Friday, June 3, 2011

وثالثهما "محروسة"..قصة قصيرة







قد تكون احداث هذه القصة حقيقية او شبه حقيقية وقد تكون ما لا يتمناه أحد وقد تكون أمنية للمتعصبين !


في ليلة عصيبة لم يكن يتمناها ولم يرسم ملامحها الا الشيطان وقف أحمد يفتدي "جاكلين" بحياته مرددا نفس الكلمات وهو يرتعش : هي عملتلك ايه يا اخي ؟ ارحمنا..ده ربنا رحيم !
لم يكن "حسين" يستوعب هذه الكلمات وكل ما كان يعرفه هو لغة "مدفعه الرشاش" ولا يريح اعصابه الا مشهد "الدم" ولا يتناول اي مخدر الا "افيون التعصب" .
رد عليه حسين بقسوة : ازاي عملتلي ايه يا احمد ؟؟ يا اخي إسأل نفسك عملتلك انت ايه ؟؟ دي سحرالك يا غبي..ازاي تحب واحدة زي دي؟؟ انت مش عارف دي تبقي ايه ؟
أحمد : تبقي ايه ؟؟ تبقي مصرية زي وزيك
حسين: اعوذ بالله متقولش زي ابدا ..دي من طينة تانية..دي من طينة الشيطان
احمد: اعوذ بالله من امثالك يا اخي ..اقتلني انا لكن مش هتقتلها ..دي مراتي وانا اموت وانا بحميها واموت شهيد علي ايدك
حسين: شهيد؟؟ انت تموت شهيد ؟؟ انت مش شايف انت متجوز مين؟؟ انت كافر يا احمد..كافر زيها
احمد: انتوا اللي كفرة يا اخي كفرة بالانسانية كمان كفرة بلغة الحوار كفرة بحاجات كتير غير الدين
حسين: بقولك ابعد عنها لان خلاص الامر وجب ولازم يتنفذ ولازم انقذك من سحر الغجرية القذرة دي
احمد: اضرب رصاصك انا هافضل واقف كده ومش هتحرك خطوة واحدة
حسين "يدفعه بعنف" : بقولك اوعي ........


صوت رصاص يملأ الغرفة وتسقط "جاكلين" علي الأرض لتعطر دمائها مسام الغرفة ويقف أحمد مشلولا تماما من المشهد أمامه وتتحرك شفاهه بدون ان ينطق كلمة وترتعش يداه امام مشهد الدم القاسي كبرودة تلك الليلة ويسقط علي الارض ويمسك بيديه تلك الدماء الذكية ويقول "مش هتموتي يا جاكلين"
وترد عليه في اخر انفاسها "المهم هي..المهم هي..دي زي امي انا كمان"
كانت تشير باصابعها الي سيدة كبيرة عجوز ترقد فوق سرير يعطر جنباته بعض الورد الاحمر وتسمي "محروسة" كانت هي أم احمد وتسكن معهم في نفس البيت .
كانت "جاكلين" تشير في اخر انفاسها باصابعها الملونة بدماء التعصب الي "محروسة" وتقول "المهم هي..المهم تلحقها"

جري احمد بسرعة وهو متردد بين زوجته التي تموت علي الارض وبين "محروسة" التي اصيبت بنوبة قلبية علي سريرها من المشهد ومن خوفها من صوت المدفع لأنها لم تتعود الا علي لغة الامان طوال عمرها.
أحمد : أمي ردي عليا.. انتي كويسة ؟ عاجبك كده يا اخي منك لله ربنا ينتقم لي منك ومن امثالك
حسين: انا بطهر البلد
أحمد: انت شايف ده تطهير؟ انت لا يمكن تكون انسان..ده الحيوان بيقتل بس عشان ياكل انت بتقتل عشان تتسلي بافكار ولا انت فاهمها اصلا
حسين: انا ماشي ورايح اكمل مشواري..وربنا يعينك علي نفسك
احمد: مسيري هاخد تاري منك وهانتقم منك في يوم

خرج حسين من شقة "أحمد" وكانت المفاجأة حينما وجد العشرات يجرون بسرعة الي مكان صوت الرصاص ووجودوا حسين بمدفعه وعرفوا انه هنا لقتل جاكلين..وكانوا من اهالي "جاكلين" في المنطقة نفسها وبدأ صوت الرصاص ينطلق في كل مكان من حسين القاتل ومن اهالي جاكلين وكانت حالة "محروسة" تزداد سوءا ويقترب منها شبح الموت في كل لحظة

أحمد: امي اسمعي صوتي انا بس..سيبك منهم كلهم..اسمعي صوتي انا بس..انا مش منهم كلهم متسيبينيش يا امي انا هاضيع من بعدك..اوعي تسيبيني يا امي
امسكي يا امي ..خدي المصحف ده حطيه علي صدرك انا هاكلم كل الاطباء ييجوا يعالجوكي حالا لازم تعيشي..
محروسة: هات ده كمان اللي علي صدر جاكلين

جري احمد بسرعة لينفذ امر "محروسة" واخذ الصليب من علي صدر "جاكلين" واعطاها اياها وامسكته في حب ووضعته مع المصحف فوق صدرها لتأخذ نفس هادئ وكأنها تودع الحياة وتفارقها بابتسامة
مطمئنة راضية طالما امسكت الاثنين معا

أحمد: انا هاقفل الازاز يا امي لان صوت الرصاص عالي جدا برة ..ميهمكيش منهم يا امي انا باقي معاكي ..دي ليلة صعبة وهتعدي بس انتي استريحي واسندي راسك هنا علي ما الدكتور يوصل ومعاه كل اللازم

وقف احمد ينتظر الطبيب لمدة طويلة ولم يصل لان الحي كله اصبح في لهب التعصب وبدأ صوت المدافع والقنابل في كل مكان ولم يستطيع الطبيب مغادرة مكانه ليصل الي احمد لانها كانت اشبه بموقعة حربية كاملة في المنطقة
حتي وقف يصيح في المنطقة باكملها : كفاااااية يا كفرة..محروسة امي بتموت..كفاااية يا كفرة..محروسة بتموت

وقفت "محروسة" في تلك اللحظة تسند بصعوبة علي بعض الكراسي في الغرفة وتنظر من الشباك مع احمد لتري مشهد احتراق كنيسة واحتراق مسجد وتسمع صوت اذان من بعيد واجراس كنائس في كل مكان وكأنها حرب تدور رحاها في كل مكان بين المتعصبين الجهلة بينما يقف باقي الناس يحاولون التهدئة

وكان المشهد الاخير حينما مدت "محروسة" يداها الي حبوب او مهدئات كانت تتناولها جاكلين دائما وبينما كان احمد ينادي بأعلي صوت كانت "محروسة" تتناول كل علبة الدواء وبعد فترة قصيرة لم يجد احمد حينما التقت ورائه الي "محروسة" تسقط علي الارض وفوقها بعض الحبوب وسقط الصليب والمصحف علي الارض بجوار بعضهما البعض وفوقهما دماء جاكلين من جهة ويد "محروسة" الممدودة من جهة وكانت صرخة احمد التي تجاوزت حدود المنطقة بالكامل حتي توقف صوت اطلاق النار وبدأ الجميع يستمع الي الصرخة بخوف وترقب

كان الجميع ينظر الي الشباك حتي خرج اليهم "احمد" ممسكا ب "محروسة" ويقول : ذنبها في رقبتكم يا كلاب ..ذنبها في رقبتكم يا كفرة كلكوا.."محروسة" ماتت ومحدش هيرحم حد..ومحدش هيرحمنا..
خلاص كلنا هنضيع..كلنا هنضيع..كملوا واقتلوا بعض ..خلاص بعد المحروسة ما ماتت مين لينا؟ مين لينا ؟؟؟

ومن فضل الله تعالي ان جميع اشخاص القصة تلك ليست حقيقية ولكنها مجرد رمز لقضية اخطر وشئ نريد جميعا ان نتجنبه ونتحاشاه ونحمي مصر من شروره وهي شبح الفتنة والتعصب
وكانت "جاكلين" زوجة مسيحية
و"أحمد" الزوج المسلم وصوت العقل
و"حسين" رمز للتعصب
"الجيران" هم وقود الفتنة وبعض المتعصبين الاخرين
و"محروسة" هي مصر

فلن نجعل من تلك القصة حقيقة ابدا وستعيش المحروسة دائما خالدة رافعة رأسها لا تفتح شباكها الا لتري مسلم ومسيحي يزرعون معا الورود ويقبلون ارض مصر
ولن تنظر من الشباك الا لتري الحب والامان ومستقبلها الاخضر القادم وتعيش دائما بايدي واثقة وفي امان دائم وحياة اكرم واطهر ومستقبل مزهر قادم.
لن تسقط ابدا" محروسة"
ستعيش الي ابد الحياة "المحروسة".

1 comment:

Anonymous said...

شئ عظيم جدا يا استاذ معتز
وان شاء الله للابد محروسة يا مصر
محمد سليمان