل الحب دموع بينما الفراق نحيب ؟ وكم هي صعبة لحظات النحيب فالعين تبكي الدمع بينما الأرواح هي من تنتحب..
هل الفراق رحلة في فلسفة نفوسنا لأنها تجعل من القدر شفافا وعذبا فمهما كان عذابه بعد الفراق سيكون هينا ..
هل الدموع تسجد للفراق ؟ فان لم يجد الفراق دموعك صادقة  احتلك واسقط راية الحياة فيك ؟
الله يعرف اننا ضعفاء ..فهل خلق الفراق ليؤكد لنا ذلك ام اننا خلقنا الفراق بأيدينا ؟


في هذا اليوم ذهبت الي الاسكندرية وجلست طويلا بجوار "بئر مسعود" ..هذا المكان الغريب الذي يحكي ويحكي عنه الكثير من القصص والاساطير ثم وضعت السماعة في اذني لاسمع اغنية
Yesterday

الكثير من المطربين غنوا هذه الاغنية ولكن افضلهم بالطبع وعلي الاطلاق
the beatles

توقفت قليلا اعيد نفس المقطع من الاغنية الذي يقول
suddenly, I'm not half the man I used to be
There's a shadow hanging over me.
Oh, yesterday came suddenly.
Why she had to go I don't know she wouldn't say


جلست كما عادة العشاق بعد الفراق في جلسة اعادة ترتيب الكون..وهي الجلسة التي يعرفها كل من عاش قصة حب اعقبها وحش الهجر بطعنات محكمة وصارخة..
جلسة ترتيب مواضع النجوم وقوة تدافع الامواج واثار الاقدام علي الطرقات ..تشعر انك المتحكم الاول في الكون بعد خالقه وهذا ليس من فرط قوتك في هذا الوقت بل من فرط ضعفك ومحاولة اثبات
شئ لنفسك لا تبوح به لأحد..
وكأنك تقول لنفسك مازلت أحيا ..انا هنا ايها العالم مازلت أعيش واتحكم وأقرر..سأفرق الامواج عن بحرها وافرق القمر عن ضيائه وافرق الشمس عن نورها ..اصابتني لعنة الفراق نعم ولكنني الأن أقوي..أنني الفراق بنفسه ..حاضر بصفته وشخصه..
وكان الفراق كان كما رأينا في الحكايات الخيالية "عضة مصاص دماء" ربما اصابتني العضة في رقبتي ولكنها حولتني الي نفس الشئ..نفس المسخ ونفس الوحش..احذر ايها الكون فانا اليوم الفراق نفسه او تجسيدا للفراق في صورة انسان او احد "الزومبي" الذي يسير حول مقابر الحب ..فاحذروا مني..واحذر مني ايها العالم الغريب..


في هذا الوقت رأيت رجلا لا أعرفه ولكني أحسست فيه بألفة ..رجل عجوز بجلباب أبيض تتمزق بعض أطرافه بفعل عوامل تعرية الفقر والحرمان ولكن تري في وجهه الحكمة او الخوف ايهما أقرب..
اقترب مني الرجل كي يبدأ احدي أحاديث الغرباء وقال : مالك يا ابني ؟ شايل هم الدنيا ليه فوق راسك ؟

قلت : هي الدنيا اللي حطت همها مش انا اللي شلته

قال :  ومجربتش بير مسعود ؟

قلت : شوف يا حاج انا جيت المكان ده عشان استجم شوية وانسي الهم ولكن مبصدقش حكاية البير ده ؟ ولا بصدق في السحر ؟

قال : ده مش سحر ..دي امنيات بتتحقق

قلت : طيب مين اللي يحقق الاماني غير ربنا او ساحر

قال: ممكن الوهم وممكن ارادتنا

قلت : وازاي الوهم بيحقق امنيات ؟

قال : زي مريض بيوهمه الدكتور انه خف ويصدق وممكن كمان يصيبه المرض لو خاف منه خوف مرضي

قلت : لكن ازاي البير هيوهمني انه هيرجعلي حياتي ؟ ياريته كان وهم ياريته

قال : جرب ومش هتخسر حاجة بس صدق نفسك وصدق الامنية اللي بتقولها


حينها امسكت قطعة نقدية ثم التفت الي الرجل فلم أجده ولكني حاولت وقلت لما لا ..لندعها تجربة مثل باقي التجارب سواء اصبت او فشلت يكفيني شرف المحاولة او يكفيني شرف الفشل..
القيت العملة في البئر وتمنيت امنية واحدة ان يجمعنا الزمن مرة أخري..
لا أعرف ان اصبت أم أخطئت ولكني تمنيت كما قال لي الرجل الذي اختفي في لحظة وذهبت الي غرفتي في هذا اليوم لمقابلة صديق وقال لي : كنت فين ؟

قلت : كنت عند بير مسعود

قال : انت مش قولت مبتصدقش الحاجات دي ؟

قلت: ولكن الواحد بيشوف كتير اساطير وخرافات بس كان نفسي اكون جزء منها

قال : واتمنيت ايه ياتري ؟

قلت : هاقولك بعدين


ومرت الأيام وذهبت الي بئر مسعود مرة اخري ..ولكن ويحي ماذا أري..أهي بنفسها ؟ بجنونها وحسنها وطلتها المسحورة المعتادة عند ملك الجان ؟
أهي الأساطير تتحقق من وجع الفراق وكربه ؟
ماذا تفعلين أيتها الجميلة ؟ أتلقين بالعملة في البئر كما ألقيتي بقلبي في بئر الحب كأمنية تلاشت ؟
هل انا مجرد عملة القي بها الزمان في بئر امنياته الجاحدة ؟ أم ألقيتي انتي بها ؟
تري ماذا تتمني هي الأن..سأذهب اليها..لا لا ..لقد حقق البئر أمنيتي ولكن سأنظر فقط من بعيد..
انها تهمس للعملة ..انها تصدق بالأساطير والأوهام..فلماذا لم تصدقني اذا وتصدق اسطورة قلبي وخرافاته ؟

شكرا أيها البئر الوحيد مثلي ..يا من تحقق أمنيات الخائفين دون ان يدركوا قاع خوفك ووحدتك
شكرا ايها البئر يا من تتلقي ضرباتهم بعملاتهم المعدنية كأسواط الجلاد ولا تتألم بل تغفر..
تعلمت منك الغفران أيها البئر ..
هم يوجعونك وانت تسامح وتحقق امانيهم..
يأتونك خائفين وتردهم سعداء بنشوتهم ..
ولكن قل لي بالله عليك..كم تمنوا وتمنوا أمنيات حولك ولكن حينما رأيت حبيبتي..ألم تتمني أنت اليوم ؟
ألم تتمني لو كنت بشريا ودب الله فيك الحياة لتباركها بنظرة من لمعة تلك العين القاتلة الصامتة كما مرض فتاك ؟
ألم تتمني ان تصبح بشريا ولو مت أمام رموشها بنوبة عشقية حادة ؟
والأن صارحني أيها البئر ..قل لي بكل صراحتك المعهودة..هل ستحقق لها الأماني أم أنك اليوم حققت أمنيتك برؤية خلاصة أماني الناس أمام عينيك ؟؟
أه ..يا ويلي..أحترم عذابك ولكن قل لي بالله عليك..هل لك قلب يتعذب أم تتمني من الله أن يهبك قلب ولو حتي احترق قلبك في دقائق أمام لفح الهواء المحيط ببركان جمالها وبركاته ؟؟

خرجت من أمام البئر بعد ان ألقت بأمنيتها في بطن البئر المسكين العاشق مثلي..تجري كما المجنونة..عاهدتها مجنونة وغريبة الاطوار ومتغيرة ومتقلبة كما الموج ولكن ماذا يفعل البحر في تقلب موجاته اذا كنت انا البحر نفسه واعشق تقلبها كصفحات فوق قلبي وذاتي
عاهدتها تتحرك سريعا تختفي سريعا ولكن اليوم رأيتها في اغرب حالة لها وهي تجري بجنون ولكن هل ستترك لي علامة ؟ هل ستسقط حذائها مثل القصص ام تصدمها سيارة وانقذها كما الأفلام ام لا شئ قدري سيحدث في تلك اللحظة وستكمل الجري ؟

اختفت تماما من المشهد ..واختفيت انا ايضا وانزلت عليه الستار لمحاولة التفكير في غدي وكيف سأراها لاحقا ..
بعد شهور طويلة ذهبت أبحث عن عنوانها ولم يستدل عليه لانهم تركوا المكان منذ فترة..كانت اخر مرة ذهبت فيه الي البئر وكأنها تقول له "اتمني ان يعثر هو علي فأنا سأذهب بعيدا جدا"
فرقتنا السنين والأيام ولم اعرف أي لعنة صبها علي البئر بعد ان جعلني أصدقه واصدق انه سيجمعني بها واراها مرة اخري

ومنذ هذا اليوم وتغيرت حالتي وحققت احلامي الحلم تلو الاخر وذهبت الي بئر مسعود وكأني أسأله واعرف الاجابة مسبقا "هل جائت اليك وتمنت ان احقق كل ما احلم به ؟"
أهذا هو ما تمنت هي ؟؟  ولكن أين هي الأن من يدلني علي مكانها ؟
رأيت الرجل العجوز مرة أخري وقال لي : حلمك لم يتحقق..لأنك تمنيت بأقل مما يجب ؟

قلت : الحلم هو الحلم.. هذا البئر كاذب

قال: انت تعلم انه لم يكذب لقد تمنيت ان تراها ورأيتها وهي تمنت ان تحقق احلامك وحققتها دون حلمك الخاص بها لأنك زهدت فيه

قلت: وكيف زهدت في حلمي

قال : لقد تمنيت فقط ان تراها ولم تقل "اتمني ان تجمعني معها الي الابد..اتمني لو احتضننا الحب والموت أخرجنا من كتب الفراق والهجر"
وهي قالت " اتمني ان يحقق حلمه" 
ولم تقل "اتمني ان أصبح كل احلامه وأمانيه"

قلت : وهل غضب الحلم منا ؟

قال : غضب البئر محقق الأمنيات انما الأحلام لا تغضب وانما قد تتواري في مكان بعيد في قلبك لا تدركه الي ان تحين لحظة انفجار حلم جديدة ..
الأحلام لا تموت أبدا ولكن احيانا تموت ارادتنا وسعينا في البحث عنها..


قلت : ولكني تمنيت بصدق

قال : الأمنيات لا تحتاج صدقك بل تحتاج صراخك ورغبتك..
كما يعلمك بئر الامنيات ان تسقط العملة لأسفل كي يخرج الحلم لأعلي..
تنازل وانحني امام الحلم حتي اذا ما وجد الحلم فيك ضعف ورغبة خرجت من انكسارك حقق فيك ما نقص واصلح فيك ما كسر..
انكم تهمسون للعملة ولا تهمسون لقلوبكم وايمانكم بحلمكم !!
تهمسون للبئر ولا تهمسون للكون ولا تتحدثون لغته الحالمة..
لا تخافوا من الامنيات ولكن انحنوا امامها احتراما واجلالا ..
اجعلوا من قلوبكم بوابة مسحورة للحلم لا تفتح الا اذا رددت كلمة السر وهي البكاء والألم والرغبة الصادقة الجامحة في تحقيق الحلم..
اجعل الحلم كما عشيقتك فكر فيه كل دقيقة وقل لنفسك المثل بطريقة اخري "البعيد عن الحلم بعيد عن العين"
زين السماء بالامنيات فحتي اذا لم تستطع تحقيق بعضها فيكفي استقبال السماء لروح حلم مقتول كما "استقبال الفاتحين"  او "استقبال العاشقين" !!


قلت : من انت ايها الرجل..؟ انت ايماني ام انت روح هذا البئر وتجسيد له في هيئة بشري ؟
قل لي من انت

قال : انا فرصتك الثانية

قلت : وما العلاقة بين الفرصة والحلم ؟

قال : الحلم فرصة علي وشك الولادة

قلت : وماذا ان لم تتكرر الفرصة

قال : الفرصة حالة تكرار دائم كما هذا الكون وكما نبض قلوبكم وجنون اشتياقكم
ولكن موت الفرصة هو حالة العمي التي تصيب قلوبكم عن تكرارها بجملة يائسة تقولون فيها "ضاعت الفرصة"
والفرص لا تضيع فالحلم كما قلت لك جنين الفرصة وحتي الاحلام الضائعة تحاول ان تبحث فيكم عن تكرار الفرص وتحاول البحث عن أمها المفقودة الفرصة..


قلت : سأحاول مرة اخري مع هذا البئر ..ساحاول ان اشعل شموع روحي لصلاة حلم وأمل..


وحلمت شهور وشهور حتي رد علي البئر في ليلة ممطرة عاصفة بطرحة بيضاء..
فزعت وقصف البئر في قلبي الرعب حينما رأيت طرحة زفاف بيضاء تطير في وجهي..
لا أعرف هل هي طرحة زفافها ام طرحة حلم جديد يزف الي قلبي ؟
اي اشارة يعطيها لي الكون ؟ في تلك القصة الي ماذا ترمز تلك الطرحة البيضاء الحزينة ؟
ولماذا هي طرحة هشة تحترق في يدي تحت المطر وبين العواصف والامواج العاتية ؟



عمر : وياتري الطرحة دي طلعت ايه يا جدو ؟

سالم : الطرحة دي كانت اشبه بحالات التجلي زي تجلي السيدة مريم

عمر : يعني ممسكتهاش بايدك فعلا ؟

سالم : حسيت انها بين ايدي لكن اما وقف المطر مشوفتش حاجة منها ولا أثر

عمر : ومشوفتهاش تاني ؟

سالم : وكأني في كل زيارة لبير سالم كنت بشوف وشها هناك وهي بتجري وبتهرب

عمر : لكن مين الراجل اللي كان بيكلمك عند البير ؟

سالم : لحد دلوقتي معرفش ولكن كنت بشوفه كتير ممكن يكون تجسيد لحلم جوايا او تجسيد للبير نفسه
الصدق يا عمر بيجسد الأمنيات

عمر : وراحت فين هي دلوقتي ؟

سالم : للون الأبيض يا عمر احنا الاتنين في اللون الابيض من زمان

عمر : لون ابيض ؟

سالم : زي اي اتنين بيفترقوا..
هتروح هي للوح الطرحة الابيض وعليها دمعة فراق
ويروح العاشق للون كفن حزنه الابيض وعليه نفس الدمعة
احنا الاتنين في حالة جنون اللون الابيض


وبعد سنوات من وفاة الجد سالم ظل عمر يزور نفس المكان ..ويلقي العملات في بير مسعود ويقول لأصدقائه : "شامم ريحة الحب في البير ده ..ريحة قديمة واصيلة من ايام جدو.."
ويظل البير مسرحا للعملات الصريعة والقلوب العاشقة ..
ولا زالت الطرحة البيضاء في لحظات تجلي لبعض القلوب الصادقة المحبة..

Saturday, March 23, 2013

انتحـار زهـرة في يد فيلـسوف






" تصبح العيون يتيمة حين يموت علي ضفاف رموشها الأب الروحي لها وهو الجمال أو التعمق في فلسفته"




أغلقت كتاب ووضعته علي المنضدة ثم قلت لها : غريبة هي الكلمات حين تكون عيوننا مجرد عابر سبيل وحبيبة هي الكلمات حين نقرأها بعيون دامعة وقلب شاعر ..

قالت : اذا فأنا غريبة وحبيبة..
غريبة حين أقرأ في عينيك نظرة لإمرأة أخري فحينها أكون كعابرة سبيل وأحاول أن أهرب من تلك اللحظة..
وحبيبة حين أقرأ في عينيك أبجديات لهفتك فحينها يتملكني الخجل وأكون كما يقولون "في نص رموشي" !!

قلت : سأروي لكي قصة غريبة

قالت : أنت قصتي الأغرب

قلت : ألف ليلة وليلة ؟

قالت : رغم روعتها الا انك لن تكون ابدا ألف ليلة وليلة ..
فأنت في قلبي "ألف نهار ونهار"

قلت : ولماذا تظلمين الليل مع انه شاهد الحب الأول  ..كانت فدوي طوقان تتحدث عنه وتقول :

هو الليل يا قلب ، فانشر شراعك ، و اعبر خضّم الظلام العميق
وجدف بأوهامك الراعشات في زورق ما به من رفيق

قالت : كل قصائد الليل حزينة وأنت لن تكون ليلي فالبداية نهار والجمال في النهار والأمل في النهار وأنت نهاري وفجر عمري

قلت : النهار في عيني مجرد ساعات ذكري لروعة حلم في ليل سابق
مجرد ساعات تنفيذ لأمل ظهرت بوادره تحت ضوء القمر
الليل هجرة خيال في غياهب العالم والنهار وطن
وما أجمل ساعات هجرة الخيال في دياجير الظلام ..
فالقمر يغني للعشاق والشمس ساعات انتظار لأغنية قادمة ..فأنتي ليلي الحالم وأمنية كساها القمر ..

قالت : وهل ستحكي قصتك عن ليل أم نهار ؟

قلت : بل عن زهرة وحيدة..

قالت : تعشق حكايات الازهار

قلت : كما يقولون "من عاشر القوم"
وانا أعشق إمرأة تتمني الأزهار لو كانت قطرة ندي تقبل جذورها كل صباح ..

قالت : كلي نبضات صاغية فاروي لي قصتك ..

قلت : كان يا ما كان يا عشق يا اكرام :

عندما خلقت الزهور وحيدة في هذا العالم لم ترهبها الوحدة..فالزهور تعرف دائما ما يخفي لها القدر..وقد عرفت من سيؤنس وحدتها ولو بعد حين..
فقد نادت الزهور بعد سنوات من الوحدة علي فيلسوف وعاشق ورسام وقالت : من سأري الصدق في عينيه سأدعه يقطفني فأنا أول زهرة مسحورة خلقها الله علي الأرض..

قال الفيلسوف : ولكن الله خلق كل لكل شئ سحره ولم أعلم قط أن السحر له أول من أخر..

الزهرة : ولماذا لم تسألني كيف يكون قطفي وموتي مكافأة لصدقكم..كيف يكون الموت مكافأة للصدق..

الفيلسوف : في هذا العالم لم أتعود أن أسأل بل أن أتأمل ..وكيف أتعجب في عالم يعيش علي كرة تتأرجح في مجرة وعلي كتفي الأيمن ملاك وعلي الأيسر أخر ..وأمامي زهرة تعدني بقطفها
وكيف أتعجب وأسأل وانا قد رأيت كثيرا الموت كمكافأة للصدق ..فكم من زوجات خائنات مات أزواجهن كمدا برغم انهم لم يمنحوهن الا الصدق والحب..
وكم من صديق خان صديقه رغم أن الصداقة عهد أبدي وليست عقد أبدي فالعهود أصدق أحيانا من ألف عقد..
وكم من إبن خرج من صلب أمه لتحني له عودها وتمهد له الطريق وحين يكبر ويختار تصبح حرية اختياره طوق من نار وتغرقهما معا في دوامة الحياة ..
فكيف أتعجب وأسأل فالحياة لا أجدها مجالا للأسئلة بل حيزا كبيرا للدهشة..فلو كانت الحياة رجلا فأنا أظن ان صورته ستكون علي هيئة رجل يضرب كفا بكف من عجائب البشر وطباعهم..


الزهرة : أري نبرة من الحزن في صوتك أم هو اليأس..؟

الرسام : أه حسنا..دعيني أرسم تلك النظرة علي وجهه فقد رأيت في وجهه حزن يحضن الفرح والألم كأنه لوحة الموناليزا

العاشق : كأنه الحب اذا..فالحب يجعل من قلوبنا كما لوحة الموناليزا

الزهرة : الأن الصراع يشتد بينكم..ولكن دعوني أسأل كيف يراني كل منكم ؟

الفيلسوف : أراك حس الله الجمالي الذي ابدع في كل شئ خلقه ..اظن الله قد خلق الزهور لكي نري الحكمة مجسدة في عبيرها..
كما خلق الحب لكي نري الحكمة مجسدة في مشاعرنا حين نعشق
او خلق النساء لكي نري الحكمة مجسدة في ضعفنا امام البراءة..
او خلق الانسان لكي نري الحكمة في صراع خيره وشره
انها نظرية "المنبع والمصب"..فالبعض قد يقول انظر لهذا النهر سبحان الله اتري منبعه الرائع والبعض يقول سبحان الله انظر لمصب النهر وكيف يعرف طريقه..
وان كانت العظمة في منبع الحياة فالروعة في ان نري ما ستكون عليه..

الرسام : أما انا أراك لوحة فنية خلقها الله لكي تخلد فان ضاع جسدها الفاني بقي ذكرها الخالد..
وان ضاعت ملامحها بعصف رياح بقت صورتها بعصف ألوان..
وان ضاع نبض الحياة فيها بقي المعني..
وما أجمل ان يبقي المعني وان ماتت الكلمة نفسها..


الزهرة : وما رأيك أنت ؟

العاشق : ألا تري في عيناي شئ ما ؟

الزهرة: لا اعرف ..ولكني أري فيهما رغبة في اغتيالي..

العاشق : هل كما قال الشاعر ستقبلين اليد التي تغتال ؟

الزهرة : لن أدعك تقتلني

العاشق: ألم تقولي ان هديتك لنا قطفك ؟

الزهرة : بإرادتي

العاشق : ولكنه يعني انتحار

الزهرة : انها نهاية سعيدة وانا التي اختارها بينما نهاية الانتحار ليست سعيدة

العاشق : لا اعترف بالنهايات السعيدة فالنهاية هي النهاية

الزهرة : ولماذا تريد اغتيالي ؟

العاشق : أنتقم من شخص البراءة

الزهرة : وهل أذلك ؟

العاشق :  ألا تسمعين دائما قولهم ان للعذاب ألوان

الزهرة : وكيف كان لونك أيها العاشق ؟ كيف كنت وكيف أصبحت ؟

العاشق : لوني الأبيض..حين تطل علي روحي بفاكهة من عينيها لا مقطوعة ولا ممنوعة..
لوني الأزرق..حين تعكس لحظات صفائي في نهر أنوثة يغزلني كموجة دافقة من المهد الي اللحد..
لوني الأخضر..حين تجعلني أول أمل وأخر حلم وما بينهما لحظات لا أعرف لها "اول من أخر"

الزهرة : واللون الأسود ؟

قال الفيلسوف مقاطعا : عذرا أيتها الزهرة ولكنك تتركين من يريد رسمك ومن يحسن وصفك وتذهبين لعاشق يريد قتلك
لاأري أي حياد فيما يحدث وأظنك حسمتي الأمر مسبقا ..

الزهرة : الرسام مشغول برسمي وأنت مشغول بوصفي

العاشق : وانا مشغول بمن سأقتلك من أجلها..

الفيلسوف : عاشق كنيته الحزن ورسمه الألم

العاشق : فيلسوف كنيته المبالغة ورسمه بضعة حروف

الفيلسوف : أنا مبالغ ؟ أنتم العشاق أسياد المبالغة ..تكفي كلماتكم الشهيرة التي تذهب حتي عقول الفلاسفة

العاشق : أي كلمات تحديدا تقصدها ؟

الفيلسوف : كل عاشق منكم له كلمات غريبة يصف بها إحساسه مثل :

"انا حاسس اني طاير"
"حاسس اني قابلتك قبل كده"
"حاسس ان ده يوم ميلادي"
"حاسس اني حبيتك قبل ما اتولد"

أي جنون هذا ؟؟ وتقول عني فيلسوف مبالغ ؟؟

العاشق : الحب لعبة مشاعر بينما فلسفتك لعبة حروف وترتيب أفكار
الحب قتال سلام النبضة والنبضة بينما الفلسفة صراع الفكرة بالفكرة
انا السلام وانت القتال فمن منا يستحق زهرة بالله عليك ؟؟

الزهرة : ولماذا لم ترد علي سؤاله في كلماتكم الغريبة ايها العشاق

العاشق : هي لكم كلمات غريبة بينما في قلوبنا قريبة
في لحظة الحب يعمينا كيوبيد بأجنحته فتخرج منك عفويا جملة "حاسس اني طاير"
في لحظة الحب نعود لفكرة واسطورة قديمة تقول ان البشر انشطروا نصفين ومازال كل نصف يبحث عن الأخر ومقدر له ولهذا نقول "حاسس اني قابلتك قبل كده"
في لحظة الحب لا تعرف يومك ولا اصلك ولا وطنك فتخرج منك تلقائيا جملة "حاسس ان ده يوم ميلادي"

هي لكم عبارات خيالية بينما للعاشقين الخيال أرض الواقع .


الرسام : وجهه ينضح بالصدق انتظر قليلا كي أرسم تلك اللحظة ..

الفيلسوف : اظن الرسام مشغول دائما بلوحته فالصراع سيكون بيني وبين العاشق أيتها الزهرة الخلابة

العاشق : الجمال في عقلك نظرية أيها الفيلسوف بينما الجمال في قلبي لغة
الجمال في عينيك عبارات تتشدق بها وانت تدخن غليونك بينما الجمال في عيوني تناسق دمعي مع لغة الكون
الجمال في قلبك حكمة بينما الجمال في قلبي فضيلة
هل عرفت الأن لماذا استحق الزهرة ؟

الزهرة : ومن هذه التي تمر من هناك ؟
من التي خدرتني بروعتها وروعتني بخدرها الخجول الصريح ؟

العاشق : انها هي ايتها الزهرة..انها حبيبتي ..
هل عرفتي الأن لماذا استحقك أكثر من الفيلسوف ؟
هل عرفتي الأن لماذا أستحقك ايتها الزهرة المسحورة ؟
أحتاجك لاكمل بك زينتها واجعل من السحر لحظة خيلاء وغربة للملائكة



بكت الزهرة من هول جمال حبيبته..
وصدر الحكم..
كل ما فعله العاشق لم يشفع له في ان يأخذ الزهرة ..
واختارت ان يقطفها الفيلسوف



قالت : قصة غريبة جدا ولكن ما هذه النهاية ؟؟
هل انتهت القصة عند هذا الحد ؟؟
لم أفهم كيف لم يفز العاشق رغم روعة كلماته ومرور حبيبته الساحرة امام الزهرة ؟؟
كيف فاز الفيلسوف ؟؟


قال : هل تتشوقين للنهاية ؟؟

قالت : كشوقي الي لقائك


قال : في نهاية القصة سأل العاشق وهو يبكي ويصرخ : لماذا ايتها الزهرة ؟؟ اي ظلم هذا ؟؟

قالت : وماذا قالت له الزهرة ؟

قال : قالت الزهرة وهي تضع نفسها في يد الفيلسوف : "هذا الفيلسوف يحتاجني ليكمل عالمه فهو الأحق..
بينما انت ايها العاشق نظرة واحدة من حبيبتك التي رأيتها تكمل ألف عالم للزهور والبنفسج..
كيف تطلب سحري وكمالي ايها الطماع وانت تملك ما لا عين رات ولا خطر علي قلب بشر ؟


قالت : ياللعجب هذا يعني انتصار الفيلسوف في النهاية

قلت : سأزيدك من العجب بيت وأقول لكي ان الرسام هو الذي انتصر

قالت في دهشة : ماذا تقول ؟؟ وكيف هذا ؟؟

قلت : خلدت له ثلاثة لوحات وما اروعها حيرت العالم

قالت : أي لوحات ؟؟

قلت : رسم كل لحظة مرت في القصة وذاع صيت لوحاته التي سماها :
لوحة انتحار زهرة..  ولوحة انتصار فيلسوف  ..ولوحة كمال إمرأة..ولوحة هزيمة عاشق


قالت وهي تتنهد : ولو كنت انا في تلك القصة فماذا تريدني أن اكون ؟

قلت : أظنني الرسام الذي انتصر..وأنتي أجمل وأعظم وأكمل لوحاتي..!   


Friday, March 15, 2013

شطرنــج من غير ملــك..قصة قصيرة





"الستار مش هينزل عليا..أنا الملك..أنا الملك..الستار دايما بيقفل في وش المتفرجين انما انا ملك المسرح انا الملقن وانا الممثل وانا الدور وانا السيناريو..انتم مين..انتم مشاهدين"


هكذا انتهت قصتي هذه التي بين يديكم..أظن أن الفضول يدفعكم الأن لمتابعة السطور التالية لمعرفة ما قد حدث في البداية أليس كذلك ؟..هل تبحثون عن تسمية لما فعلته ؟؟ ربما ما سأقوم به في باقي القصة محاكيا بشكل او بأخر لتيار الوعي في الأدب هذا ما سيظهر في الحوار..وربما سيكون لو في عالم السينما مشابها لما يسمي ب
Chronological order

سيرفع الستار الأن..ولكن هل هذه قصة أم مسرحية ؟؟ أنا أكتبها وفي نيتي ان تكون قصة قصيرة ولكن حبي للمسرح سيدفعني إلي ...

مهلا مهلا..هل الكتابة بالنية ؟؟ قل لي تحديدا أيها المختل ما الذي تكتبه الأن ؟؟ قصة أم مسرحية ؟؟  لن أجيب وسأبدأ الأن وسأترك القارئ يختار نوع ما يقرأ..


لن اقول يرفع الستار وستجد في جانب المسرح اليمين عمود ضخم وشرفة رحبة ..لا اظنني سأكملها قصة أفضل..ولكنها مسرحية...يقول لي أحدهم الأن .."انت سكران يا عم انت؟؟"


تبدأ القصة في احد الكافيهات المنتشرة في قاهرة المعز وكما هو المشهد المعتاد مناضد مرصوصة وقلوب من رصاص قتلوا فيها البهجة والحبور لا عمل لا مال لا وظيفة لعدد من الشباب يتخلل هذا الاحساس حوار بين المطحون بطل القصة وصديقه "أمل" :

المطحون : تلعب شطرنج ؟

أمل : وهتلعب بالأبيض كنوع من التفاؤل ؟

المطحون : مافيش قطعة بتختار حركتها

أمل : هو انت قطعة ولا لاعب ؟

المطحون : مافيش غير لاعب واحد

أمل : ليه ما تلاعبوش ؟

المطحون : هيغلبني بعساكره والحصان والفيل

أمل : وانت ممكن تلحق ترقي العسكري بتاعك ؟

المطحون : بقولك ايه انا هاقوم أدور علي القطع الواقعة لان صاحب القهوة شكله ضيعهم كالعادة

أمل : بس كل القطع قدامي

المطحون : تمام بس فين الملك ؟؟

أمل : وهو حد بيشوف الملك ؟؟ الملك بيتشاف بأمره وبيختفي بأمره

المطحون : أنت يائس واسمك أمل ؟

أمل : اليأس والأمل في ايده

المطحون : فين الملك..كله يقوم يدور ع الملك انا عايز ألعب ..



وبعد عشرة أيام في زمن المطحون ويوم في زمن الملك وفي احد الشوارع صباحا :


المطحون : اديني الجرنان يا ابني

البائع : اتفضل يا بيه

سار المطحون علي قدميه كما هي العادة يفحص صفحات الجرائد بعين ناقدة وشفاه تتحرك وتتململ في سخرية وفي احدي الصفحات وقف مشدوها ينظر ولا يصدق جحيم ما يراه

المطحون لنفسه : أنا ؟؟؟؟؟ ازاي؟؟؟؟ايه الغلطة الحقيرة دي ؟؟؟؟


وجد المطحون نفسه في احدي الصفحات تحت عنوان "14 شهيدا في احداث الأمس امام قصر الملك" وقال متعجبا : أنا مت ؟؟ أنا استشهدت ؟؟؟ امال يعني مين اللي بيقرا الجرايد دلوقتي ؟؟ صحافة مسطولة صحيح


ذهب مسرعا الي مقر الجريدة لمقابلة الصحفي الذي نشر الخبر وقال : انت يا استاذ انت

الصحفي: انت بتتكلم كده ليه ؟ دي دخلة دي ؟

المطحون : وده خبر يعني ؟؟ بتموتني بالحيا ؟

الصحفي: يعني ايه الكلام ده

المطحون: يعني اسمي يا استاذ يا محترم انت كاتبه في اسامي الشهداء وانا حي ارزق مش تتأكدوا من معلوماتكم ؟؟ اما عجايب

الصحفي: وريني بطاقتك

المطحون : اهي يا اخويا اتفضل

الصحفي: شوف يا استاذ مين فينا المسطول انت اسمك "أمل محمد أمل" مش المطحون

المطحون: انت تعرف امل منين يا جدع انت ده صاحبي

الصحفي: صاحبك ؟؟ ده انت شكلك شارب بلوظة ..اسمك اهو يا محترم انما المطحون مات ماااااات افهم بقي وفوق اجيبلك قهوة ؟؟


كأن علي رأسه طير الرخ وليس الطير..كانه شرب الدهشة في زجاجة مسحورة لن يفيق منها ولو بعد حين..عن أي شئ يتحدث هذا الصحفي المخبول ؟؟ ولكن ..ولكن من اين جائت بطاقة أمل وكيف لا يكون هو نفسه المطحون ؟؟ هل فقد هويته ؟؟ هل كان عمره حلما ؟؟ وكيف يكون هو امل وهو يعيش مطحون ويائس ؟؟

حاول ان يأخذ أول موقف في حياته منذ ان حكم الملك الذي قتل المواقف واصحابها..فالملك يحكم والناس تشكو..الملك يرسم الموقف والناس تعيشه..الملك يغتال الفضيلة والناس تبحث عن جثتها بإسم المبادئ والقيم..
الملك يشرب كأسه الناعمة والناس تتجرع مرارة بقايا الكأس..

ذهب المطحون باحثا عن هويته عن تاريخ عن محل ميلاده في احدي الهيئات الحكومية :

المطحون : ايوه يا استاذ شوفتني في الكشف ؟؟

الموظف: ايوه يا استاذ..وعليك علامة اكس..انت مش المفروض مت خلاص ؟

المطحون : انت غبي؟ يعني ايه واحد قدامك تقوله المفروض مت الملافظ سعد يا عم انت

الموظف: انت علي صفحتك ختم ملكي..

المطحون: يعني اترقيت ؟؟

الموظف: يعني انت "أمل" عيش بالأمل وغني وافرح لأن اليأس وحش..اليأس ممكن يكون ثورة

المطحون : طيب ما الثورة أمل

الموظف: ايوه بس بدايتها ايه ؟؟ يأس..عشان كده محينا سجلك وخليناك امل ..ضحكنا عليك بزيادة كام ملطوش عشان يبقي عندك شوية أمل..بنضلمها عليك ونديلك بصيص نور يمكن يبقي عندك أمل..بنكحلك بكحل الأمل بس بنزوده عشان نعميك ..انت لسه مش فاهم الملك ؟؟

المطحون : طيب وانت ليه في المنظومة دي ؟؟ انت فاسد زيهم ولا مطحون زيي انا ؟

الموظف : انا مش مطحون انا متحنط .. انا تمثال رخام نقشوه بوساختهم بيخلدوا فيا صورة لطمعهم وجشعهم اللي اصبح اله ليهم..ظي ما كان في زمان في الاساطير الهة للجمال دلوقتي الملك بيعمل لنفسه اله وبيسميه اله الطمع واله الجشع واله الفساد..بينفصم بنفسه الي نص ملك ونص اله..

المطحون : انت عارف ده وساكت ؟؟ انا عايز اقابل الملك

الموظف ساخرا :  اه..طيب ابقي سلملي عليه..ده انا هنا بقالي سنين وسنين وعمري ما شفت الملك بسمع عنه بس

المطحون : بس انا لازم اقابله لازم اعرف عايز مننا ايه..انا بتكلم باسم الشعب باسم الشعب يا عالم ..باسم العدالة والحق ..العدالة اللي بقت عمياء خرساء ومبتتكلمش كمان.. فوقوا يا ناس فوقوا الملك بيقتلكم كل يوم بسلطانه وسلطته ..بنفوذه وحاشيته ..بجبروته وقوته



بعد سنوات طويلة جدا امام القصر ..

الملك : أهلي وعشيرتي..لقد مررنا بظروف عصيبة و..

يقاطعه المطحون : اه اخيرا لقيتك..اخيرا وقعت في ايدي


كانت الملايين امام القصر بعد خمسة ثورات جياع وقمع وذل وهوان طوال اعوام تتبدل علي البلاد الملوك من نفس العشيرة باستخدام كل وسائل التزوير والنجاسة السياسية.. وكان الملك يخطب في شعبه من داخل القصر ولكن المطحون تسرب الي داخل القصر في خضم الأحداث

الملك : أمسكوه

المطحون : هم مين ؟؟ كلهم هربوا خلاص ..عاش الملك مات الملك زي ما بيقولوا وانت مت خلاص

الملك : انا مش بموت انا بتتغير صورتي بس..احفظ الجملة دي..انا مش بموت انا بتتغير صورتي بس

المطحون : وانا ؟؟ صورتي ايه في عينك ؟؟

الملك : انا بغير صورتك..من يائس ومطحون الي يائس بابتسامة ..بديك الأمل اللي يقهرك في النهاية لأن انا الملك

المطحون : شيلوك ؟؟

الملك : انا مش مرابي انا حاكم

المطحون : مافيش فرق بينك وبين المرابي انت بتسلفني الأمل الكاذب والبلد بتفضل علي حالها وبتطلب مني التمن بعد ما ضيعتني..انت بتبيع الأمل وبتجني روحي اليائسة السقيمة في النهاية..انت عايزني ميت

الملك : انا رقيتك لدرجة شهيد

المطحون: هو انا اعيش فقير او ثائر او شهيد ؟؟ ما ينفعش تعيشني راضي ؟؟

الملك : مش ترضي بالقدر ؟؟

المطحون : انت مش قدر انت اختيار..الاختيار ممكن نغيره والقدر نستحمله بخيره وبشره

الملك : انتم ازاي يا شعب جعان عريان جايين عند القصر وبتقاطعوا وجبتي؟؟ انا مش بتغدا دلوقتي جناح طاووس وغزال مهروس وكاس شهد النفوس ؟؟

المطحون : واحنا بقالنا سنين بناكل طعمية ونشرب المية من الحنفية

الملك : انتم اللي اخترتم واتحملوا الاختيار

المطحون : عايزنا نجيبك بالصناديق وبعدين تشحن جثثنا في صناديق ؟؟ هي دي تجارة الملوك ولا ده نوع جديد من العدالة ؟؟

الملك : والعدالة في نظر بعض الفلاسفة مش هتتحقق الا في السماء

المطحون : وليه ما تطلعناش معاك السماء

الملك : السماء للملوك

المطحون : انت مش منزه..انت حاكم ..والعدل المفروض ايتك وشعارك..ده حتي القاضي واحد في الجنة واتنين في النار وانت عارف كده

الملك : ملك في الجنة واتنين في النعيم

المطحون : استغفر الله..انت كمان فاكر انك هتختار في الاخرة..؟ ملك الملكوك اللي بيختار انت هناك محكوم عليه مش حاكم

الملك : لكن انا اتعودت احكم واتحكم

المطحون : انت حاولت تاخد من صفات ربك لكن ما تقدرش تاخد ربعها فاختلت عندك الموازين لانك مجرد بشر

الملك : بشر ؟؟ يعني زيك انت ؟؟

المطحون: ده المفروض في حكم المساواة

الملك : مافيش حاجة اسمها مساواة في عدل بس

المطحون : نيتشة ؟؟ مكيافيللي ؟؟ بتؤمن بالناس دي وبس ؟؟

الملك : لا دول صغيرين انا قدوتي كاليجولا وهتلر ونيرون

المطحون : وفين روحك ؟؟

الملك : نايمة علي كرسي الحكم دايبة فيه وفي العالم بتاعه..

المطحون : الكرسي ده للحكم ولا للعبادة ؟

الملك : الكرسي ده للخلود

المطحون : استغفر ربك

الملك : انا عظيم وما اتعودتش اغلط واستغفر

المطحون : انت مريض

الملك : انا ملك السعادة

المطحون : هي السعادة عطاء ولا كنوز في وجهة نظرك

الملك : السعادة ملكة وموهبة..مش اي حد يكون سعيد

المطحون : بس علي الاقل اديله سبب للسعادة وجرب وشوف هيكون سعيد ولا لأ

الملك : انتم شعب فقري

المطحون : انت فاكر نفسك خالد

الملك : انا خالد في عالم السعادة لكن فاني في عالم البشر

المطحون : السعادة مش مرتبطة بالخلود اصلا ممكن تعيش يومين بعمر كامل لواحد تاني وممكن تعيش خالد وتمل من الخلود عشان كده احنا فانيين

الملك : انا بشر فاني لكن هاموت سعيد ومتحكم

المطحون : طيب ليه بتموتنا شهداء وفقرا بطغيانك

الملك : انتم عايزين الشهادة وانا منحتها ليكم بعساكري وملكوتي

المطحون : انت ملكش ملكوت انت ليك جاه بس انما الملكوت لملك الملكوت سبحانه

الملك : انت عايز ايه مني دلوقتي ؟؟ انا ممكن اقتلك

المطحون : انت قتلتني فعلا ولقيت اسمي في صفحة الوفيات من زمن وماشي نص ميت نص عايش

الملك : حالك احسن من غيرك

المطحون : بتعاير شعبك بفقره وانت سبب فقره ؟ هو انت مش كنت زينا في يوم من الايام واحد من الشعب ده ؟؟ ليه ما خدمتوش

الملك : اول درس للكرسي "شعبك في خدمتك والامن في قبضتك"

المطحون : كرسي كهربا ده مش كرسي حكم..كرسي حكم عليك بالموت والخلود في عالم الفساد

الملك : انا مش فاسد انا بحكم بقواعد اللعبة

المطحون : واللعبة بتقول ايه ؟؟




كش ملك..كش ملك


اخر جملة رددها "أمل" علي المقهي لصديقه المطحون

المطحون : كش ملك ؟؟ اللعبة بتقول كش ملك ؟؟ هي دي قواعد اللعبة ؟؟

أمل : مالك يا ابني في ايه ؟؟ انت تايه في ايه بقالك ربع ساعة ؟؟ انت نايم ومش معايا خالص

المطحون : انا كنت بحلم ؟؟

أمل : بتحلم وانت صاحي ..؟

المطحون : كمان الحلم مش عايزينا نحلمه ؟؟ مافيش كش ملك لاننا هنسقط الملك اصلا

أمل : تسقط الملك ؟؟ انت مجنون ؟؟

المطحون : الملك فاسد..مرابي بيشترينا باحلام كذابة..

أمل : الثورة خلصت من 25 يناير من سنين طويلة جدا انت لسه فاكر ؟؟احنا دخلنا في عشرات الحكام من نفس الفصيل ومش عارفين نعمل حاجة

المطحون : لكن انا قابلت الملك وواجهته

أمل : انت مجنون ؟

المطحون :لا انا مش هيخلوني شهيد او فقير بالعافية الحاكم اختيار مش قدر

أمل : مالك يا مطحون

المطحون : انا هاغير اسمي انا مش مطحون الستار مش هينزل عليا..أنا الملك..أنا الملك..الستار دايما بيقفل في وش المتفرجين انما انا ملك المسرح انا الملقن وانا الممثل وانا الدور وانا السيناريو..انتم مين..انتم مشاهدين
حتي انت يا ملك مش هتحكم وتتحكم في حياتي لان حياتي ملكي دايما ايوه حياتي ملكي وفي ايدي



وفي نشرة اخبار بعد سنوات طويلة علي شاشات التليفزيون الحكومي بوق النظام  :

" اعزائي المشاهدين وكما نري هذه الجنازة العسكرية المهيبة لملكنا المفدي رحمة الله عليه..ولا يزال البحث جاريا عن مدبر عملية الاغتيال وكما نعلم ان التحقيقات الاولية اسفرت عن وجود قطعة شطرنج في مسرح الجريمة مكتوب عليها انا الملك ..ولا يزال البحث جاريا عن الجاني "


Saturday, March 9, 2013

ساندي ومهـرجان الألـوان...قصة قصيرة






" قلوبنا لوحات خلقها الله ..ولم يترك لنا اختيار من يلونها لنا ..
فأنتم دائما لوحة غير مكتملة..
وقد يكون هذا منبع عظمتكم وجمالكم الأبدي"



سالم..
أحب أن أختاره بطل القصة..هو لن يعبأ إطلاقا فهو بطل حياته ولن يهتم بقصتي عنه..فهناك نوعان من البشر من تكون حياته تنتظر ان تتجسد في قصة ومن يعيش اصلا في قصة ينتظر تجسيدها الي حياة حقيقية !
لم يكن سالم الا من أصحاب التجارب الغير مكتملة مثل الكثير من البشر..لم يكمل زياراته لمعالم بلده ولم يكمل تعلم اللغة الألمانية التي شرع في تعلمها سابقا ولم يكمل حتي قصة حبه بل تركها معلقة بين الجنة والنار في انتظار ملاك مخلص يعيدها اليه ..دائم الاعتماد علي غيره لا يعطي لنفسه مساحة وحرية الفعل وكثيرا ما يكون الحرية في الفعل نفسه وليس في حرية ان يختار الفعل.

سالم مائل الي السمرة قصير القامة غائر العينين بحكم عمره الذي تخطي الخمسون عاما ولا يملك الا قصة زواج وقصة حب مقتولة.. وكم اكملوا الناس حياتهم بزواج سقط كما الغراب علي قبر قصة حب ومازال ينبش بقدميه لاعادة كشف الجثة وهذا ابشع ما في الذكري واعادة احياء الأحزان المدفونة.

لا يملك في حياته الان الا ابنته ساندي الطفلة الصغير ابنة السادسة بينما ماتت زوجته منذ فترة بسبب المرض الذي يلقبونه دائما في بلادنا ب "المرض الوحش" واحيانا "المرض البطال"

لم يخدع نفسه ابدا او حاول تزييف الحب كما يفعل البعض بعد الزواج ويدعي ان هذا هو حبه الاول وما كان ما سبق الا تجربة او نزوة او اعجاب..
سالم لم يقتنع الا بوجود الحب الأول لعدة أسباب ..أولهم ان الحب قانون ولا يخضع لقانون الترقيم فالحب أول ولا يوجد ما يدعي حب ثان وحب ثالث والا سقط سلطان الحب تحت طائلة الارقام وهذا مستحيل..
ثاني الأسباب انه مقتنع ان الحب الاول هو الحياة نفسها بينما الحب الثاني هو مجرد استمرار لتلك الحياة ..وثالث الأسباب انه مقتنع ان المرأة التي أنبتت في قلبه شجرة الحب ووضعت البذرة لا يمكن ان تتساوي بمن ترعي تلك الشجرة ..هل يعقل ان تتساوي خالقة الشجرة بمن تسقيها ؟؟

ولذلك كان صريحا جدا مع اصدقائه ويقول دائما "لا مقدرش اقول اني بحبها لكن بعاملها بما يرضي الله..ايوه بعاملها بما يرضي الله لكن الحب بعيد قوي راح مع اللي راح زمان"

الحب الثاني..وجود الحب الثاني ..حتي لو خلق الحب الثاني ..كان ما يشغل عقل سالم باستمرار ..يتسائل لما لم يوجد الحب كما الفرصة اي ان نجد منه الثاني والثالث بنفس القوة التي يملكها الأول..
لماذا يصبح الحب مع الوقت مثل لوحة "دوريان جراي" يحتفظ بشبابه بينما تشيب لوحته التي في قلوبنا بفعل الهجر !!
ومن الأسبق في سفر التكوين ؟؟ هل هو الحب ام الحزن ؟؟ هل مملكة الحب حدائقها قطوف من أحزان وانهار شجن وقطوف دانية من الدمع القاتم ؟؟
وهل يوجد للعشاق "ريشة ماعت" ؟؟ وهي كما يعتقد الفراعنة ريشة يوزن بها القلب لمعرفة مثقاله من خير وشر ..فهل قلب العاشق يقيم بريشة ام برمش إمرأة ؟؟

جلس سالم في احد ايام الاجازة مع ابنته الوحيدة الرقيقة وكأن جلوسنا مع الاطفال اعادة احياء بواعث الطمأنينة في نفوسنا بأن كل شئ برئ وكل شئ في الدنيا علي ما يرام ولا يوجد شر في العالم سوي هذه اللعبة الصغيرة في يدها التي تضرب بها الاخر وتقول "بوم..خد دي"  بينما يتجسد الخير في عيون الاطفال في كل ما يرونه سواء زهرة او ثعبان ..فحينما تجد الثعبان في عينيك شرير فاعلم ان الطفل لا يجد فيه الا كائن ناعم الجلد وانعم من "غزل البنات" !!

الحاكم الفاسد في عين الطفل لا يوجد فهو دائما اسمه "عمو الرئيس" ..واخبار السياسة السوداء ليست عندهم الا ورقة كبيرة يستطيعون ان يلقوا عليها الألوان والصلصال كما تطبخ عليها بعض العائلات التي لا تلقي بالا للسياسة ولا لفساد العالم ..فالبطاطس المقلية أولي بصفحات الأخبار من عيون الحزاني !!

كانت تلعب في احد الايام بينما جلس بجوارها سالم ب "لاب توب" هذا الجهاز اللعين الذي افقد الاسرة من محتواها وافرغ العواطف في "استيتس" علي الفيس بوك او بعض التظاهر الخداع كحقيقة هذا العالم..هذا الجهاز الذي اصبح عند بعض الناس وسيلة للإدعاء والزيف والبهتان وقلب الحقائق والتظاهر بالرحمة في قلوب بعضها بطناته سوداء وفيها تقرع الحية لو تعلمون.

سالم لم كان دائما يري في هذا الجهاز منذ ظهر علم البشرية ومعرفتهم ولكن ايضا مع العلم والمعرفة سلبيات الزيف والمجاملات والنفاق وهدم كيان الاسرة السعيدة في سبيل الحصول علي "لايك" !!
تترك بعض النساء زوجها واطفالها والعالم بأكمله في سبيل الحصول علي لايك ..فقد خلق الاطفال بالنسبة للبعض للتجارة بهم وادعاء السعادة وحالة النيرفانا والجنون بهم وهم ليسوا اكثر من مجرد صورة فوتوشوب للحصول علي جملة النشوة "ياسلام يا بختكم ببعض"  !!

كان سالم يترك الجهاز وكل مشاغله اذا قالت له الطفلة بكل براءة "بابا" ولم يكن يؤمن بكلمة "ثواني" او "اما اخلص"  ..فالأبناء ان لم يكونوا أولوية الأباء فما هي الأبوة أو الأمومة اذا التي اصبحت في ايامنا مجرد أموال تغدق اناء الليل واطراف النهار بلا عاطفة ..وكأنها تسمي الأن "عاطفة نوت"  كما "البنكنوت"

قالت له ساندي : بابا ..ممكن ألون ؟

سالم : طبعا ممكن يا حبيبتي..ألون معاكي ؟

ساندي : عايز تلون ايه يا بابا ؟ نفسك تلون ايه ؟


نفسك ؟؟اه من وقع هذه الجملة علي قلب عاشق او صاحب حلم ..يالصرختها المدوية وان نطقت من لسان يغلفه الحنان المبطن بالسكر ..نفسك تلون ايه ..
هكذا فكر سالم بينه وبين نفسه وكان للجملة وقع الصاعقة عليه ..

سالم : ايه..نفس الون ايه ؟ نفسي الون كل حاجة يا ساندي..نفسي الون العالم كله..

ساندي: هو ينفع يا بابا نلون العالم كله ؟

سالم : لو العالم كله حب يتلون يا حبيبتي في يوم هينادينا

ساندي: وهو العالم هيكلمنا يابابا ؟

سالم : ايوه

ساندي: طيب ما نلونه احنا من غير ما ينادينا ..يلا نقوم نلون


كان سالم يتحدث عن الحب والحياة بينما كانت ساندي في عقلها البرئ الطفولي تتحدث عن الجدران واوراق الجرائد الملقاة علي الارض لمقالات طواها سالم بعد قرائتها.
لا يعرف لماذا شدته الكلمة "نلون".."تلوين".."ألوان"..بعض الكلمات وكأنها شراع تنتظر منك نفخة يأس لتصبح هي كل الأمل ياللغرابة..

سالم : ساندي انتي فكرتيني بحاجة كان نفس اعملها من فترة وسمعت عنها..

ساندي: ايه يا بابا ؟

سالم : انتي بتحبي الألوان يا ساندي قوي ؟

ساندي : اوي يا بابا بموت فيها

سالم : انا هافسحك في وسط الألوان نفسها ..

ساندي تضحك ببراءة : ازاي يا بابا ؟ انا عايزة ابقي لون اخضر ..

سالم : ياريت يا بنتي تفضلي لون اخضر ومافي حاجة تعرف تلونك لون تاني

ساندي : يعني ايه يا بابا ؟

سالم : ولا حاجة تعالي نشوف هنا عل الانترنت هاوريكي حاجة

ساندي : ايه ده يا بابا

سالم : دي حاجة اسمها مهرجان الوان..الناس بتروح وبترمي الألوان علي بعض..

ساندي : اخاف يا بابا

سالم : ما تخافيش يا حبيبتي انا هاكون معاكي وهم بيرموا الالوان هزار ما تخافيش من حاجة ابدا في الدنيا طول ما انا معاكي


قال سالم لنفسه : "أي عالم هذا الذي تخاف فيه طفلة من الألوان ؟؟ومن اين عرفت الخوف والطفولة طمأنينة ويقين ؟؟
لقد عرفت ان الحب كما عمر الانسان : طفولته الخوف..وشبابه رهبة اللقاء وشيخوخته الفراق..
ولكن من اين تعرف هي الخوف يا هذا العالم القاسي المقتول المشاعر ..؟


ساندي : بابا انا هاخاف صدقني ..روح انت وانا هاقعد هنا الون مع الدادة..

سالم : خلاص يا حبيبتي انا هاروح واحكيلك والمرة الجاية هاخدك معايا

نطقها سالم كما الأطفال كان يريد هذه التجربة بأي ثمن ولا يعرف لماذا..هناك أشياء في احياة تشدنا لكونها هي ولا يوجد أي سبب لكي نفعلها الا البحث عن الحقيقة فيها او عن انفسنا في اكمالها..


وعند بوابة المهرجان بعد ثلاثة أيام ..

سالم : هو مهرجان الالوان هنا ولا فين ؟

الحارس: اه هنا يا استاذ اتفضل


كان سالم يعرف تلك النظرة في عين الحارس نظرة استغراب فأي رجل في عمر الخمسون يأتي لكي يلقي الألوان علي الشباب ؟؟ هل يريد ان يضحك علي عمره او علي مفرقه الذي شاب ؟؟

كان المكان واسع جدا كما حديقة غناء مليئة بالشباب في كل الاعمار وتقريبا كان سالم هو الأكبر سنا ومحظ أنظار بعض من يرونه لأن البعض لم يعره اهتمام من فرط الحركة وكم الألوان الملقاة من كل حدب وصوب..
كان المشهد في عين سالم هو الحياة..كان يري الحياة مهرجان الوان..بعضنا يتلون بالحزن الأسود..وبعضنا يتلون بلون الأمل الأخضر ..وبعضنا شفاف كما الحب..لا لون للعاشقين..فحاذر ان يلونك الا من يحبك ويتمني لك الخير..

وقف سالم شارد ينظر الي كل تفاصيل المكان الي ان سقطت عليه بعض الألوان..الي ان سمع الصوت من خلفه ..

فتاة : انا اسفة جدا

لم ينظر سالم حينها الي الألوان فقد وجد في عينيها شلال ألوان لا منبع له ولا مصب..فهو مكتفي بذاته مكتمل بوحدته ..
سيسأل البعض هل هو الحب الثاني ؟؟ هل أحبها بنظرة واحدة ؟؟ وهل تتغلب نظرة الحب الثاني علي نظرة الحب الأول الأولي ؟؟

لا لم يكن الحب ولكنها كانت الذكري .. تلك الذكريات التي تغني لنا كمغنية الاوبرا في كل ما يذكرنا بلحظة ديمومتنا الأولي وحبنا الاول..
كانت تشبه حبيبته الي حد بعيد..العين بلون تفاحة خضراء والقلب برائحة ذكري المساء والخد كما التوت البري والجسد كما الذي اغرت به فينوس باريس ..نعم هي "هيلين" اسطورة تتجدد..

قال لها بصوت كما النحيب : لا مافيش حاجة..انتي متعودة تيجي هنا دايما ؟

لا يعرف حتي لماذا سأل هذا السؤال ولكنه كان محاولة لجعلها تقف امامه اطول فترة ممكنة كي يتأكد هل هي إمرأة ام هي دوامة زمنية سقطت فيها وداخت كل أحلامه وسنوات عمره ..
هل هي وهم شباب ام حقيقة تقمص وتكرار سنوات ولت ولقت حتفها..
هل هي إمرأة ام انتحار امنيات جديدة من علي طرف شفاهه ؟

قالت في خجل : اه يعني..بحب الألوان وبروح مهرجانات كتير زي دي..حضرتك اول مرة ؟

سالم : تقريبا دي التانية ..اه شكلها كده تاني مرة..فات عليا المهرجان ده قبل كده من سنين

كان سالم يحدث نفسه كعادته عن الحب بينما هي تتحدث بكل براءة عن المهرجان..ولكن الفتاة كانت اذكي من ان يتم خداعها بالاسقاط اللفظي بسهولة فسالم كان من الواضح عليه جدا انه ياتي لأول مرةفي حياته الي مهرجان ألوان فدائما ثق في عين الخبير وياحبذا لو كانت عين إمرأة فاحصة ثاقبة ..

قالت بذكاء وتحدي : واول مرة كانت امتي ؟

قال : من ييجي حاجة وعشرين سنة ؟؟


ضحكت الفتاة ضحكة طويلة صاخبة يكاد يتحول لها سالم الي تمثال شمعي كي تنحته كيف تشاء بضحكتها ..
تكاد ضحكتها تعيد بعث سالم في صورة كريات دم متوردة علي شفاه تضحك..

ثم قالت : علي فكرة ماكنش فيه الكلام ده من زمان قوي كده دي مهرجانات جديدة ..

قال : نفس الألوان صدقيني نفس الألوان ونفس التفاصيل..

قالت وهي تبتسم :  يمكن الوان الذكريات ..الوان جميلة مش كده ؟

قالتها في دلال وهي تلعب باحدي خصال شعرها الذي تدلي كما الثمر اللذيذ في جنة خلد..ونظرت الي عينيه التي ذابت علي يد صائغ الحب الي كل تفاصيلها وملامحها..

قال : لا يمكن لا يمكن..انا اسف انا ماشي..ده شئ مش موجود..مافيش حاجة اسمها كده

قالت : انت زعلت مني ؟

قال : لا انتي بتزعزعي ايماني بقضية مهمة جدا..مش هتقدري تكسريها ولا تحطميها مهما كان الشبه..

تدارك لسانه بسرعة وقال : انا اسف انا مش عارف انا بقول ايه ..بجد انا اسف فرصة سعيدة جدا يمكن اشوفك تاني صدفة..


خرج سالم مسرعا في مشهد مسرحي غريب فكلما خطي خطوة تسقط عليه حفنة من الألوان وكأن المكان كله كان في مؤامرة عليه وحده حتي شهق شهقة من فرط كميات الالوان الساقطة علي وجهه التي كادت تكتم انفاسه
مر مسرعا من تحت الاخضر والاسود والابيض حتي خرج سريعا الي منطقة الحياة..خرج من الحديقة كلها وخرج من محاولة تلوينه..
كان هروبه هروبا من محاولة بعث حب ثاني..كادت الفتاة ان تسقط نظريته عن خلود الحب الأول فهرب سريعا..وتلك ارادة العشاق..
لا يعرف هل كان عليه ان يستسلم كما استسلم قديما ام ان يفر مسرعا محافظا علي خلود حبيبته في قلبه ..
هل كان اثبات النظرية في الهروب .. اذا فكيف تكون النظرية صالحة وانت تهرب من اول حجة دفاع تفندها وتقتلها داخلك ؟
هل كانت روح سالم الشفافة ستتلون الأن في تلك اللحظة علي يد تلك الفتاة العشرينية الغريبة الشبيهة بالمدي ؟؟

اخرج هاتفه سريعا من جيوبه وسأل "الدادة" عن حال ابنته في المكالمة :

سالم : ازيك يا دادة ايه اخبار ساندي ؟

الدادة : كويسة يا بيه ولونت كل الاخبار بتاعة حضرتك القديمة وفي الاخر قالت انها خايفة لحسن تزعل منها

سالم : لا عادي يا دادة قوليلها دي اخبار قديمة لونيها زي ما انتي عايزة طالما الورق في مكان يتلون لونيه ..لوني معاها يا دادة خلي الناس كلها تلون يا دادة..


اوراق سالم ومقالاته السياسية تم تلوينها..ولكنه ما زال يري امامه في الشارع الان الأمن يضرب ويسحل في مواطن ويلقي قنابل الغاز..

قال في صوت كالرعد : بتضربه ليه ؟؟ ساندي لونت الاخبار السودا كلها..ساندي رجعت الحياة لأخبار كذابة فاقدة الحياة..بتضربوه ليه ؟؟
ايه اللي باقي غير اخبار ابيض واسود..ليه ما بتتلونوش ابدا..ليه حياتي كمان مش راضية تتلون وهربت من كل الالوان..ليه بتهربوا يا عالم من الوان القدر ؟؟


بكي سالم وهو يصيح ولا يسمعه احد في وسط احداث وشارع سياسي صاخب..هرع سريعا الي منزله

قال : بسرعة يا دادة ساعديني ساعدوني كلكم طلعوا كل المقالات

الدادة : مالك يا سعادة البيه

سالم : هنلون..كلنا هنلون كل المقالات السياسية وكل حاجة احتفظت بيها حتي الاشعار الحزينة هالونها

الدادة : لكن اشعارك يا بيه احتفظت بيها سنين هتبوظها ليه

سالم : مش هبوظها يا دادة انا هلونها..كل حاجة حزينة محتاجة تتلون..فاهمة يا دادة لازم نلون كل حاجة في حياتنا


وفي تلك الليلة كانت اسعد ليالي الطفلة ساندي ومارست فيها كل اساليب التلوين حتي عل جدران البيت وكان سالم يلون كل ما يراه بشكل هستيري لم تعهده الدادة من قبل في نظرته حتي انها خافت منه قليلا في هذا اليوم..
ونام سالم من فرط التعب وهذا اليوم الطويل حتي استيقظ في صباح اليوم اللاحق علي وجه ابنته المبتسمة

 وقالت له في صوت رقيق : بابا انت تعبان ؟؟

سالم : لا يا حبيبتي انا بتغير ..


ومازلنا لا نعرف ما الذي تغير في سالم ..هل هي نظرته الي خلود الحب الأول..هل فتح شبابيك قلبه من جديد لدخول نور الحب ؟؟ لا يعرف ولكن الذي عرفه في الألوان ان كل شئ قابل للتغير حتي الوان السياسة القاتمة وحتي القلوب العاشقة..فقد تعود من جديد ..اكثر حبا ويقينا..

Monday, March 4, 2013

أيها الحكام...ألا تعاقبون أنفسكم ؟؟








الضمير..هل فعلا لسه موجود المصطلح ده قدام عين الرؤساء ؟ ..انا بس بسأل عن المصطلح هل هم شايفينه لان الضمير أكيد اتقتل جواهم من زمان بس ياريت يكون لسه سامعين عنه ولو علي الورق..

كان نجيب محفوظ في كتابه الرائع "ليالي ألف ليلة" بيقول في جزء من الكتاب  في حوار بين شخصيات الرواية :

- ما تصورتك خائنا أبدا..وظننت ان المحنة التي وقعنا فيها جميعا قد طهرتنا وأن حياتنا ستقوم علي العدل والنقاء واذا بك تخون الأمانة وتستهين بالكرامة وتتمادي في الفسق والجريمة.

وكان الرد ما يلي :

- لا أنكر شيئا مما تقول لقد أعلنا توبة ..ولكن الشيطان لم يتب بعد.


الحوار ده تحس كأنه لسه بيحصل بيننا دلوقتي ..فعلا قمنا بثورة وافتكرنا انها طهرت اي حاكم جاي وانه خلاص هيكون العدل هو كل هدفه لكن فعلا الظاهر الحجة هي ان "الشيطان لم يتب بعد"

وبمناسبة الكلام عن الضمير ..كان غاندي بيقول في مقولة من مقولاته الخالدة :

"هناك محكمة عليا أعلي من كل المحاكم..ألا وهي محكمة الضمير"



شوفنا في "العيب" ليوسف ادريس و"القاهرة الجديدة" لنجيب محفوظ ازاي الضمير بيموت قدام السلطة او الفلوس ..و "الشيطان والأنسة برايم" لباولو كويلو شوفنا فيها الصراع بين الخير والشر جوة الانسان ..وشوفنا في "دكتور زيفاجو" ازي الضمير بيموت بسبب الحكم والسلطة بعد ثورة
او "براكسا..مشكلة الحكم" لتوفيق الحكيم وكتير من الاعمال الادبية اللي كان من ضمن زواياها موت الضمير لحاكم او شخصية في الرواية او المسرحية.


الأديان اتكلمت عن الضمير بشكل اوسع من خلال الكلام عن الصراع بين الخير والشر سواء الاسلام او المسيحية او اليهودية ..وكتير من العقائد او الأراء الفلسفية ناقشت بشكل واسع قضية الخير والشر جوا كل انسان لدرجة ان زرادشت اللي كان متأثر بيه نيتشة بشكل واسع كان بيقول ان فيه صراع بين اله الخير واله الشر..وجبران خليل جبران كان متأثر بنفس الفكرة دي في كتبه وناقش قضية الخير والشر من خلال تأثره بنيتشة .


الحاكم لأي دولة بدون ضميره وبدون سيطرة الخير جواه علي نزعاته الشريرة يبقي مجرد أداة للطامعين ووسيلة لزيادة الفاسدين..
وهنا هاذكر بعض الأمثلة من دول مختلفة عن ناس كان عندها ضمير لدرجة عقاب النفس..انا في الأمثلة دي مش بقول للحاكم ينتحر من فساده ولكن يخجل من نفسه..  بنشوف صور مختلفة لناس عاقبت نفسها لما لقت نفسها ماشية في طريق غلط وياريت الحاكم يحط الصور دي قدامه كامثلة عن ناس عندها ضمير او بمعني اصح "ناس عندها دم" :




1- خبر منشور بيقول ان شاب مصري يقطع يديه بنفسه لكي يمتنع عن ممارسة السرقة التي كان يمتهنها لسنوات .

وده نص الخبر المنشور :

وأكد الشاب، أنه قرر معاقبة نفسه اختيارياً لكي يتخلص من داء السرقة وقام بقطع يده اليسرى عن طريق النوم أمام قطار سكك حديدية، لكنه لم يتوب عن السرقة في المرة الأولى فقام بتكرار الفعل ذاته وتخلص من يده اليمنى، لكي تنعدم أمامه فرصة السرقة تماماً.
وقال الشاب في  برنامج “مصر الجديدة” مع الاعلامي معتز الدمرداش، “إنه شعر بالندم من تلقاء نفسه على كل حادث سرقة ارتكبه في حياته وفي الوقت نفسه غير نادم على قطع يديه اختيارياً”.




2- قرر صحفي روسي أكل مقالاته التي تنبأ فيها بمعلومات خاطئة عن وزارة البنية التحتية بروسيا، تنفيذاً للوعد الذي قطعة على نفسه قبل سنتين.

وده كان نص الخبر وبيقول :

ونقلت جريدة "دنيا الوطن" أن فيتشسلاف ليدوفسكي كان تنبأ بعدم جدية مشروع وزارة البنية التحتية في بناء جسر فوق نهر ينيسي، مؤكداً للقراء أن الحكومة لن تبدأ هذا المشروع قبل عام 2015 وليس في 2012 كما هو مصرح به.

وقال ليدوفسكي: "أقسم، لو فعلها المسئولون، سآكل كل ما نشرته عنهم في مقالاتي، وأمام الجميع".
ولكن تبنؤات ليدوفيسكي خابت بعدما حققت الوزارة الوعد وبدأت في المشروع 4 ديسمبر 2012 أي قبل الموعد الرسمي بـ15 يوماً، مما أضطره إلى أكل مقلاته بالكامل بعد غمسها فى حساء من القشدة ليتمكن بالكاد من ابتلاعها. وقال ليدوفيسكي أمام كاميرات التصوير: "فعلت ذلك ليعرف العالم أنني صحفي محترم، أحب مهنتي وأقدر قواعدها، وها أنا ذا آكل أمامكم مقالاتي الكاذبة وأنشر الفيديو على اليوتيوب ليعرف الناس قيمة الكلمة الصادقة فى الصحافة".





3- وكمان كان في حادثة شهيرة لوزير زراعة ياباني انتحر بسبب فضيحة وما اكثر اما بيحصل ده في الخارج امام الفضايح السياسية وغيرها ..يمكن هو جنون اه انما اما تشوف حالة الحكام العرب تحس ان ده مش جنون ده وجع الضمير او هروب من فضيحة مش زي عندنا قمة التبجح في الفساد..


والخبر بيقول :

 انتحر وزير الزراعة الياباني توشيكاتسو ماتسوكا قبل ساعات من مثوله امام جلسة المساءلة التي كان من المتوقع ان يعقدها البرلمان بسبب فضيحة تتعلق بتبرعات سياسية وعقود مزورة، حسب مسؤولين. وعثر على الوزير فاقدا الوعي في مقر لأعضاء البرلمان ونقل الى المستشفى حيث لفظ انفاسه، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وذكرت تقارير صحافية ان الوزير، 62 عاما، شنق نفسه باستخدام حبل تم ربطه بباب غرفة الجلوس. ويعتبر انتحاره ضربة لرئيس الوزراء الياباني شينزو ابي وحكومته التي فقدت الكثير من شعبيتها بسبب الفضيحة.

وقال مسؤول حكومي لرويترز «سيكون لذلك أثر سياسي بالغ ولكن في الوقت الحالي يصعب تحديد حجمه». ويأتي انتحار ماتسوكا في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية ابي الى أدنى مستوياتها منذ توليه

المنصب في سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك بشكل كبير لغضب الناخبين من سوء الادارة في نظام معاشات التقاعد حيث أقرت وزارة التأمينات الاجتماعية بحدوث خطأ في بيانات 50 مليون حالة سداد مما يعني أن بعض اليابانيين يتقاضون على الارجح معاشات تقاعد أقل مما يستحقون. وقال ابي ان حكومته ستحاول حل المشكلة وضمان دفع معاشات التقاعد بالكامل ولكن الناخبين لم يقتنعوا فيما يبدو.




4- وكمان في كان في قصة قديمة بتقول ان احد الوزراء تعهد لاهل مدينته انه لو ما نفذش وعوده في فترة معينة هيجري حوالين المدينة كلها علي رجليه وفعلا حصل انه منفذش الوعود في الميعاد المحدد وراح جري حول المدينة كلها !!




5- ايام زمان كان فعلا زمن الضمير والعدالة ..طبعا الامثلة كتير جدا من ايام عمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب ولكن من القصص الشهيرة عن ضمير عمر بن الخطاب وعدله انه كان بيقول لمعدته اما يحس بالجوع الشديد "قرقري ما شأت ليس لكي الا هذا"  وكان يقصد القديد والزيت...كان مبياكلش عشان يوفر الاكل لاهله وناسه لدرجة ان الناس قالوله "يا عمر ارفق بنفسك واهلك"

انما دلوقتي الحاكم مش بيرفق باهله ونفسه ده بيجيبلهم العربيات والماركات اشكال والوان انما الشعب هو اللي معدته بتقرقر والحاكم فقط بيقرر القرارات الظالمة والفاسدة.!!

وكمان عمر مرة خبط واحد من الرعية في كتفه بسبب حماسه في الحديث ولكنه اصر علي الراجل انه يردله الضربة لانه شعر بالذنب !!  قمة العدل والضمير ايام الرسول والصحابة جميعا..




وبعد كل القصص دي امتي نشوف الزمن اللي الحاكم فيه عندنا في الدول العربية يحس فيه بتأنيب الضمير علي اللي بيقترفه في حق شعبه ..
ولا يا تري كرسي الحكم عندنا هو مقصلة الضمير الكبري ؟؟