بداية اقول واشهد اني من صفوف المعارضة ..والمعارضة تختلف كثيرا عن الحرية فالمعارضة لها سقف ..وهناك شرعية تحكم الدولة وتحكمها والا شاعت الفوضي وعم الخراب..
ان ما حدث يوم الثلاثاء الماضي كان اشبه بالحلم ولكن انقلب الي كابوس مصري وواقع اليم وامراض سلطة وجاه لا حصر لها ..كيف كنا جميعا مع شباب التحرير وكيف انقلب الوضع ضدهم فجأة ؟ ..السبب فن التفاوض الذي كان غائبا تماما عن المشهد السياسي في هذه اللحظات ..ان الكتاب الشهير "كيف تتفاوض وتنجح" للكاتب جافن كينيدي كان بمثابة الملخص للمشهد الذي رايناه في الايام الماضية ..لابد ان نعرف علي ماذا نتفاوض ..وماهو المطلوب وماهو الحد الادني للتفاوض وكيف نخرج بمكاسب من المفاوضات وليس بخسائر تعم علي الجميع..
في واقع العلوم السياسية مبدأ هام جدا يعرفه كل السياسيون وهو الفارق بين الانجازات والمتطلبات
achievements and needs
وكانت الهوة والفارق بين الاثنين في المجتمع المصري متسعة للغاية ولكنها علي الاقل موجودة وليست افتراضية ..واتسعت هذه الهوة بسبب احمد عز واعوانه من متسلقي الهوة والذين يطلق عليهم fat cats او متسلقي السلطة والسياسة باموالهم وليسوا ذوي خبرة سياسية علي الاطلاق..!
ان المفسدين الذين دمروا النظام الحاكم بالكامل هم الواجب عليهم الان المحاسبة والعقاب وهذا كان ظاهرا في خطاب الرئيس في الفترة الاخيرة .ولكن يسأل البعض لماذا لم يتنحي الرئيس ؟
السياسة فن الممكن :
السياسة هي فن الممكن وهي ما حكم علي الرئيس كشخص يفهم السياسة جيدا ويقرأ المشاهد بوضوح ولا يريد ان يسلم السلطة في مشهد عراقي او تونسي خالص ويعرف جيدا انه اذا سقطت مصر بهذه الطريقة وقفز علي السلطة العديد من الاحزاب والائتلافات فان مصر تتجه بسرعة الي الهاوية وهو ما لايريده الرئيس ولكن يريده بعض المتسرعين وبعض الوطنيين الغير واعيين كفاية وبعض الطامعين والبعض له اهداف نبيلة ولكن اذا قلنا ان كل من كان في ميدان التحرير يفهم جيدا ما الت اليه الاوضاع ويفهم حتي المصطلحات الاقتصادية وكيف كانت كارثة انخفاض التصنيف الائتماني وخروج وهروب رؤوس الاموال وانهيار البورصة المصرية وماذا يعني ذلك فكان الاولي ان ينسحبوا بعض تحقيق مطالبهم وعدم الاستهانة بمقدرات وطن كامل وان كانت ثورة مباركة وهم شباب متحمس وله مطالبه..!
ان كلمة "عميل" او "خائن" هي اسهل كلمة تلخص الوضع ولا تجمله وتحاول ان تفرض واقعا غير موجود بترديد المصطلح طوال اليوم وكانها حصة للحفظ ..الان كل من يعارض من في ميدان التحرير خائن او عميل والرئيس عميل وغيه من اساليب التعميم والاستخفاف مثل بعض الحوارات والجملة السائدة "اصل مافيش تعليم ومافيش اقتصاد" بمنهي السهولة والسذاجة يقول البعض هذه الجملة وكان المجهود الاقتصادي المبذول ووضع مصر الاقتصادي الذي تدهور كان غير موجود علي الاطلاق ربما كان ضعيفا وكن مصر كانت قوية اقتصاديا وتملك كفاءات اقتصادية كبيرة وما ادي اليه الوضع الاخير من هجرة الاموال خارج مصر او Capital flight هو كارثة حقيقية لا اعرف متي نردكها ونتداركها.
الوقت :
ان الذي لا يعرف الوقت الجيد للانسحاب هو غير مؤهل اساسا للمعركة..وهذا ايضا مبدأ يطبق في الحروب وفي التفاوض معا..لماذا لا تنسحب بعد ان حققت جميع مطالبك وفي نفس الوقت الوضع يتجه لما هو اسوأ من عدم احساس بالامان وخراب اقتصادي يعم البلاد وكأن المشهد اصبح مستنسخا من التجربة التونسية دون ان ننظر ما الت اليه الاوضاع في تونس حتي يومنا هذا ..ودون ان ينظر من في ميدان التحرير وهم شباب محترم الي الذي يحدث في مصر خارج الميدان من فلس كامل لملايين الاسر المصرية الذين يعتمدون علي اليومية او المعاشات وارتفاع اسعار السلع الغذائية وقطع الطرق علي الناس في السفر وكل هذايحتاج لرحيلهم من التحرير ولكن لغة العند بدأت تأخذ طريقها اليهم حتي بدأ البعض في وضع نظريات المؤامرة وان فيهم قلة مندسة يحاولون اثارة ازمات تموينية وتاخير صرف المرتبات والمعاشات وبدأ البعض يتهمهم بان الرئيس حتي لو قال اتنحي فسيقولون "ليس كافيا" !
الفساد الأمني :
من كان مسئولا عن الهلع والترويع وهروب المساجين في المشهد الاخير هو فعلا يستحق الاعدام وهي ربما كانت من مؤامرات النظام كما اعترف من قبل رئيس الوزراء الايطالي بما كانوا يفعلونه وقت الازمات بهذا الشكل حتي يحتاج الشعب لنظامه ليعيد الاستقرار وكان اعتراف رئيس الوزراء الايطالي بمثابة مفاجاة كبيرة ..بل ان من المؤامرات الكبر هي اشاعة الارهاب لكي تحصل شركات بيع ادوات مكافحة الارهاب علي عائدات اكبر ..اذا فنظرية المؤامرة مطروحة علي المائدة بشدة..
كان المشهد اشبه بلعبة الشطرنج بين النظام والشعب وكان يتم تحريك قطعة كل يوم حتي خرجت اللعبة الاخيرة بذكاء شديد من مظاهرات حب الرئيس ضد المظاهرات الاخري وكانت اذكي حركة سياسية لعبها النظام بعد اشاعة الفوضي اصبح الناس يبحثون عن الاستقرار المتمثل في الرئيس..!
ولكن من المسئول عن الهروب للمساجين وغيره ومن هم بشكل قطعي لا احد يعلم حتي الان ولكن مع الايام ستتم محاسبتهم بشكل قاسي ..
الثورة ومبادئها :
بداية ان من الثورات كلها سواء الثورة الفرنسية القديمة او الثورة الروسية او غيره كانت قائمة علي مبدأ واحد وهي انها ضد الفساد ولكن الوضع تغير ..في الاوضاع المعقدة الحالية من تزاحم المصطلحات الاقتصادية وتاثير عدم الاستقارا في المنطقة علي وضع البلد بالكامل ومحاولات ركوب الحكم كان لابد من معرفة وقت الانسحاب بشدة حتي لا تؤدي الثورة لعزل الفساد وقتل البلد بالكامل..
وتختلف كليا عن ثورة يوليو حتي لا يحاول عبثا تشبيه البعض لها فالمبادئ مختلفة وان تشابهت بعضها ولم يكن الحال مثل الحال ولم يكن الرئيس مثل الملك فاروق ولم يكن ايضا مثل بن علي ..فهناك عدة اختلافات ابرزها حتي حرية التعبير في مصر عكس تونس تماما حتي وان كانت الحاشية هنا وهناك فاسدة ..!
كان الخوف من تطبيق اجندات سياسية لدول اخري واستغلال الوضع المصري وكان اطلاق طلقة واحدة في ميدان التحرير كفيلا بان يقلب المشهد الي حمام دماء كاملا .
الثورات عموما مثل الثورة البرتقالية في اوكرانيا او الروسية او الفرنسية الشهيرة كانت لتغيير وضع قائم وهو طبعا هدف الثورات الاساسي ولكن تغييره الي الأسوأ هو الخوف الأكبر وكان الخوف الاكبر للمصريين ..فالثورات السابقة كان الوضع فيها اصلا في الحضيض مثل وضع اوكرانيا او غيره في فترة الثورة وكان لا يوجد وضع اسوأ مما هم فيه اما في مصر فالمشهد كان مختلفا حتي مع وجود الفساد ..بل ان هناك خوفا من الانقسام والتحزب ومطابقة الوضع البناني الصعب في مصر من ظهور كمية الحربكات اللبنانية..او حروب الشارع العراقية ..ليحفظ الله مصر من كل شر..
نيتشة في مصر :
كان هناك جملة شهيرة لنيتشة تقول انه يغسل يديه كلما صافح متدينا ..وهو مبدأ غريب جدا من بعض افكاره .وكدنا في الشارع المصري ان نطبق هذه الجملة في الشارع المصري بعد ان تصبح "انني اغسل يدي بعد ان اصافح اي سياسي " ..حدث في الشارع المصري مالم يحدث في عشرات السنوات الماضية من كره غير طبيعي للسياسيين والناشطين السياسيين وهذا ما ظهر علي شاشات التلفاز خصوصا بعد ان شعر الناس لاول مرة بعدم الامان ووصلوا الي ما يسمي boiling point او نقطة الغليان خصوصا مع تردي اوضاعهم المعيشية واحساسهم بعدم تحمل شباب التحرير للمسئولية بل ان بعض الاتهامات وجهت اليهم بانهم لا يشعرون بشئ في الشارع المصري او انهم خارج اطار هذه المعاناة كليا وهم فقط يفعلونا للمتاجرة بالقضية او ركوب الموجة ولكي يحكوا للناس انهم شاركوا في الثورة وهذا ما قيل علي شاشات تليفزيونية كتير في وسط بكاء المتصلين ورعبهم ويقولون "خلاص انتوا عايزين ايه..هتخربوا مصر..احنا مفلسين وانتوا شوية مليونيرات "..
رغم تحية الناس لشباب يوم الثلاثاء وعملهم البطولي الا ان ما حدث بعدها فعلا كره طوائف عدة من الشعب في كلمة سياسة او حزب ..واصبح من السهل جدا لمن لم يقرأ كتاب سياسي واحد ان ينزل الي ميدان التحرير ليعود ويقول انا ناشط سياسي..وكأن الموضوع بهذه السهولة..وكأن القضية هي نزلت الي التحرير ام لم تنزل وهذا هو السبب في تعنت البعض وعدم الاستجابة كليا لمطالب الناس بالرجوع والاكتفاء بما حققوه لان ليس كلهم علي دراية بما حدث في الوضع الاقتصادي وكيف يرجع بنا هذا الي الوراء اعوام سحيقة ويصعب الامر علي اي حكومة جديدة والتي سينقلب البعض عليها ايضا خروجا عن الشرعية واستسهالا للثورة واعطاء صفة البطولة لمن شارك حتي وان لم يعرف لما شارك اصلا !
العناد هو الحل :
كان العناد هو المبدأ الرئيسي في المظاهرات من الطرفين الطرف الحاكم والطرف الثائر فكان رد فعل الرئيس بطيئا جدا في اتخاذ قرار وكان تعنت واضح من الثارين يفرض نفسه بشدة ..ولكن كان هذا المشهد ايضا موجودا في مظاهرات سن المعاش الماضية في فرنسا حتي ان الاعداد كانت بالملايين ولكن في فرنسا اتخذوا القرار الصائب لمصلحة البلاد لان البلد والوطن اولا فوق المتظاهرين وفوق الرئيس ولهذا لم يستجب الرئيس المصري للانسحاب الكامل حتي لا تضيع مصر وحتي تنتقل السلطة بشكل سلس ..
وربما كان مبدأ الفوضي الخلاقة ايضا مسيطرا علي المشهد واتهم البعض هذه المظاهرات انها من احدي جوانب الفوضي الخلاقة التي ستقع بالبلاد الي هوة عميقة ودمار كامل.
رغم اني ضد المظام الحاكم الي اني ضد ايضا اهانة رمز حاكم بهذه الشتائم والعبارات الغير لائقة والتي تهين مصر ايضا وتجعل من السهل في اي وقت ان نقفز فوق الحاكم ونخلعه لمجرد عدم تطبيق البرنامج بشكل كامل حتي مع الرؤساء القادمين وهذا سيشكل كارثة وكاننا نلقي بالدستور والقوانين عرض الحائط ..الثورة دون تخريب هي الحل الكامل
قطع السبل :
ان كارثة قطع الاتصالات والانترنت التي حدثت كانت من اسوأ ما شاهدنا في هذا المشهد..وكانت اعنف سبل النظام الحاكم للرد علي الشعب وكان تصرفا غير حكيم بالمرة ولم يحدث في اي مظاهرة او ثورة منذ ظهور الانترنت اصلا ان قطع حاكم عن شعبه الاتصالات كاملا لانهم قاموا بثورة
ان في الولايات المتحدة يظهر المصطلح الشهير freedom of information act "foia" ليعطي الحق للحصول علي المعلومات بشكل كامل حتي من الهيئات الحكومية وغيره في شفافية كاملة فما بالكم بما حدث في مصر من قطع المعلومات حتي تماما من علي الانترنت والاتصالات وقطع خدمة الهواتف لوقف تداول المعلومات بشكل كامل وهي خطوة كارثية من النظام الحاكم ضد الشعب اسائت بشك كبير اليه وشككت في مصداقيته اكثر وخلفت ورائها العديد من الجرائم دون ابلاغ وغيره ..
ممثلي الشعب :
يتحدث الكثيرون من التظاهرين انهم ممثلي الشعب وانا رغم اني معارض الا اني اقول بثقة "لا" ..فمن العدل ايضا ان تعرفوا اولا من يؤيد الرئيس حتي ولو كانوا لا ينتمون لاحزاب او يتحدثون بالفطرة ولكنهم مقتنعين به وهم بالملايين في مصر..نعم هي ليست مفاجاة في مصر ان اقول ان مؤيدين الرئيس بالملايين فعلا حتي وان كانوا يرون فيه الاستقرار والامان فقط ..والكثير من الناس تحدثت انهم ليسوا ممثلي الشعب من تظاهروا لان عدد مليون او 2 مليون من وسط 85 مليون هو عدد هش للغاية ولا يمثل اي اتجاه..حتي وان كنت انا من هذه الملايين المعارضة ..
ظهرة ايضا في المظاهرة العديد من المتاجرين بالقضية والذين يكسبون ارضية اكبر لانفسهم من فنانين وخلافه وانا اتحدث عن البعض وليس الكل لان العديد منهم كثيرا ما كان يشكر في الرئيس باستمرار وفجأة وجدته في المظاهرات ليكسب ارضية اكبر لنفسه ويستغل المشهد السياسي بذكاء لنفسه وفعلا لا تعليق علي هذه الفئة التي تسير مع اي موجة تحقق لها الشهرة فقط.
خلاصة الموضوع
اني كنت اشجع هذه الثورة ولكن ما حدث بعضها من تعنت جعلني ايضا لا استريح كثيرا لما يحدث وجعلني اشعر ببعض المطامع من شخصيات كنت اظنها خائفة فعلا علي مستقبل مصر مثل بعض الشخصيات في ائتلاف المعارضة والذي اظهر انشقاقات واختلافات ايضا..وعرفت معني كلمة "المتاجرة" وعرفت معني كلمة "قلبي ينزف دما" وعرفت بشدة معني كلمة "الامن والامان" وكيف ان فقدانهم والتعود علي صوت المدافع الرشاشة والقنابل هو كارثة كبري وعرفت ايضا ان المجرمين لا تأخذكم بهم شفقة ولا رحمة وكنت اسمع هذه الكلمة من وكيل النيابة واظنها عنيفة ولكنها فعلا لابد ان تطبق علي هؤلاء المجرمين الهاربين من السجون الذين روعوا الامنين في بيوتهم وسرقوا وقتلوا بكل كفر وكل ضغينة وكانهم اسرائيلين او اكثر شرا ..هؤلاء الكفرة لم يرحموا بكاء الاطفال وخرجوا بكل حقد وغل منالامنين في بيوتهم ليضربوهم ويخيفوا كل اسرة مصرية والان اظن ان حكم الاعدام غير كافي وعلي كل من يسرق ان نطبق ايضا عليه مبدا قطع يد السارق لانه فعلا مبدأ محمود لان السارق يتحول فعلا لقاتل وهذا مارايناه من الجرمين الهاربين عندما حملوا الاسلحة والرشاشات ..اعدموهم يرحمكم الله..
وبارك الله الثورة ونجاحها حتي ولو اخذنا عليها مأخذ عدة .
2 comments:
من في الميدان هم الشعب وليسوا الاخوان المسلمين ولا غيرهم وان كان عندك شك فاذهب الى الميدان
تحليل جميل وعاقل للموقف
Post a Comment