Wednesday, November 23, 2011

ميدان التحرير وحكومات شارلي شابلن ونفس الأخطاء






في هذه الصورة تجد الممثل العبقري شارلي شابلن في فيلمه
the great dictator

وهو فيلم من انتاج واخراج وتمثيل العبقري شارلي شابلن يسخر فيها من الديكتاتورية ويقول عن الفيلم "ادفع كل ما املك كي اعرف رد فعل هتلر عن الفيلم ! "
ووضعت هذه الصورة فقط لانها تذكرني بعصر مبارك وبعض قرارات الحكومة الحالية .

ربما كان خطاب المجلس العسكري الأخير يرضي البعض خصوصا مع تشكيل حكومة انقاذ وطني وقبول استقالة حكومة شرف الفاشلة تماما علي كافة الأصعدة والتي لم تقدم أي مردود يذكر طوال فترة عملها في الفترة الأخيرة ولكن نلاحظ وقوع المجلس أيضا في نفس أخطاء مبارك تقريبا وكأنه سيناريو طبعة ثانية من ما حدث في ثورة يناير وربما أبرز الأخطاء هي :



أولا : البطئ حتي اشتعال الموقف :

نفس ما حدث ايام حكم مبارك الفاسد من حالة بطئ وترهل في اتخاذ القرار في اسرع وقت وكأننا لا نتعلم من دروس الماضي أبدا ولا نعرف مثلا ان سبب رئيسي من اسباب سقوط نظام مبارك ليس الظلم فقط ولكن تأخره في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وكان من الممكن تدارك الأمر لولا سقوط الجرحي والقتلي تماما كما حدث في يناير ونظل طوال اليوم نري "خطاب المشير قريبا للأمة" وكأننا في انتظار فيلم سينمائي دون موعد محدد لهذا الخطاب وكأن المواطن مطلوب منه ان يجلس لمدة عشر ساعات امام شاشة التلفاز لكي ينتظر الخطاب الذي يأتي فجأة ودون سابق انذار

حتي المجلس العسكري الذي هو من المفترض ان يكون نموذج للدقة والنظام للأسف الشديد نجد ايضا الفوضي هي سيدة الموقف في قراراته وخطاباته .
لو كنا رأينا هذا الخطاب في اول يوم كان فيه الاعتصام وكان عدد الجرحي محدود للغاية في البداية لما كنا وجدنا هذه الاعداد الضخمة ولا المطالبة باسقاط المشير نفسه ولكن البطئ والتهاون بالمواقف هو الاداة المثالية لسقوط نظام كامل .




ثانيا : وكأنه ظهور الرسل :

لا نعرف لماذا يعامل الحكام العرب شعوبهم وكان الشعب في انتظار رسول او نبي مثلا !
لا يظهر الحكام العرب الا في اضيق الحدود لمخاطبة شعوبهم وهو ما كان يفعله مبارك الذي لم يكن يظهر الا في اعياد النصر او عيد العمال وكان الشعب ليس له الحق في معرفة ماذا يدور في البلاد ووضعها الاقتصادي والعسكري وكافة ما تتطلبه الشفافية الكاملة في عرض الوضع كاملا.

نجد في كل دول العالم الرئيس او رئيس الوزراء دائم الحوار مع الشعب في اي موقف واحيانا بدون اي سبب الا لعرض الوضع كاملا علي الشعب وهو ما فعله الرئيس اوباما في اكثر من موقف نجده دائما علي شبكات التليفزيون العالمية كل فترة قصيرة حتي انه في احدي الخطابات طلب من المطرب "جاستن بيبر" ان يحقق حلم فتاة صغيرة في ان تراه وهي من ابناء ضحايا احداث سبتمبر !
هل تصدق ان هذا الموقف حدث في وسط خطاب رئاسي يراه العالم اجمع ؟ انه الذكاء في القيادة وكيفية كسب الجماهير بان تصل لأدق وأعقد التفاصيل عن شعبك وان تجعله يراك دائما بالصورة التي يتمني ان يري فيها الحاكم .

وتجد الوزراء والرؤساء دائمين الاختلاط بالشعب دون هذه الكمية من الحراسة المبالغ فيها حتي ان برلسكوني قد تعرض للكمة من قبل احد المواطنين وساركوزي تم جذبه بعنف وبوش سابقا تم سرقة ساعته من كثرة اختلاطهم بالناس وايضا هم دائمي التحاور في البرامج الشهيرة حينما راينا الرئيس الامريكي اوباما وهو يرقص في احد البرامج وايضا رأينا العبقري التركي "اردوغان" وهو يغني في وسط حوار معه علي احدا لقنوات لزوجته التي حضرت معه رغم انه في وسط حوار سياسي .

ونري الرؤساء يدخلون حياتهم الخاصة ايضا وتفاصيلها مع الشعوب مثل اوباما ورحلة اقلاعه عن التدخين التي تحدثت عنها امريكا وايضا حتي اتفه القضايا مثل منع زوجته له ان يتناول الهامبورجر باوامر الاطباء ! هل هذه قضايا تهم الشعب ؟ ربما ليست مهمة ولكنها الجانب الانساني في حياة كل رئيس وحاكم التي يريد ان يعرفها الشعب وربما يكسب الحاكم التعاطف وحب الجماهير بقضايا مثل تلك.

وايضا الافراح الملكية في انجلترا ومحاولة التقرب من الجماهير بكافة السبل من الاسرة الحاكمة في كل الافراح الملكية واخرهم فرح الاميرة كيت والامير ويليام .
فظهور الحكام لمخاطبة شعوبهم واجب ضروري جدا علي كل حاكم ومن غير المعقول ولا المقبول ان يكون انتظار خطاب رئاسي كانتظار فوز مصر بكأس العالم !

حتي عصام شرف الذي وعد في البداية انه سيخاطب الشعب بكل التطورات اسبوعيا غاب تاما وفجاة عن الاعلام لتبدا موجة التساؤلات والانتقادات له ويدخل دائرة الريبة ويبدأ في اخفاء الامور وقتل الشفافية تماما ومصارحة الجماهير التي تريد ان تطمئن علي الاوضاع في مصر .




ثالثا : وعود كلامية :

لم يعد الشعب المصري يتحمل الوعد المكتوب فقط فالوعد ان لم ينفذ فهو مجرد كذبة بيضاء واحيانا سوداء باختلاف قيمة الوعد نفسه.
الحكومة الحالية وعدت عدة وعود ولم تنفذها مثل الح الادني والاقصي للاجور وتحسين الخدمات الصحية وتأمين المستشفيات وعودة الامن والامان للشارع المصري وايجاد فرص العمل للشباب المصري وغيرها من الوعود التي لم ينفذ منها حرفا واحدا علي ارض الواقع وان كان البعض يتحدث عن الامكانيات فمصر تملك من الامكانيات والافكار من ابنائها والمشاريع التي قدموها لعصام شرف ما يجعل منها دولة من اغني الدول ولكن كل الخطط للأسف حبيسة الادراج كالعالدة وكعادة حكومة مبارك السابقة تماما .

بعد مرور كل هذه الشهور علي هذه الحكومة ما يه النقطةا لايجابية واي تقدم حققته ؟ لا شئ علي الاطلاق غير التراخي الامني وزيادة فقر المواطن المصري رغم ان الحكومة بيدها ان تجعل الزيادة في المرتبات فعالة علي ارض الواقع بتطبيق الحد الاقصي للاجور ولكن كالعادة دخلنا في حجة الامكانيات المادية من الحكومة وغيرها من الحجج الواهية وتظل الارقام الفلكية في المرتبات في بعض القطاعات كما هي بمئات الالوف شهريا بينما يحصل البعض علي مائة جنيها في الشهر فأي عدل هذا ؟




رابعا : اضربهم يطيعونك :

كانهم عبيد لا يسمعون الا بضرب العصا والقنابل المسيلة للدموع نفس الاسلوب الفاشل في التعامل مع المتظاهرين السلميين الذي اسقط مبارك يتبعه حاليا الامن المصري في كل مكان وحتي اعتصام محدود في التحرير حاولوا فضه بالقنابل مما اشعل الموقف وكانه لم يتعلم الدرس من يناير وكيف اشعل الامن الموقف الي ثورة كاملة الاركان في كل محافظات مصر حتي وان قال البعض "سلمية" تجد القنابل تسقط فوقهم من كل مكان.

وكانها نصيحة مبارك وكانه قال لهم "اضربهم يطيعونك" رغم ان هذه النظرية اثبتت فشلها تماما في ثورة يناير لانه شعب من الاحرار والدماء الحرة وليس قطيع يساق كما يعتقد الحكام العرب عموما .



خامسا : تصريحات مخادعة :

كل التصريحات التي تأتي من الداخلية والتصريحات الحكومية مضللة وراينا مثلا الفترة الاخيرة تصريحات ان الداخلية لم تستخدم الخرطوش او الغازات المضرة رغم كل هذه العدد من المصابين والشهداء الذي يتساقط يوميا وكأن صاعقة من السماء هي المسئولة عن كل هذا .

وكل التصريحات عن تسليم السلطة في اقرب وقت من شهور مضت لم تكن تصريحات حقيقية ولم تنفذ علي الاطلاق وكل التصريحات الضعيفة التي تاتي وسط كل هذا الكم من التظاهرات مثل "الانتخابات ستقام في موعدها" وتصريح اخر هزيل لعصام شرف مثل "لابد ان نتوقف عن العنف من الطرفين" وكان اصحاب هذه التصريحات في حالة غيبوبة كاملة او تغييب عن الواقع تماما .
وتجد تصريحات مثل "امرنا بوقف العنف والقاء القنابل" وبعدها بساعة تجد شهداء وجرحي في كل المحافظات من جديد بل البعض يتحدث عن غازات لم يتم استخدامها حتي في ثورة يناير تحدث حالة من التهيج والتشنجات العصبية !

اذا لابد ان الجميع لم يتعلموا الدرس من خداع تصريحات مبارك المخادعة طوال هذه السنوات وايام الثورة حينما تحدث عن ايقاف العنف ايضا ثم راينا مئات الشهداء بعدها .



سادسا : التفاوض الوهمي :

نجد ان المجلس ايضا يتحدث عن حوار مع القوي السياسية رغم ان الشعب في الميدان وكأن ما يحدث يخص فقط رؤساء الاحزاب مثلا اما من هم في الميدان فلا صوت لهم !
ويخرجون ويتحدثون عن نتائج الاجتماع والجميع يبقي في الميدان كما هو لان التفاوض كان مع الطرف الخطأ او الطرف صاحب المصالح بينما الشعب هو صاحب المصلحة العليا في حياة افضل ووضع كريم وكرامة حقيقية.

نفس ما حدث ايام مبارك في اواخر ايامه حينما اعلن تفاوضه مع القوي السياسية وممثلين من الشباب رغم ان الشباب انكروا تماما ان يكون لهم ممثل مع مبارك في هذا الوقت .
فلابد من المصارحة والمكاشفة لانها خير طريق ولابد من الاعتراف في حالة ارفض القوي الثورية الشباببية من التفاوض ان يتم الاعلان عن ذلك بدلا من اختراع طرف وهمي للتفاوض.




سابعا : الشباب الماسوني :

نظرية المؤامرة التي دائما ينطق بها الحكوميون وبعض الاعلاميون المنافقون عن ان هؤلاء الشباب لهم مطامع خاصة وانهم لا يريدون الخير للبلاد رغم انهم يفعلون ما يستطيعون ويضحون بحياتهم من اجل خير البلاد ومصلحتها .
وتجد بعض الاعلاميين يتحدثون عن شباب ماسوني و"كلام في البطيخ" ومؤامرات من المخابرات الامريكية والاسرائيلية وغيرها وكأن كل الميدان الان هو خالي من المصريين تماما وكله جواسيس !!

نفس نظرية "تامر بتاع غمرة" وحديث الافك والكذب عن مؤامرات في التحرير رغم انه شباب خرج للبحث عن الكرامة المفقودة فقط وحقه في الحياة الكريمة للمصريين جميعا .
ورغم ان فعلا هناك طرف ثالث احيانا يريد اسقاط الدولة الا ان هذا الطرف ليس هو الشباب المصري بل من يريد اسقاط الدولة هم ميليشيات مبارك الباقية حتي الان وميليشيات سوزان والعادلي .




ثامنا : تكميم الأفواه :

محاولة تكميم الافواه مثلما كان يحجث في عهد مبارك من اغلاق ومنع لبعض البرامج تحدث الان ايضا مثل حبس الناشطين السياسيين ومحاكمتهم عسكريا واكبر نموذج هو علاء عبد الفتاح الذي يقدم لمحاكمة عسكرية في الوقت الذي يقدم فيه المجرمون لمحاكمات مدنية .
ومحاولة تشويه السمعة لحركات سياسية مصرية ورموز سياسية من تلقيها تمويل اجنبي الي انها تريد تدمير مصر بمخطط غربي !

ورغم فشل هذا الاسلوب لان الصوت الحر هو صوت كل مصري وليس فقط صوت الناشطين فان الحكم الحالي مازال يتبع نفس اسلوب التكميم ولكن الصوت صارخ في الميدان وفي كل صدور المصريين
"حرية..حرية"




تاسعا : قراءة المشهد كاملا :

الا يقرأ حكامنا ابدا المشاهد السياسية حولهم ؟ لماذ يقرأ فقط الغرب المشهد ويقر بالحقيقة ؟ من يقيم الحكومات عندنا ؟ ولماذا لا نعترف بالواقع وبفشل حكومة وتقييم ادائها ؟
ميدفيديف في روسيا اعترف بان شعبيته قليلة في الفترة الحالية فقرر عدم خوض انتخابات الرئاسة وايضا اوباما قال ان فرصته ضعيفة في انتخابت الرئاسة القادمة اذا فهؤلاء يقرأون المشهد جيدا ويعرفون رد فعل الشارع لافعالهم وبوش الابن كان يجري الاستطلاعات من مراكز بحثية لمعرفة رد فعل الشارع الامريكي علي قراره بالحرب رغم انه يتخذ قرارت فاشلة تماما ولكنه كان يريد ان يقرأ المشهد علي ارض الواقع ويعرف رد فعل الناس بل ان بعض الدول تستفتي الناس وتقوم بعمل اقتراع لمعرفة هل يتم بناء هذا الجسر ام لا لانهم يعتبرونه قرار الشعب كله وليس الحكومة .

ان قراءة المشهد السياسي في مصر فاشلة تماما فلا يستطلع المجلس مثلا عن اداء حكومة شرف وحتي ان قام باستطلاع الرأي فلا تجد استجابة له .

ويروي الكاتب "علاء الاسواني" في كتابه "لماذا لا يثور المصريون قصة من الحرب العالمية توضح اهمية قراءة المشهد كاملا ويقول في كتابه
"عندما تولى هتلر قيادة ألمانيا وبدأت الجيوش النازية في الاعتداء على أوروبا، تباينت ردود الفعل داخل بريطانيا، فكان نيفيل تشمبرلين (رئيس الوزراء آنذاك) متمسكا باستمرار السلام مع ألمانيا بأي ثمن وأخذ يردد كلاما عن بشاعة الحرب وأن طاقة الأمة يجب أن توجه إلى البناء والرخاء وليس إلى الهدم والدمار.. وعلى النقيض من ذلك وقف الزعيم ونستون تشرشل يحذر الحكومة من الاستسلام لأوهام السلام الزائف ويدعوها للاستعداد للحرب مع ألمانيا النازية التي لا تعترف إلا بلغة القوة وبالتالي فكل معاهدات السلام معها تظل بلا قيمة لأنها سوف تخرقها بمجرد أن تتاح لها الفرصة .. على أن سياسة مهادنة ألمانيا ظلت سائدة حتى أفاق البريطانيون على جيوش النازي وقد هاجمت بريطانيا، وفي عام 1940 استقال تشمبرلين وانتخب البريطانيون تشرشل الذي استطاع بشجاعته وحكمته أن يقود بريطانيا وحلفائها إلى النصر النهائي"


هذه الرواية توضح لنا اهمية قراءة المشهد السياسي بذكاء والرؤية السياسية والخيال السياسي في كل المواقف وعلي ارض الواقع وليست مجرد تحليلات وهمية.



للاسف وقع المجلس في نفس الاخطاء التي وقع بها مبارك ورغم ان له ايجابياته ايضا ولكن السلبيات بدأ يشعر بها الشارع المصري وارجو ان تمر المرحلة الحالية علي خير وسلام ولا يقع اي من حكامنا القادمون في اي من هذه الاخطاء التي ورثناها من عهد مبارك البائد .

No comments: