Thursday, August 7, 2014

رقصتــي الأخيرة مع أميـمة..قصــة قصــيرة

أنا والحب وأميمة..لا يوجد غيرنا أبدا في الغرفة ..حتي ولو كانت مليئة بالبشر ..في حقيقة الأمر نحن سبعة ..نعم سبعة هذا الرقم المقدس..انا واميمة وعيناها وحسنهاوقلبي وضعفي وكيوبيد..هكذا كنا دائما نحن السبعة رغم اننا كنا بالفعل سبعة..ولكن هي حديقة ياسمين وهم بشر مثلي من ماء وطين.

تنهال علي رأسي القصائد كلما رأيتها ..وتنهال علي قلبي الاغنيات كما اللافا البركانية..كلما دخلت الغرفة اسمع من بعيد اغنية "اهواك بلا أمل" لفيروز ..فتدمع عيناي ..ويقترب صوت كعبها الغائر في دمائي فأسمع اللحن الجنائزي لقلبي الحزين في اغنية "سمراء يا حلم الطفولة" بصوت عبد الحليم حافظ ..وما ادراك لو اختلط معهم صوت "بول مكارتني" !!

تقترب اميمة من الغرفة فاحاول ان اهرب ..ان تنشق "السماء" وترفعني..وكأني اقول لها "ضعيني في جيبك يا اميمة" ..نعم كلما رأيت هذا المشهد تأثرت للغاية ..في فيلم
The Philadelphia Story
للنجمة كاثرين هيبورن ..حينما رأيت مشهد الفيلم وسمعت الجملة تقول
put me in your pocket  mike

شعرت بأنني في نفس الموقف ..وكأنني أردد بلا وعي "ضعيني في جيبك يا اميمة" ..شعرت باقترابها ..ازداد الخوف في قلبي ..وحروف كلمة "حب" قريبة من حروف كلمة "خوف" في الأسبانية..يالها من لغة عرفت الحقيقة مبكرا.

اينما ذهبت تطلق البهجة في نفوس الجميع..وتطلق الحيرة في قلب "العبد لله" و "الضعيف للحب" ..دخلت الغرفة ولم تجد احدا هذه المرة فقالت وهي تبتسم : هم راحوا فين كلهم ؟

قلت في حزن دافئ : تقريبا نزلوا تحت في ميعاد الغدا

قالت وهي تتحرك وكانها ترقص : انا فرحانة جدا النهاردة بجد نفسي ارقص للدنيا

قلت مبتسما : ارقصي للدنيا ترقصلك

قالت: مش كانت ضحكة بس ..يمكن الزمن ده الموضوع قلب برقص ..ينفع ارقص رقص تعبيري ..زمان كنت بعمل كده في البيت وانا صغيرة وكانوا بيقولوا عليا موهوبة جدا ..ارقصلهم الرقصة وهم يقولوا بتعبر عن ايه زي مثلا "البانتومايم" كده

رقصت رقصة خفيفة وسألتني : تفتكر ده بيعبر عن ايه ؟


لا اعرف اين كنت انا في تلك اللحظة ما تبقي امامها ملامح انسان ..كنت في عالم اخر ..كنت في معراج صوفي روحي ..وصحت فجاة من عالمي وقلت لها مبتسما : ده بيعبر عن الجمال الموجود في العالم ؟ صح ؟

احمرت وجنتيها في خجل وقالت : غلط..ده كان بيعبر عن مأساة بنت فقدت امها..فين الجمال هنا ؟

قلت في ثقة : فين؟؟ في كل مكان يا اميمة..بجد في كل مكان..

بدأت العلاقة تتخذ منحي أخر منذ هذه اللحظة..ادركت اميمة ان امامها عاشقا متيم..تستطيع الان ان تكمل رقصتها لتعبر عن الحب..كما يرقص كيوبيد مختالا في قلوب البشر.

المشهد لا يوحي بمعجزة تقترب..ولكن الحب معجزة قد اقتربت بالفعل في قلبي..بعد هذا اليوم انقلبت الحياة رأسا علي عقب وبدأت اميمة تظهر في كل الاحلام برقصها التعبيري لتعبر عن ما سيحدث في اليوم التالي..بدات اري المستقبل بعيون اميمة..



في الليلة الأولي بعد موقعة العشق :



ظهرت لي اميمة في الحلم بفستان منقوش بكفوف وردية..تعزف علي  "الهارب" الموجود في غرفة ضيقة فتتسع..وتصغر هي في السن لتعود طفلة في حضن الموسيقي ..تصرخ وتبكي وهي طفلة يهدهدها ملاك فتضحك فجاة والموسيقي مازالت تنطلق من الهارب والعازف الأن مجهول .

قمت فجاة خائفا هل هي رقصة تعبيرية من اميمة؟؟هل دخلت في حلمي لتدلني علي مستقبل حبنا ؟ وماذا يعني هذا الحلم الغريب يا أميمة ؟

بدأ الخوف يسري في اوصالي حينما قابلتها وقالت : انا امبارح بعد ما كلمتك عن الطفولة بتاعتي افتكرت الايام دي وقعدت ادور ولقيت جهاز كنت بعزف عليه زمان وانا صغيرة وفرحت قوي بجد وشك حلو عليا كنت بدور عليه من زمان ولقيته في مخزن قديم.

ما الذي يحدث..حدثت لي رعشة مفاجئة من فرط الدهشة وقلت لنفسي : هل سترقص لي اميمة كل يوم ؟؟ هل اصبحت انا مستقبل اميمة ؟؟ ولكن الخوف كل الخوف ان يأتي الحلم بما لا تشتهي نفسي وما لا اتمناه لأميمة من حزن وكمد..



في ليلة اخري بعد موقعة العشق :

أميمة تبحث عن احدي الاوراق المبعثرة ..في جسد غزالة ورأس انثي..فتجد الازهار مكان الاوراق ..فتأكلها بنهم شديد..حتي يسقط من عينيها البنفسج..فأحاول ان اصنع منه العطر ولا استطيع.


استيقظت وانا افكر في رقصتها المتحولة الغريبة..لماذا تأكل الازهار..ولماذا تبكي بنفسجا؟؟

حينما دخلت الي المكتب مسرعا اصطدمت بها فسقطت الاوراق وحاولت هي لملمتها وقالت مبتسمة : جت سليمة شكلك مستعجل قوي.

وكانت في حالة حزن في هذا اليوم..عرفت انها انفصلت عن حبيبها السابق وقد اتضحت خيانته الكاملة لها وانه لم يحبها أبدا.


كانت فرصتي لأصرح لها بحبي ولكن الرقصة الجديدة جعلتني اخاف ان اصارحها في هذا الوقت..


في ليلة اخري بعد موقعة العشق :


ملائكة تحرسني بأسهم الغرام وكلما اقتربت اميمة من كهفي حاولوا اصطيادها بلا امل..كانت الأسهم تخترق جسمها وتعبر منه دون ان تشعر بأي ألم..فتركتني الملائكة لأواجه مصيري فأحترق الكهف.


شعرت من الحلم بأن اميمة مازالت في حالة حب مع هذا الخائن..اه لو تعلمين حقيقة الحب المستعر داخلي يا اميمة لطربتي له ورقصتي رقصتك الاخيرة..اجمل رقصة  يا أميمة رقصة الغرام.


كانت أميمة تتحدي بعينيها علم الجمال "الإستطيقا" ..لتخلق عالمها الخاص وعلم جماله الخاص جدا..كان النحل في مدينتي يعرف طريقه الي الازهار حينما يري اللافتات معلقة علي الياسمين "أميمة مرت من هنا" ..!



كان المشهد الأكثر رعبا لي علي الاطلاق حينما ذهبت دون ارادتي لأشتري ادوات التجميل ..نعم وضعت الروج علي شفتاي وانا اضحك..لقد بدأت اتقمص "اميمة" او "اعيش "اميمة" ولا اعشقها فقط..كانت الاحلام مجرد الطريق او البوابة لحالة اجتياح كامل لشخصيتي..حتي صوتي بدا يختلف ويقترب من صوت أميمة..اختفيت في المنزل لأشهر طويلة..وعندما عدت عرفت ان اميمة تركت العمل..


كان حبها القديم حائلا بيني وبينها ..مازالت تحاول ان تتمالك نفسها لتفتح قلبها من جديد ..هكذا قالت هي لي..انها ليست علي استعداد لعلاقة جديدة في هذه المرحلة انها تتعافي من حب قديم الأن.


في ليلة اخري بعد موقعة العشق :

مشهد فيلم
persona
الشهير..اري اميمة خلفي وانا امام المرأة امشط شعري..وتقترب مني لتلمس رقبتها رقبتي ..وكأني في مشهد من الفيلم تماما.

هل اصبحت انا اميمة ؟؟ بدات اشك في وجود اميمة..سألت زملائي في العمل وتعجبوا من فكرة سؤالي وقالوا :سلامتك.. اميمة سابت الشغل يا سيدي

الرقص التعبيري اصبح بمثابة الخوف والرعب بالنسبة لي ..كل رقصة لا تعبر الا عن نفسي وخوفي..لقد بدات تعتريني برقصتها في الحلم..لقد بدأت اصبح انا أميمة !!



سنوات وانا تمزقني الأحلام ولم استطيع الاقتراب  لأميمة التي اختفت فجأة ودون سابق انذار ..شئ يمنعني ان احدثها واصارحها بحبي القاتل..الي ان جاء اليوم الحاسم والرقصة الاخيرة..


في الليلة الاخيرة بعد موقعة العشق :

اميمة تنظر الي وتستنجد وهي مفزوعة وثمة زهرة تمسك سكين وتحاول ان تمزق ملابسها..وحبل طويل يربط قدميها ويجره رجل عجوز..


جريت مسرعا محاولا الوصول اليها وتحذيرها من مشكلة ستحل بها ولا اعرف ما هي تحديدا..ركبت السيارة وضغطت علي دواسة الوقود بأقصي طاقتي حتي رايت امامي فجأة رجل عجوز حاولت تفاديه ولم افق الا في المستشفي.


المستشفي :

الطبيب: الحمد لله انت اتحسنت كتير حمد الله علي السلامة

قلت: الله يسلمك

الطبيب: في ضيوف في انتظارك

قلت: مين يا دكتور ؟

دخلت اميمة فجاة وهي تحمل الازهار ودمعت عينيها في تأثر وقالت : حمد الله بالسلامة يا حبيبي

قلت في دهشة : حبيبك ؟

قالت: واكتر من حبيبي كمان..

قلت: أميمة انا عايز اقولك..

قاطعتني ووضعت اصبعيها علي فمي وقالت: هششش ما تتكلمش دلوقتي ..احنا خلاص هنكمل رقصتنا مع بعض ..ومش هاسيبك لوحدك تاني..انا عارفة ايه اللي حصلك بالظبط

قلت: وعارفة الرقصة ومعناها ؟

قالت: ده انا صاحبة الرقصة

قلت: طيب والرقصة دي هتخلص علي ايه؟

قالت: حسب تفسيرك ليها

قلت: انا شوفت رقصة بتقول ان زهرة بتحاول تقتلك

قالت: واهي حاولت تقتلك انت شوفت بقي؟؟

قلت: ازاي اصلا زهرة ممكن تقتل ؟

قالت: اذا كان الحب اللي هو اجمل من الزهور بيقتل

قلت: افديك ببنفسج عينيا


قمت فجاة ناظرا اليها بخوف وشك..ورأيت في عينيها شئ غريب..انها لم تكن أميمة لقد كان ..نعم انه "الموت" !! يالفزع الرقصة الاخيرة وخصوصا حين ارقصها وحدي معه..أين انتي يا اميمة؟؟

دخل الطبيب مرة اخري وقال : الضيفة اللي عندك مشيت خلاص ؟

قلت: ايوه يا دكتور لسه ماشية حالا

الطبيب: طيب يا ريت تقولنا علي الاسم بتاعها تاني لان في حاجة غريبة خالص بعد ما سجلت البيانات بتاعتها في الدفتر مش لاقيين للبيانات اثر وشايفين الرقم بس وده شئ غريب..


دخلت اميمة فجأة من الباب وهي تبتسم وقالت: انت عندك ضيفة غيري ؟؟ لأ  يا استاذ انا بغير..

قلت في تنهيدة : جيتي متأخرة يا اميمة..

اميمة: احنا لسه في اول الطريق وهنكمل الرقصة مش حد تاني

قلت في يأس : الرقصة خلاص خلصت وفات وقتها؟

اميمة: الرقصة عمرها ما هتخلص ..وطول ما احنا عايشين هنكملها

قلت: بحبك يا اميمة

قالت: وانا كمان بحبك وافديك بعمري كله



ورأيت الزائرة الاخري تعود وترقص خلف ظهر اميمة..وكانت رقصتنا الثلاثية..وان كانت اميمة لم تري هذه الزائرة ابدا..ولكني قلت بصوت مرتفع: اجمل رقصة في حياتي..رغم اني برقصها مع الحب والموت.

وقلت لأميمة: انتي رقصتي الجميلة..دلوقتي اتاكدت ان انتي الحياة يا اميمة..انتي الرقصة الغريبة بين الحب والموت..عشان كده انتي الحياة .

No comments: