Tuesday, April 22, 2014

رسالة من الأمير عبد القادر الجزائري للمتاجرين بالاديان.





واسيني الاعرج كاتب وروائي جزائري من الطراز الاول..اسلوبه العميق وكلماته الرشيقة هم السر في كل رواياته ..من اجمل الاعمال اللي كتبها واسيني الاعرج رواية "كتاب الامير"..

الكتاب بيحكي عن الامير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية وكان قائد المقاومة ضد فرنسا في فترة نابليون ..

الامير عبد القادر رجل حكيم ومقاتل وصوفي..الرواية بتحكي قصة حياته في شكل سلس ورائع وبتعرض اهم الفترات في حياته من قبل ما يبقي امير علي البلاد والصراعات اللي حصلت بينه وبين القبائل الاخري نتيجة معاهدة عملها مع الفرنسييين ..وهنا ظهر دور التجارة بالدين من القبائل المختلفة وبدأ الطمع في الامارة يدب فيهم باسم الدين رغم ان عبد القادر وضح ليهم كتير انه عمل كده من اجل الاستعداد للحرب وطرد المستعمر ولكنهم اصروا علي النزاع مع اميرهم علي اساس انه خائن لبلده ومتحالف مع الفرنسيين وده طبعا غير حقيقي تماما .


كانت المعاهدة اسمها "دي ميشيل"  كان الغرض منها بالنسبة لعبد القادر تنظيم صفوفه للاستعداد للحرب ولكن الفرنسيين نقضوا المعاهدة وتنكروا لها وفي نفس الوقت واجه عبد القادر كمان نزاع داخلي من قبائل البلد واصبح الوضع صعب جدا وتم تكفيره ايضا من بعض القبائل !!

وتحكي الرواية ايضا قصة الصداقة والتقدير بين اسقف الجزائر  والامير عبد القادر عندما وقع في الاسر وسعي "ديبوش" اسقف الجزائر لتبرأة عبد القادر بشتي السبل ووجد فيه الحكمة ورجاحة العقل اثناء حوارهم المتكرر في مكان الأسر.

والرواية التي تستعرض حياة الامير غنية بالحكم والمقولات التي تعتبر درسا ووعظا للمتشددين في كل مكان وزمان والمغالين والمتطرفين وكانها تناسب هذا العصر تحديدا والايام التي نعيش فيها التي شهدت تطرفا رهيبا لحق بكل انحاء الأمة  ومن هذه المقولات :


1-  عندما تم تكفير الامير من بعض المتطرفين والمتاجرين بالدين قال الامير في حزن :  "الذين وضعوني علي رأسهم تنكروا لي والذين وضعتهم باعوني .الاكثر من ذلك هم يكفرونني..التكفير في غاية الصعوبة والأهمية..يتهمونني بالتقاعس عن الجهاد وهل يعرفون ما معني ان نجاهد ونحن نواجه السيارة والالة الحربية..الله اعطانا عقلا للحفاظ علي انفسنا وعلي ارواح الاخرين ..الجهاد لا ان تحمل سيفا وتشهره في وجه اول من تصادفه..الجهاد ان ترفع سيفا عندم تنغلق في وجهك سبل السلم"

2- الامير عبد القادر : "الجهل اكثر خطرا من الاعداء الواضحين..الجه عدو مدسوس فينا يمكن ان ينفجر بين يديك في الوقت الذي لا تنتظره ابدا "


3- الامير عبد القادر يتحدث عن العدل في الدولة ويقول     "بدون انظباط لا يمكن للدولة ان تبني..ماهي واجبات وحقوق العسكري كيفما كان صفه عليه ان يعرف ان فوقه قانون ولايمكنه ان يفعل ما يشاء يجب ان لا يظلم وكذلك الا يظلم"


4- وعن حب الوطن والانتماء قال الامير عبد القادر :   "اقسي شئ في المنفي هو ان توت علي ارض ليست لك ولست لها ..لقد دفنت جزءا من عائلتي في هذه التربة وكم اتمني ان لا يدركني الموت الا وانا في ارض تمنيت الذهاب اليها "


5-" الانسان مثل الارض عندما تخسر ماءها وتدخلها المياه المالحة تتشقق وتشيخ "


6- وعندما حاول البعض اللعب علي وتر التكفير واتهموا الامير بانه يبيع دار الاسلام رد عليهم الامير هذا الرد الحاسم  "اما عن بيع دار الاسلام فطمئنوا سيدي الصافي وامامه بان دار الاسلام اكبر من الجميع ولها رب يحميها من كل تلف والا لكانت حروب الردة والمقايضون القدامي والجدد قد هلكوها منذ زمن بعيد "


7- ويتحدث عن الناس التي لا يهمها غير السلطة فقط لا غير ويقول عنهم  "ما هي هذه الاقدار القاسية التي تغير الناس بهذه السهولة..؟ منا لصعب الثقة في القبائل التي تلبس كل يوم عباءة جديدة..ثقة الناس بدأت تتناقص ويحل محلها شئ اخر ..المصلحة الصغيرة..السلطان يعمي الابصار "


8- وفي الحزم والشدة قال عن الخونة  "المرض العضال يستأصل ولا يرقع"


9- "بناء الدولة يحتاج الي حالة استقرار..ما تزال العصبية القبلية هي سيدة العلاقات وهي التي تحرك الناس مل واحد يظن انه سيد نفسه"

10- وهنا يوضح لماذا اضطر الي معاهدة مع العدو لأن ميزان القوة بينهم مختل     وقال  "الدين يجمع ولكنه يفرق ايضا..يوم وقعت المعاهدة مع دوميشال الكثير من ابناء جلدتنا وقفوا ضدنا بحجة المصالحة مع دار الحرب ..اية مصالحة عندما تكتشف فجاة انك تنام علي كذبة كبيرة اسمها القوة..وسائلنا مضحكة امام جبروتهم كل ارادات الدنيا لا تكفي..تذكر حماس محمد علي في مصر لقد ادرك في وقت مبكر ان عليه اولا اغلاق الممرات مع الباب العالي نهائيا وبدء التفكير في بناء دولة تتأسس علي العلم والمعرفة."


11- "الحرب ليست القوة فقط ولكن الحكمة كذلك عند الضرورة"


12-ومن احدي مقولات اسقف الجزائر في حوار بينه وبين الامير عبد القادر  عن من يظن نفسه يملك الحقيقة كاملة   يقول    "اليقين بامتلاك الحقيقة يعمي صاحبه ويقوده نحو الهلاك"


13-وقال الامير عن المتطرفين المتشددين  "هكذا البشر لا يعرفون ان الله الذي منح الروح وقدسها لايمكن مسها الا بالحق.أية قضية تساوي حياة انسان وعزته؟ كل الاديان فيها شئ من التطرف يؤدي الي هلاكها"


14-وقال عن من يعيشون في خرافاتهم كالعميان   "حجارة الصوان اهون لي من عقل متحجر يعوم في الخرافة"


15-"القادة الحقيقيون يعرفون في الازمات الكبري وليس في حالات السلم"



كتاب قيم جدا لواسيني الاعرج ملئ بالحكم وكأن الامير عبد القادر يعطينا دروس في حكم الدولة وفي نفس الوقت يوجه رسالة شديدة اللهجة للمتشددين وتجار الدين ومن يستعمل سلاح التكفير في كل وقت وحين..الامير عبد القادر رجل قلما جاد الزمان بمثله ومثال في الشجاعة والدفاع عن الوطن.

No comments: