Tuesday, December 27, 2011

غادة..قصة ثورة أم قصة عبـاءة





في الفترة الاخيرة رأينا العديد من العادات الغريبة في المجتمع المصري وهي النظرة للأشياء ببعد واحد وفي اتجاه واحد كما نحب أن نراه ..وهذا ما عود مبارك البعض عليه أن ننظر دائما للمصلحة الشخصية ثم نسميها "حب مصر" أو "مصر فوق الجميع " !

بالتأكيد مصر فوق الجميع ولكن هذه الجملة أصبحت فضفاضة لتصبح ستارا للأهواء والنزعة الفردية ولتصبح قناعا يتغطي به الفلول ويتغنوا في النهاية بحب مصر .
حب مصر لن يزيل عنك صفة الفلول فجميع من علي ارض مصر يحب مصر ولكن من سرق طين مصر وانتهك عرض مصر لن يأتي اليوم ونصدقه ونقول هذا الرجل عاشق لمصر مهما تشدق بهذا في القنوات ودعا الي مليونيات لمناصرة مصر وتأييد المجلس العسكري !

من اعطي صاحب القناة الفضائية الفلولي الخالص صك حب مصر والغريب انه ينزع هذه الصفة عن الثوار وهو دائم السب لكل من يثور ويطالب بحقه في أي قضية لان سيده صفوت قد علمه جيدا الخنوع والمذلة وان المطالب بالحق هو كاره للوطن .

الاختلاف في الرأي جائز ولكن أن يتم تخوين اصحاب القضية نفسهم من قبل رجل ليس له قضية الا انه كان يقبل الايادي فهذه كارثة ..ان يقود مظاهرة تاييد ويسير ورائه اتباع فهي كارثة بكل المقاييس ليس لان ليس لهم حق الاختلاف ولكن انظروا من هو القائد والمدافع عن رأيهم .

إزدوجت عندنا المعايير منذ فترة ورأينا ذلك جليا في قضية الفتاة المسحولة التي هزت صورها صحف العالم اجمع بل كانت أهم صورة في الاسبوع في مجلة التايم ومن اهم الصور ربما في صحف العالم في الفترة الاخيرة .

هذه الفتاة بعيدة كل البعد عن البلطجة او الابتذال فهي فتاة محترمة كل ما فعلته انها طالبت بحقها دون القاء طوبة حتي فتم سحلها وانتهاك أدميتها بشكل بشع أثار استياء العالم .
الغريب هي الأراء التي ظهرت وانقسم عليها الناس بعد ذلك ..ان الاختلاف في الرأي نعمة وكما تقول المقولة الشهيرة لمارك توين :

It were not best that we should all think alike; it is difference of opinion that makes horse race 

والإختلاف في الرأي هو ما نراه جليا وواضحا امام اعيننا الان علي كل شاشات الفضائيات وفي كل شارع وميدان ولكن لابد ان لا نغفل عن صاحب القضية ومن تم التعدي عليه بإسم الاختلاف في الرأي فهنا يصبح الاختلاف نقمة وظلم .

والغريب ان بعض المصريين لم يتعلموا من درس تنحي مبارك فكرة النظر للمستقبل فكان الثوار الذين تم سبهم هو من فكرو ان مبارك لابد ان يتنحي والبعض الاخر قال بل يستمر وكان الرأي الاجدر والاحق هو تنحي مبارك لانه لو استمر للشهور التي أخبر المصريين بها لكان الان الكل في المعتقلات والتعذيب علي أشده لانه رجل بلا وعد ولا كلمة شرف .
ودرنا في دائرة النتيجة والسبب لما يحدث وما حدث في احداث مجلس الوزراء والكل فسر النتيجة وهي حرق المجمع العلمي كأنها مخطط وسبب للاعتصام ودخلنا في نفق ما يسمي
Circular cause and consequence

وبدلا من ان نبحث عن البلطجية الذين أحرقوا اتهم البعض الثوار بانهم هم البلطجية وهم المخطئون دائما بل واتهموهم بانهم لا يريدون استقرار مصر ! وأصبحت فرصة للفلول ان يتطهروا ويحاولون الدخول في عباءة حب مصر وان الثوار هم الخونة !

وحاولت القنوات المصرية كالعادة تشتيت الصورة ووصف الثوار دائما وربطهم بالبلطجة وانهم السبب الرئيسي لحرق المجمع العلمي بدون اي سند او دليل الا فبركة بعض الحوارات عن اطفال مأجورين من الثوار .

ورأينا بعض القنوات للأسف الشديد تصف الفتاة التي تم سحلها بابشع الصفات وتتحدث فقط عن ملابسها وكيف لا تلبس اي شئ تحت العباءة دون النظر للعنف والسحل !
وبدأت نبرة الخونة والفلول تعلو بشدة بل يتبعهم ألوف في الميادين للثورة علي الثورة والأن يخرج أعداء الثورة بقلب جرئ وكانهم ينتظرون الفرصة للإنقضاض علي فريستهم وينتظرون بكل شغف خراب مصر لكي يقولوا "انظروا فقد كانت وجهة نظرنا هي الأحق" ..ألا سحقا لرأيهم المبني علي خراب مصر وانتظار بشغف لاي تخريب .

كلما تم اشعال مبني او احداث دامية لا تظن بان عدو الثورة قلبه مجروح كما يدعي والله الذي لا اله الا هو رأيتهم بعيني يتغامزون وينشرون الفيديوهات بسعادة بالغة ليقولوا "انظروا نحن علي حق" بكل جهل وحمق .

حولهم جهلهم وحقدهم علي نخبة السياسيين وعقلياتهم الي اعداء للوطن نفسه ..الي ان يتمنوا الدمار الشامل لمصر ليقولوا "شوفوا دي مكانتش ثورة دي نكسة" !
حولهم حقدهم علي السياسيين الذين كتبوا تاريخ مصر الجديد واول انتخابات نزيهة في تاريخ مصر الي ان يتمنوا ان يروا المزيد من هذه الاحداث المرتبطة بالثوار .
حولتهم امنياتهم ان يكونوا مثل "خالد تليمة" او "دومة" أو ان يكونوا في عقلية "يسري فودة" الي "زومبي" يريد ان يسير علي دماء الوطن .
يقولون بكل حقد يغلي داخلهم "لماذا هؤلاء"  لماذا يظهرون علي الفضائيات ونحن نظل كما نحن ؟ لماذا هم صانعي تاريخ ونحن مجرد بشر تسب وتلعن علي الصفحات ولا احد يسمعنا .

انه الحقد الدامي علي الثوار والثورة ..الحقد علي الايجابية من قبل اشرف بنات مصر فتخرج بنات اخري بلا هدف ولا مصير ولا ضمير وتسب وتلعن فيها علي الشاشات بدلا من ان تثور لكرامة كل بنت مصرية

انه ما يغلي في القلوب سيدي ..بركان يخرج من جهل السنين رأي امامه عقول متفتحة قرأت لهويدي وجلال امين ومحمد حسنين هيكل وماركس والوف الكتاب فلابد ان يحاولون تشويه سمعتهم باي طريقة.
ان لا يكون رموز مصر من سن الشباب ..يقولون داخلهم بحقد "لماذا هؤلاء" ويتهموهم بانهم يريدون المناصب وينسبون اليهم ما ليس فيهم .

"الحقد علي الثورة" انه مصطلح الفترة الحالية ومنذ ان نجحت الثورة ومئات من الفنانين المصريين ايضا داخل هذا المصطلح وخصوصا من كانوا في القائمة السوداء الان يتمنوا الخراب من داخلهم ولا يعلنوه طبعا انها رغبة دفينة .انه الحقد علي "غادة" التي اصبحت رمز لحرائر مصر فيحاول البعض تشويهها كما رأينا الشعارات التي تهينها للأسف من عبدة مبارك ومقبلي الايادي .

انه الربط بين الجيش والمجلس العسكري بكل جهل وكلما تحدث احد عن المجلس يقول الفلول "انهم يريدون تخريب جيش مصر" ! ياللحمق .انهم حتي لا يميزون ما يتحدث عنه الثوار ..انهم لا يفهمون رأس الموضوع حتي ويخرجوا للفضائيات يسبون ما لا يفهمون .


وانتهت في مصر قصة الظالم والمظلوم واصبح المظلوم هو الظالم في رأي البعض واصبح الكل لا يبحث الا عن القضية والفرقعة دون ان يري ما حدث فعلا .

حتي ان الاختصار او التجريد شرط فيه هو
ignoring details
او التجاهل عن التفاصيل البسيطة للوصول الي اهم نقطة في الموضوع ولكننا نركز عن بعض النقاط التافهة ونترك لب الموضوع نفسه في بعض القضايا الحساسة .

وأصبحت مصر في الفترة الاخيرة تبحث عن مصر والمصريين..وانظر ما رأيناه باحادية في الفترة الاخيرة من قضايا وانظر لماذا نحب ان ننظر في اتجاه واحد في كل هذه القضايا وسأسرد لكم كيف ينظر البعض للقضية من وجهة نظره المخونة للثوار دون ان ينظر للحقيقة في الكثير والكثير من القضايا وهي :



نبص للي لبساه البنت تحت العباية ومنبصش للسحل اللي حصلها
نبص لوقف الحال ومنبصش لسرقة 30 سنة
نبص لقانونية الاعتصام ومنبصش لكيفية فضه بعنف وبعشوائية
نقول امسك فلول ونسيبهم يخطبوا فينا ع المنصات
نقول ازاي العيال تلعب كورة ومنقولش ازاي عسكري ولا ظابط يتبول ع المتظاهرين
نقول مخططات ومنقولش انتهاكات
نقول البنات دي نازلة ليه ومنقولش البنات دي ياريت بناتنا زيهم في غيرتهم علي مصر
نتكلم باسم الدين علي خلع العباية وانها غلطة البنت ومنتكلمش باسم الدين علي اللي ضربها
نقول متخوضوش في اعراض الناس ونطلع نخوض في اعراض البنات علي شاشات دينية للأسف
نقول المذيع ده بيولعها ومنخدش بالنا مين اللي ولعها في الأساس
نسب ونلعن في صحفي عشان بيقول الحق ونسيب القضية
احيانا البعض يشتم في رموز اسلامية وينسي بيقول عليهم ايه من الليبراليين والعلمانيين من اتهامات برضه
نفرح بالعلاوة ايام حسني واحنا عارفين انه هيزود الاسعار تاني يوم بكل خداع وتدليس


اذا فأحادية النظرة لقضايا بعينها ستجعل أكثر من مبارك يأتي الينا حاكما وسارقا لقوتنا ومنتهكا لاعراض الشعب .
لابد ان ننظر لكل قضية بكل حيادية دون ان تكون مع طرف علي حساب طرف تخلي عن ثوريتك قليلا وتخلي عن فلوليتك قليلا وانظر بحيادية الي كل جوانب القضية ثم أحكم بعناية ليكون حكمك دائما مبني علي ما تجمع من معلومات وتصدقها وليس ما تسمعه من بعض الثوار ومن بعض الفلول أحيانا .

ستظل قصة العباءة وشرف غادة المصرية الاصيلة هي صورة في عقول المصريين وستظل هذه القصة شاهدة علي كيفية نظرنا الي القضايا بنظرة غريبة من البعض حين يقول "ازاي كانت لابسة كده؟ " وترك تماما موضوع سحلها وانتهاك ادميتها ..
شغل البعض بالعباءة ولم ينظر الي الأدمية..ياللعجب !