Wednesday, September 21, 2011

إمرأة شربت من عمر الزهور






كنا أطفالا لا نعرف ان الطائرة الورقية التي في ايدينا هي العمر..
لم نعرف سر بناء قصور الرمال علي الشطئان ليهدمها موج البحر..!
لم نعرف الحزن الا في "جرس الحصة" ولم نفهم معني الفرحة الا في "جرس الفسحة" .

كيوبيد كان يتمتع بطفولته في قلوبنا ..
كان يجهز اثناء لعبنا وانشغالنا بعض سهامه..
ويصنع من شقاوتنا اجنحة ليطير..
وأول من يطعنه من سكن بداخله سنينا..
ولكنها ليست الخيانة..فخيانة كيوبيد "خيانة مقدسة"..هي الحب..

وكأن طفولتنا مهدا للعشق..
تعلمنا "الحساب والأرقام" كي نحسب عدد سنين العمر قبل لقاء الحبيب..
تعلمنا "اللغة العربية" كي نقرأ شعرا عنه ونثرا..
تعلمنا "الجغرافيا" كي نجد خارطة جمال تأوي أحلامنا معا..
وتعلمنا "التاريخ" كي نجد عزاءا في قصة حب ضائعة أو صرخة اه ..!


لم أعرف أبدا لماذا يقولون "عمر الزهور"
وهل للزهور من عمر !
لم افهم تلك الجملة الا حين رأيتها تسكن الزهور وتشرب من عمره ..


لم أعرف أبدا لماذا يحسبون العمر بالربيع ويقولون "ثلاثون ربيعا"..
إلا حين رأيتها ورأيتها تأوي الربيع أعواما بين ضلوعها فيرد لها الجميل حنانا وروعة..
وحسبت عمري قبل ان اعشقها "خريفا" وحين التقينا تجمع خريف عمري مع ربيع جمالها..
وكأنها من روعتها "لحظة ميلاد الكون" دون انفجار الا انفجار السلسبيل الغرامي العذب .


لم أعرف لماذا ألقي اسناني في الطفولة واقول "يا شمس يا شموسة"
هل كنت أقصدها وأنظر اليها في لحظة الغروب !
وهل كانت تعيد لي ما فقدته كما اعادته لي في اول لقاء !
وحين نقول "هاتي سنة العروسة"
هل كنت أقصدها ..!
وأنظر الي طرحتها تتسربل بالشمس وتتحني بالقمر والنجوم !


ولماذا عشقنا في طفولتنا "غزل البنات" !
وحين كبرنا لم نعرف الا قهر الحب و"صخب" البنات !
هل كان "قربانا" لننجو من عشقهن !
وهل نجونا ؟
ومن يريد النجاة من غرق الحب ؟
لاأحد ..


ويمر العمر حقائب سفر وغربة مشاعر و"انشقاق" في جيش شرايينك حين تعشق !
شرايين تجد حمايتك في وحدتك وشرايين تجد متعتك في عشقك ..والكل يعمل بإسم "جسدك الوطن" .
ولا يعرف الحب الا لغة "الثورة" وإعلان دولة "الألم" وسقوط "القوة" !


و نتعلم في طفولتنا "الكشافة" ..
خيم وبضعة أخشاب وشعلة نار..
وحينما نكبر نزرع تلك الخيمة علي جبين من نعشقه..
ونمسك شعلة النار لنكتشف المجهول ..
ولا نكتشفه أبدا حين يكون المجهول هو انت في معادلة الحب !


ونحتفل في طفولتنا بعيد ميلادنا..
نضئ شموعا وشموعا..
ثم نحتفل بقطع الحلوي بدون شموع..
ثم نحتفل ببضع زجاجات..
ثم لا نحتفل أبدا..
حين نعرف ان الميلاد ليس عيدا..
انما الحب هو العيد ..
ولابد ان يكون لنا كل عام فقط عيد الحب متغلبا علي عيد الميلاد..
الا حين يلتقيان ونحتفل ب "عيد ميلاد الحب"..


وحين ننام يراودنا حلم أن نطير..
ونسأل كل من حولنا في طفولتنا "لماذا لا نطير" ؟
ونظل ننظر للسماء وللطيور ونقول "ليتني أملك ما تملكينه يا عصفورة"
ليتني أملك جناح من أجنحتك او سرعة في التحليق مثلك..
ولا تعرف أبدا ان العصفورة تنظر الي عينيك وتقول "ليتني أملك قلبا يعشق مثلك يا انسان"
ليتني أقف امام نافذتي وأتأمل مثلك في لغة العالم وتعاليم الشمس بدون بيوت القش والغربة !
فهل العصفور سجينا في براح العالم ؟؟
أم انت سجين نفسك ونافذتك ؟
حين تعشق ..ستكون مثل العصفور سجينا في براح الأرض..وتخرج من سجن نفسك !
أنها أمنية العصفور التي تتمناها ..وتندم حين تحققها !



وحين نكون أطفالا فأول ما سيجرحنا "زهرة" أو "نحلة" !
وأخر من سيجرحنا أيضا "زهرة"
ولكن قرصة النحلة حينما تكبر أصعب ..
وجرح الزهرة أعمق وأجل وأكثر قدسية !



وحين نكون أطفالا نرسم أنفسنا نحمل "بالونات"
نرقص حول الأشجار ونرسم دكانا للحلوي !
وحينما نكبر ونظل نخربش في الأوراق ..
لا نرسم إلا إمرأة واحدة..
وكأنها تربت علي كتف هذا الطفل الذي كان داخلك قديما "يرسم"..
وتمر لحظة "ديجا فو" عليك فتبكي !
وتنزل دموع العاشق بردا وسلاما فوق الأوراق .



وتظل لغتك العربية هي لغة "الضاد"
ويظل الحب هو لغة "العين"من "العذاب" و "العمر" .
ويظل الحب هو الشئ الذي كلما أستأنسته إزداد توحشا .
وكلما وضعته بين ضلوعك هدم حصونك وبني قلاعه الشامخة داخلك.
وتظل تحلم بالطفولة..لتهرب من الحب..
ويظل الحب يحلم ..بضحية جديدة وضلع جديد ووطن غريب .



No comments: