Tuesday, December 20, 2011

فتاة ومجمع علمي..طلقتان في جسد الوطن





قيمة الإنسان وقيمة العلم..قيمة الضمير وقيمة التاريخ..قيمة الحاضر وقيمة الزمن..كل القيم احرقها المجلس والبلطجية في يوم واحد علي أرض مصر .
إمرأة عجوز تضرب بالعصا الغليظة وشابة مصرية تسحل علي الأرض من جنود جيشنا المصري وتتصدر صورتها كل صحف العالم وياليتها كانت الفاجعة الوحيدة بل ان الفاجعة الأكبر هي "شعب يحرق تاريخه" ..
جيش لا يعرف كيف يفض اعتصام دون سحل او قنابل او قهر..ألم يتدربوا علي طرق فض اعتصام ان كان يحق لهم ذلك ولكن بطرق انسانية ؟ ألم يروا جيوش العالم او جنود الامن في العالم وهي تفض الاحتجاجات والاعتصامات في الخارج دون اهانة للأدمية ؟

رصيد فضائحنا أمام العالم أصبح في زيادة مستمرة..السياحة أضحت في خبر كان..البورصة المصرية تنتهي يوما بعد يوم ..ولكن من المسئول ؟

إدارة فاشلة للبلاد في عدة أشهر لم تسفر عن أي نتيجة وأيضا مسئول بعض المحتجين الذين لا يستطيعون أن ينقوا المكان من شوائب البلطجية والمرتزقة من حولهم فتتم الوقيعة بسهولة ويسر في كل مرة .
مسئول من لم يحقق في كل واقعة تحدث وكل انتهاك للادمية ولم يعطنا النتائج ومسئول من لا يفكر في الانسحاب في بعض المواقف واعلاء قيمة مصر قبل كرامتهم.
مسئول اعلام العباسية المضحك واعلام التحرير الذي يغسل تاريخه القديم كبعض المذيعين "الفلول" الذين يحاولون الأن ان يزيدوا الجرعة الثورية كي يتطهروا ويشموا رائحة القائمة البيضاء !
مسئول من لم يقم بعمله بضمير ويؤمن المجمع العلمي النادر باي طريقة لمكافحة الحرائق بطريقة ألية كما هو الحال في اي مكتبة عالمية او مكان محترم.
مسئول من احب مبارك قديما ويحاول ان يتوب عن ذنبه فيخرج لاي اعتصام او مظاهرة دون ان يفهم ماذا يريد ولكنها التوبة المباركية !
ومسئول من يصرح بتصريحات واهية وتحقيقات ضعيفة تافهة في كل مؤتمر ولا يأخذ حق أي مصري استشهد أو اصيب .
ومسئول كل من لم يحاول منع حريق "المجمع العلمي" ووقف مشاهدا لأكبر خسارة لمصر منذ مئات السنوات ..كارثة مصرية تاريخية عالمية ..الشعب المصري يحرق التاريخ ..البلطجية الذين صنعهم مبارك كما صنع أولاد الشوارع يحرقون تاريخ مصر دون وعي لقيمة كل ورقة في داخل المبني.

كما قالت الصحف العالمية وكما قالت شبكة ايه بي سي العالمية في خبر رئيسي عن حريق المجمع العلمي
Priceless archives burn during Egypt violence

انها حقا لا تقدر بثمن..التاريخ والعلم لا يقدران بثمن..فتاة تم ضربها هو مشهد مؤلم ولكن المقارنة ظالمة بين الحدثين ..حادث ضرب فتاة وحادث حرق تاريخ..
نعرف جيدا قيمة الانسان في العالم ونري يوم الوفاء البريطاني الاخير للجنود وكيف تصدر صحف العالم في مشهد مهيب في كل شوارع انجلترا ونري امريكا تعاقب سيرك اميركي يعامل الحيوانات بقسوة بتعويض ضخم فكيف هي قيمة الانسان نفسه وراينا حول العالم ما نعرف من خلاله كيف تقدر كل الدول قيمة الانسانية ولكنكم لن تروا كيف يقدر العالم قيمة التاريخ الا من خلال مراسم وافتتاحات وليس من خلال حرق !

لن تروا خبر ابدا عن حرق مكتبة امريكية او متحف امريكي او انجليزي لانه لن يحدث فلا يجب ان نقارن بين الحدثين فحوادث السحل والعنف تحدث في كل الدول ويتم المعاقبة عليها كما حادثة الجندي الامريكي الذي قطع اصبع أفغاني ليحتفظ به وتمت معاقبته وكذلك طرد جندي روسي في حادثة قتل وغيرها من الحوادث تحدث في كل مكان من كل جيوش العالم ويتم المعاقبة عليها ولكننا لم نري حرق التاريخ أبدا في اي خبر حول العالم منذ مئات السنوات.

حتي الاعداء حينما يدخلون ويحتلون فلا يحرقون المتاحف ولا الاثار الا نادرا فما بالكم بأبناء البلد واصحاب الوطن !
اي جريمة حدثت بعد جريمة سرقة اثار بغداد وتحفها القيمة هل من يريد هذا في مصر ؟


لماذا أحاول المقارنة بين سحل فتاة واحراق التاريخ ! كلاهما حادث مؤلم ومشين ولكن المقارنة تكون كما يلي :

الفتاة تستطيع ان تقيم دعوي وتأخذ حقها كأي حادثة اعتداء ولكن التاريخ لن يأخذ حقه
المشهد ملابس ممزقة والمشهد الأخر أوراق وماضي يحترق
فتاة أهينت في مشهد مؤلم ولكننا قادرون علي تعويضها ولو بثورة حتي ولكن لن تستطيع اعادة ماضيك وما لا يقدر بثمن
مشهد مهين ومؤلم ولكنه مكرر اما مشهد المجمع العلمي فهو الاول من نوعه والأفظع والأقذر والأكبر .
مشهد الفتاة قد يصنع ثورة ولكن مشهد المجمع قد يصنع بداية انعدام انتماء وولاء لكل مقدرات الوطن
مشهد الفتاة مفزع ولكن مشهد المجمع مبكي
مشهد الفتاة قد يقول البعض لنري اسبابه اولا ولكن مشهد المجمع لم يفكر أحد في ان يري اسبابه لان ليس له اسباب
مشهد الفتاة يجعلنا امام العالم قساة القلب ولكن مشهد المجمع يجعلنا امام العالم جهلة وحمقي واغبياء
مشهد الفتاة تحاول ان تعالجه منظمات حقوق الانسان المحلية والعالمية ولكن مشهد المجمع العلمي لن تعالجه السنين والقرون
مشهد الفتاة قد يحدث غيره من مشاهد سحل في اي وقت ولكن مشهد المجمع لو حدث غيره فتكون بداية النهاية
مشهد الفتاة إنهيار لقيم وأخلاق ولكن مشهد المجمع انهيار لأخلاق وحضارة
مشهد الفتاة يدل علي عنف القيادة واسلوبها الوقح ولكن مشهد المجمع يدل علي جهل صنعه مبارك علي شكل اولاد الشوارع
مشهد الفتاة يجعلنا نقول جعلنا نصرخ ولكن مشهد المجمع اخرس الألسنة
مشهد الفتاة نتيجة انتهاك ولكن مشهد المجمع فقر وإنهاك
مشهد الفتاة فضيحة عالمية ومشهد المجمع العلمي فضيحة تاريخية لن يغفر التاريخ لكل مصري هذا الحادث


ولهذا اقارن بين المشهدين لان في رأي ان المشهدين مقززين للغاية وان كانت الكرامة مهمة وكرامة التاريخ أهم .
المشهد الذي رأينا فيه ضرب الفتاة المصرية هو اهانة لكل مرأة ولكنه يحدث حول العالم ليس من الجيش فقط فعناك عنف أسري وحوادث بالجملة في مصر وهناك ثأر وحوادثه يقتل فيه العشرات وهناك خلافات زوجية مثل المرأة التي قتلت زوجها والقته امام ماسبيرو لتقول انه شهيد ! أي ان جرائم أكبر قد ارتكبت وليس هي الحادثة النادرة مثلا بل هي مكررة وتحدث في كل العالم وجرائم امريكا تتصدر الصحف يوميا من ذبح وقتل واختطاف اطفال وانتهاكات بشرية لا تغتفر ولكن لم اري ابدا حرق تاريخ امريكي والا كانت ايام الحداد هناك ..لانهم يعرفون جيدا قيمة التاريخ بل ويدرسون التاريخ المصري بشغف .

لا أحد يبرر سحل فتاة ولكن لابد ان نعترف اننا في الفترة الاخيرة رأينا صور محزنة أكثر منه ..ألم نري استشهاد ؟ ألم نري مصابين فقأت اعينهم ؟؟ ألم نري بشر تموت من الغاز القاتل في الاعتصامات ؟ ألم نري حوادث قتل وحرق ومصرع العشرات ؟؟ لقد فقدنا قيم كثيرة وجعلنا نظام مبارك نفقد القيم يوما بعد يوم عندما علمنا مبارك ونظامه الرشوة والمحسوبية والفساد والتأمر وكل تعاليم الشياطين .

المشهد صعب جدا لفتاة يتم التحرش بها امام الكاميرات ولكني اقول انه ليس نادر والنادر هو شعب يحرق تاريخه ولن اقول شعب لان الشعب بالتأكيد لا يرضي عن هذا ولكن هم مجموعة بلطجية وهمج لا يقدرون قيمة كل ورقة تم حرقها ويعرف العالم قيمتها .

 لابد ان يتعلم الجيش اساليب جديدة ولو استعان بخبرات حتي لكيفية حتي القبض علي البلطجية دون اصابة واحدة ودون قنبلة واحدة او حادثة انتهاك للأدمية ولابد في نفس الوقت ان يعرف جيدا المتظاهرون حقوقهم وواجباتهم لان هناك قانون ايضا يحكم حتي التظاهر والمسألة ليست دون رادع او قانون..فحق التظاهر مكفول ولكن بما لا يعيق سير الحياة في مصر ولابد من تخصيص اماكن معينة كما الحال في دول العالم الذين يتظاهرون ويطالبون بحقوقهم دون تعطيل لاي شئ وبشكل حضاري كامل.
فالمسألة في ثورة يناير انها ثورة ولذلك كان التظاهر في التحرير مباحا اما الان فلابد من احترام القانون والتظاهر بشكل حضاري في اماكن مخصصة ومعرفة من لهم الحق في الاعتصام وقراءة القانون الذي يبيح الحق في الاعتصام بعمق لان ليس الكل لهم الحق في الاعتصام فهناك شروط واذا كنا لا نريد تطبيق القانون الأن فلن يطبقه باقي المصريون الذين يرون في المتظاهرون قدوة .

لابد ان يعي الجيش ان المماطلة في نتائج التحقيقات هي كارثة وانتهاك لقيمة كل شهيد ومصاب علي ارض مصر وان صبر المصريين ينفذ يوما بعد يوم ..ولابد ان يعي المتظاهرون ان هناك اوقات للتفكير بعمق والانسحاب احيانا فكبار قادة العالم كان عندهم وقت للانسحاب بذكاء من بعض المعارك فلابد من التفكير في الامر والتفكير في مصر فقط لا غير حتي ولو علي سبيل كرامتك ولكن ليس علي سبيل كرامة الوطن وسمعته امام العالم .

لابد ان يعي المجلس الاعلي انه فشل في حماية المجمع العلمي ولو بطائرات انقاذ وهو المسئول الأول عن حرق المجمع مع البلطجية لانه لم ينقذه في الوقت المناسب والا كيف سينقذنا في اوقات الحروب  ؟
كيف لا تستطيع تأمين منشأة حيوية وتظل طوال الوقت تتكلم عن تامين المنشأت الحيوية في البلاد ؟؟ أي تأمين هذا  ؟

لابد ان نعرف جيدا ان من يضرب عمرو حمزاوي ومن ضرب بثينة كامل او غيرهم من السياسين المحترمين هو لا يعبر عن رايه بل هو بلطجي من نوع جديد وهي بلطجة الرأي حتي وان كان طبعا رأي حمزاوي هو الأصوب والأعقل ومن يضربه او يدفعه هو وغيره  ليس عنده فكرة عن حتي تعريف السياسة وحمزاوي خبير في شئون السياسة منذ سنوات .

لابد ان يعترف الجيش بكل خطاياه ولابد ان يعترف المتظاهرون في اخطائهم من التوقيت الخاطئ والأسلوب الخاطئ وعدم فلترة الموجودين من المندسين والبلطجية لكي تكون الصورة لامعة ومحترمة .

لابد ان يقوم كبار السياسيين بتوجيه المتظاهرين الي معرفة حقوقهم في التظاهر وما حدود هذا التظاهر كما يبيحه القانون المصري وان يقوم الجيش بكل حزم بالتصرف مع البلطجية وعدم المساس بالثوار طالما في تظاهر سلمي .

لابد ان يعترف كل طرف بتقصيره وخطأه والا لن نتقدم خطوة واحدة الي الامام طالما العناد هو سيد الموقف وكأن كل طرف يملك الحقيقة المطلقة .